هدد وزير النفط الإيراني رستم قاسمي في دبي بوقف صادرات ايران من النفط الخام إذا ما فرض الغرب عليها عقوبات جديدة، على هامش مؤتمر حول الطاقة في دبي، قائلاً quot;إذا ما استمريتم في زيادة العقوبات، سنوقف صادراتنا إلى الخارجquot;.


لميس فرحات: هذا التحذير كان يخفي تهديداً مبطناً بأن حجب النفط الإيراني عن السوق سيؤدي إلى زيادة هائلة في الأسعار، بهدف ترهيب السوق البترولية الدولية، وتذكير العالم بإمكانية أن تعيث إيران فساداً بالاقتصاد العالمي.

لكن التهديد الذي أدلى به قاسمي، في المنتدى العالمي للطاقة في دبي، لم يؤد إلى أية نتيجة تذكر، بل أدى إلى نتيجة عكسية. وفي انعكاس محتمل لتآكل النفوذ الإيراني بشكل حاد في السوق، انخفضت أسعار النفط الى أدنى مستوياتها في ثلاثة أشهر.

إيران تمتلك رابع أكبر احتياطيات النفط في العالم، وكانت ثاني أكبر دولة مصدرة للنفط بعد المملكة العربية السعودية. لكن العقوبات الأميركية والأوروبية خلال العام الماضي قيّدت قدرتها على إنتاج وبيع وتصدير النفط.

وذكرت وكالة الطاقة الدولية خلال هذا الشهر أن إنتاج إيران اليومي من النفط انخفض إلى أدنى مستوياته منذ نحو 25 عامًا إلى 860.000 برميل يوميًا، مقارنة بـ2.2 مليون برميل في اليوم في نهاية عام 2011. لكن إيران شككت بهذه الأرقام.

في الوقت عينه، اعترف مسؤولون إيرانيون بأن العقوبات الغربية أدت إلى أضرار كبيرة في اقتصاد البلاد. ويقول الخبراء إن هبوط العملة الوطنية، إلى جانب مؤشرات مقلقة أخرى، تجعل الاقتصاد الإيراني يشهد المزيد من التدهور. يشار إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يسعيان إلى فرض المزيد من العقوبات على ايران.

وقال قاسمي ان ايران لديها خطط طوارئ من أجل البقاء من دون أية عائدات نفطية في حال تم فرض المزيد من العقوبات. وتهدف العقوبات إلى الضغط على إيران لتعليق برنامج تخصيب اليورانيوم الذي تشتبه الدول الغربية في أنه سيمكّن ايران من صنع أسلحة نووية.

quot;في حال تم فرض المزيد من العقوبات سوف نقطع صادراتنا النفطية إلى العالم. نأمل ألا يحدث هذا، لأن المواطنين سيعانون، ونحن لا نريد أن نرى المواطنين في أوروبا والولايات المتحدة يعانونquot; قال قاسمي.

وفي الوقت الذي تشتد فيه وطأة العقوبات الغربية على ايران، التي تعجز عن تصدير نفطها، تسعى طهرن إلى التحول من قوة نووية إلى قوة من الغاز الطبيعي.

وفقا لأحدث الأرقام الصادرة، تملك ايران ثاني أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا، ففي عام 2011 أصبحت طهران رائدة عالمياً في صناعة السيارات، التي تعمل بالغاز الطبيعي، مع نحو 2.9 مليون دولار سيارة، متفوقة بفارق ضئيل على باكستان، تليها الأرجنتين والبرازيل والهند، على التوالي.

ومن المرجح أن يزداد اعتماد ايران على الوقود الأحفوري الأنظف في الوقت الذي تتواصل فيه العقوبات الدولية بإلقاء ثقلها على الاقتصاد الايراني.

بدأت الحكومة الايرانية بتعزيز انتاجها للغاز الطبيعي منذ حوالى عقد من الزمان، ليس فقط رداً على العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة، بل بسبب الضباب الدخاني الأصفر الملوّث، الذي يكاد يبتلع العاصمة طهران، وسكانها الذين يبلغ عددهم 12 مليون نسمة.

وارتفعت مبيعات السيارات المحلية في ايران، مثل شركات إيران خودرو وسايبا، التي شهدت ارتفاعاً مذهلاً في نشاطها، منذ أن بدأت العائدات النفطية بالارتفاع منذ 15 عامًا، فأصبحت تجارة السيارات مجالاً اقتصادياً أثرى عشرات الملايين من الإيرانيين.
واكتظت الشوارع الايرانية بالسيارات، وازداد التلوث الهوائي في العاصمة، فوجدت الحكومة نفسها مضطرة للتعامل مع هذا التلوث، فكان الغاز الطبيعي هو الحل.

وكوسيلة لمواجهة الضغوط الاقتصادية الخارجية، تبدو فائدة الغاز الطبيعي واضحة، فبسبب عدم كفاية الاستثمار في مصافي النفط، اضطرت إيران منذ فترة طويلة لتكرير جزء من الخام في المصافي الأوروبية لتلبية الطلب المحلي المتزايد على البنزين. وعندما قرر الاتحاد الاوروبي وقف تصدير البنزين إلى البلاد في يوليو/ تموز الماضي، ساعد الغاز الطبيعي على التخفيف من حدة هذه الضربة التي تلقتها ايران.