العاصمة التونسية

تخسر الخزينة التونسية سنوياً نحو 15 ألف مليون دينار ما يعادل 10.34 مليارات دولار بسبب التهرب الضريبي، وهو ما يمثل 50 بالمائة من جملة دخل الجباية والتي تعتمد أساساً على الجمارك والقيمة المضافة وعلى دخل الأشخاص الطبيعيين وعلى الشركات ورسوم التسجيل والطابع الجبائي ورسوم أخرى على بعض المنتجات والنقل.


تونس: أثقلت الديون المتخلدة جرّاء التهرب الجبائي كاهل الدولة حيث عمدت 27 ألف شركة تجارية تنـاهز ديونها الجبائية 300 مليون دينـار إلى القيام بالعديد من عمليات التحايل تهرباً من دفع ديونها.

والضريبة هي انعكاس للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المجتمع الذي تفرض عليه وهي المصادر التي تستقي منها الدولة الأموال الضرورية لسداد نفقاتها العامة والوسيلة المالية التي تستخدمها السلطات العامة لتحقيق أغراضها وجمع مواردها المتأتية بالأساس من الإيرادات غير الجبائية، والديون الخارجية والإيرادات الجبائية.

الغش الضريبي

في حديث خص به إيلاف يفيد الأستاذ كارم الأندلسي خبير إقتصادي ومالي مختص في الجباية أن التهرب الضريبي يتمثل في سعي المكلف إلى التخلص الكلي أو الجزئي من إلتزامه القانوني بدفع الضريبة المستحقة عليه مستعيناً في ذلك بالوسائل المختلفة غير المشروعة قانوناً، وهو ما يسميه البعض بالغش الضريبي نظراً لاعتماده على طرق إحتيالية مخالفة للقوانين المعمول بها.

ويضيف محدثنا أن بعض أصحاب الشركات يعمدون إلى استغلال الثغرات الموجودة في القانون الجبائي وهي من بين الأساليب التي لا يعاقب عليها القانون لأن المكلف يتهرب من دفع الضريبة دون ارتكاب أي خطأ يوجب العقاب وهو تصرف يأتيه معظم أصحاب الشركات الذين يتفننون في البحث عن الثغرات القانونية والتشريعية للخروج بأخف الأضرار دون مراقبة أو محاسبة.

ويقول الخبير إن هذه التصرفات من شأنها أن تزيد في حدة الخسائر التي تعانيها البلاد خاصة بعد الإنكماش الاقتصادي الذي بلغ نسبة 1.8% السنة الماضية نتيجة الإضطرابات التي صاحبت الثورة والتي تسببت بغلق مئات الشركات وتسريح عمالها ما ساهم في ارتفاع عدد العاطلين عن العمل إلى أكثر من 800 ألف.

ويؤكد أن التهرب الضريبي يعتبر عنصراً من عناصر تدهور الإقتصاد والمؤسسة على حد سواء فالمؤسسة التي يثبت إدانتها في هذه المسألة تدفع أموالاً طائلة كغرامات على ارتكابها لهذا الفعل الذي جرمه القانون خاصة لدى المؤسسات التي تعتبر أرباحها أساس مواردها الأولية علماً أن معظم المؤسسات تعاني حالياً التدهور بسبب الإعتصامات والإضطرابات الاقتصادية.

ويقول الخبير إن أهم المآخذ على النظام الجبائي التونسي أنه ما زال يتسم ببنية جبائية إزدواجية وأنه يتميز عموماً بتضخم وتعقد وغموض النصوص، بالإضافة إلى الصلاحيات الإستثنائية التي يمنحها للإدارة الجبائية، و هو ما يتعارض حقيقة مع متطلبات الحوكمة الرشيدة التي تقتضي مناخاً خاصاً.

الإصلاح الجبائي

قال الأستاذ كارم الأندلسي إن الأستـاذ سهيـل قـدور عضو المركز التونسي لحوكمة الشركات أنجز مؤخراً دراسة حول المأمول من الإصلاح الجبائي وما الذي يجب أن يتغير بعد الثورة قدم فيهاتصورات حول المشروع الإصلاحي في تونس تنبني على اعتماد سياسة تشريعية تقوم على الحوار والتشاور وذلك بإسهام وإشراك مختلف مكونات المجتمع المدني والقطاع الخاص وأصحاب الإختصاص وكل الخبراء الاقتصاديين بصورة دائمة وفعلية في صياغة التوجهات الجبائية للبلاد وإعداد مشاريع النصوص القانونية وإعداد المشرعين من خلال دورات تدريبية مختصة لأعضاء اللجان التشريعية وإن اقتضى الأمر القيام بزيارات لدول أخرى قصد الإطلاع على تجاربها.

علاوة على تكريس عدالة جبائية حقيقية دون الإضرار بمردودية المنظومة الجبائية من خلال عقلنة الضغط الجبائي وذلك بتقليل أنواع الأداء الضريبي وتعديل نسب الأداء وتوسيع وعاء الضريبة وتقليص مجال الأنظمة الجبائية التفاضلية وتحسين صياغة النصوص الجبائية من خلال بعث اختصاصات جامعية تعنى بتدريس علوم تحرير وصياغة النصوص القانونية.

وقال الخبير الإقتصادي إنه من الضروري إدخال تغييرات على الصعيد الإداري والحرص على نزاهة وشفافية وكفاءة إدارة الجباية من خلال الإعداد المستمر والبرامج التدريبية والرقابة المتواصلة والتحفيز المالي ونشر المعلومة الجبائية على أوسع نطاق ممكن.