سجلت معدلات التضخم في تونس إرتفاعاً حاداً مع نهاية مارس نتيجة إلتهاب الأسعار في الآونة الأخيرة.


تونس: تسجل أسعار العديد من السلع في مختلف المدن التونسية إرتفاعاً حاداً في الآونة الأخيرة بالرغم من بعض المحاولات الجادة من حكومة الترويكا ولكنها لم تكن كافية لوضع حدّ لهذا الإرتفاع الكبير في الأسعار.

ومن خلال بيان المعهد الوطني للإحصاء فقد سجل مؤشر الإستهلاك العائلي في آخر شهر مارس 2012 نسبة تضخم مرتفعة حيث بلغت 5.4% مقابل 5.7% في آخر شهر فبراير 2012 و يعود ذلك أساسا إلى الإرتفاع الحاصل في أسعار معظم المواد و أساسا المواد الغذائية التي ارتفعت أسعارها بنسبة 7.5% و أسعار الملابس و الأحذية بنسبة 7.1% و المطاعم و النزل بنسبة 7.3% والسكن و الطاقة المنزلية بنسبة 3.9%.

أسعار الخضروات الطازجة ارتفعت خلال شهر مارس الماضي بنسبة 3.3%، والفواكه بنسبة 0.7%، والأسماك الطازجة بنسبة 0.4%. وتم أيضا تسجيل إرتفاع أسعار السكن والطاقة المنزلية بنسبة 3.9%، والأثاث والتجهيز المنزلي بنسبة 5.9%.

أما بخصوص التغيير الشهري لمؤشر أسعار الإستهلاك العائلي في آخر شهر مارس 2012 مقارنة بآخر شهر فبراير 2012 فقد سجل انخفاضا بنسبة 0.1% . ويعزى هذا التراجع بالأساس إلى انخفاض مستوى مؤشر مجموعة التغذية و المشروبات بنسبة 0.6% نتيجة انخفاض أسعار البيض بنسبة 11.2% و لحم الضأن بنسبة 5.7% و الدواجن 3% و لحم البقر 1.3% و الزيوت الغذائية 0.5% في المقابل تواصل ارتفاع أسعار الخضر الطازجة بنسبة 3.3% و الغلال الطازجة 0.7% والأسماك الطازجة بنسبة 0.4% كما شهدت مجموعة الترفيه و الثقافة تراجعا طفيفا بنسبة 0.2% نتيجة تراجع أسعار الأجهزة السمعية البصرية و الإعلامية بنسبة 0.7%.

من جهة ثانية فقد بلغ حجم المبادلات التجارية التونسية مع الخارج بالأسعار الجارية خلال الشهرين الأولين من عام 2012 ما قيمته 4095 مليون دينارا عند التصدير و 5727.8 مليون دينارا عند التوريد . وسجلت المبادلات التجارية ارتفاعا بنسبة 10.7% على مستوى الصادرات وبنسبة 25.3% على مستوى الواردات مقارنة مع العام الماضي 2011 و بالتالي فقد تم تقدير نسبة تغطية الواردات بالصادرات بنسبة 71.5% مسجلة بذلك تراجعا بـ 9.4 نقطة مقارنة بنفس الفترة من عام 2011 كما تفاقم العجز التجاري بـ 761.1 مليون دينار مقارنة بنفس الفترة من سنة 2011 ليصبح في حدود 1632.8 مليون دينار.

ويرجع النمو الحاصل في الصادرات خلال الشهرين الأولين من السنة الجارية 2012 مقارنة بنفس الفترة من 2011 إلى ارتفاع صادرات معظم القطاعات و بالخصوص الإرتفاع الملحوظ لصادرات قطاع الطاقة بنسبة 18% نتيجة التحسن المسجل في شهر فبراير 2012 بعد المستوى الضعيف الذي شهده هذا القطاع في شهر جانفي 2012 ( 85.6 مليون دينار فقط مقابل 497.2 مليون دينار ) . من جهة ثانية تبقى صادرات الفسفاط و صادراته في تراجع كبير بلغ نسبة 41.9% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2011 بالرغم التحسن المسجل خلال جانفي 2012.

أما على مستوى الواردات فإن الزيادة المسجلة في هذه الفترة و التي بلغت نسبة 25.3% وقد فسر المعهد الوطني للإحصاء هذه الزيادة بالإرتفاع الواضح في واردات جميع القطاعات وخاصة المنتوجات المعدنية والفسفاطية بنسبة 17.87% والتي كانت في حدود 3.1% خلال سنة 2011 و المواد الأولوية و النصف المصنعة بنسبة 20.9% و لم تتعد في 2011 نسبة 0.7% و مواد التجهيز بنسبة 22.3% وكانت سلبية في 2011 (10% سلبي)وتعتبر هذه النسب بوادر تحسن للإنتاج والإستثمار في المرحلة القادمة.

الخبير الإقتصادي الأستاذ بالجامعة التونسية د. محمد الفريوي بين في إفادته لـquot;إيلافquot; أنّ التضخم الحاصل في آخر شهر مارس الماضي يعود أساسا إلى الإرتفاع الكبير الذي شهدته أسعار العديد من المواد في العديد من القطاعات بسبب الوضع الإجتماعي السائد في البلاد حيث مازلنا نعاني من العديد من الإنفلاتات في العديد من المجالات حيث تقل المراقبة الإقتصادية بالرغم من ما أعلنت عليه الحكومة في الفترة الأخيرة و لكن ما من شيء يلاحظه المواطن الذي يجد صعوبة كبيرة في توفير مستلزمات قوته اليومي خاصة بالنسبة للخضر و الغلال التي شهدت ارتفاعا غير مسبوق وذلك بفعل استغلال التجار للوضع السائد و قلة عمليات المراقبة و ضعف نجاعتها للترفيع في أسعار الخضر و الغلال و اللحوم لتسجيل أرباح كبيرة.

عمليات التهريب هي الأخرى زادت الطين بلّة وكانت أحد أسباب الإرتفاع الكبير في الأسعار والذي كان وراء التضخم الحاصل في الأشهر الأخيرة بالرغم من تسجيل انخفاض بسيط في آخر شهر مارس مقارنة بشهر فبراير بنسبة 0.3%.

الفريوي يؤكد أنّه بالرغم من الإرتفاع الحاصل في الأسعار فقد كان تدخل الحكومة ناجعا خاصة لتخفيض لحوم الدجاج والبيض بينما تبقى أسعار العديد من المواد الأخرى و خاصة الخضر و الغلال لا تبارح مكانها.

الفريوي أضاف أنّ الوضع الحالي بما هو عليه من ارتفاع للأسعار يعتبر طبيعيا نتيجة الأوضاع الإجتماعية والسياسية التي لم تشهد الإستقرار الذي يجعل الحكومة تقوم بدورها كاملا في عملية المراقبة من أجل إيقاف الإنفلات الحاصل لدى بعض التجار الذين يستغلون الوضع الحالي و يرفعون في الأسعار غير عابئين بالمقدرة الشرائية للمواطن.