أكد رجب طيب أردوغان، في مؤتمر صحفي مشترك مع فلاديمير بوتين، استمرار تركيا في مقايضة النفط الإيراني بالذهب، بينما ترفض الصين الالتزام بالعقوبات الأميركية أحادية الجانب على إيران، في ما يبدو أنها ثغرات في سياسة التضييق الاقتصادي على طهران بسبب برنامجها النووي.
لندن: أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن تركيا ستواصل شراء الغاز من إيران، على الرغم من امكانية تشديد العقوبات الاميركية عليها، مشيرًا إلى أن هذه الاجراءات لن يكون لها تأثير يُذكر على تجارة الذهب مقابل الغاز بين البلدين.
وكان مجلس الشيوخ الاميركي وافق بأغلبية ساحقة على توسيع العقوبات ضد قطاعي الطاقة والنقل البحري في إيران، في إجراء يشكل أحدث محاولة اميركية لتشديد الضغط الاقتصادي على طهران بسبب برنامجها النووي. وتشمل العقوبات الجديدة، وهي الثالثة في غضون عام واحد، اجراءات تهدف إلى وقف تدفق الذهب من تركيا إلى إيران مقابل امدادات من الطاقة. وقال أردوغان إن امدادات الغاز الإيراني ذات اهمية حيوية لتركيا، التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على استيراد الطاقة، وتجد صعوبة في تنويع مصادر التجهيز، وإن أنقرة ابلغت الجهات ذات العلاقة باستمرار هذه التجارة.
بالليرة التركية
أعلن أردوغان في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الروسي فلايمير بوتين أمس الاثنين أن تركيا كانت دائمًا تبلغ المسؤولين الاميركيين بأن quot;القضية ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لنا ولا يمكن أن نلتزم بالعقوباتquot;. أضاف: quot;نحن الآن عند النقطة نفسها، إذ أبلغناهم بأننا سنجري المقايضة اللازمة لأنه منتج استراتيجي وسنستمر في هذا الاتجاه في المستقبلquot;.
ومن المرجح أن تتخطى تركيا بريطانيا بوصفها ثالث اكبر مستهلك للطاقة الكهربائية في اوروبا خلال السنوات العشر المقبلة، وهي تنتج غالبية طاقتها الكهربائية باستخدام الغاز في تشغيل محطات التوليد. وتزيد مشتريات تركيا على 90 في المئة من صادرات الغاز الإيرانية، فيما تستورد تركمانستان نحو 10 في المئة.
وتحظر العقوبات الاميركية والاوروبية تسديد ثمن الصادرات الإيرانية بالدولار أو اليورو، لذا تتسلم إيران ثمن صادراتها إلى تركيا بالليرة التركية ذات القيمة المحدودة، حين يتعلق الأمر بشراء بضائع في الأسواق العالمية، لكنها العملة المثلى لشراء الذهب في تركيا نفسها.
وقال علي باباجان، نائب رئيس الوزراء التركي، إن الليرات التركية التي تسلمتها إيران مقابل الغاز تتحول إلى ذهب، لأنّ العقوبات تجعل من المتعذر تحويلها مباشرة إلى إيران.
إعفاءات تنتهي قريبًا
تستورد تركيا النفط من إيران، لكن النفط استُثني من العقوبات مقابل اجراء تخفيضات كبيرة في الكميات المستوردة. ولم تعلق ادارة اوباما علنًا على العقوبات الجديدة التي اقترحها الكونغرس، لكنها أعربت في مجالس خاصة عن خشيتها من أن العقوبات لا توفر quot;مرونة استثناءquot; كافية، بحسب كارل ليفن، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، علمًا أن العقوبات السارية حاليًا ألحقت أضرارًا كبيرة بالاقتصاد الإيراني، لكن لا يُعرف ما إذا كان اتخاذ اجراءات اضافية سيوقف برنامج إيران النووي أو يعطله. وتقول واشنطن إن إيران تخصب اليورانيوم إلى مستويات تتيح استخدامه لانتاج اسلحة نووية، بينما تؤكد إيران أن برنامجها ذات أغراض سلمية.
وقال مسؤولون أميركيون إن سبعة بلدان مستثناة من العقوبات التي تستهدف قطاع الطاقة الإيراني ظلت ملتزمة بالبحث عن بدائل.
وكانت الهند وتركيا وكوريا الجنوبية وسريلانكا وتايوان وماليزيا وجنوب افريقيا أُعفيت الصيف الماضي من الالتزام بالعقوبات الاميركية التي تستهدف قطاع الطاقة الإيراني، بعد أن خفضت هذه البلدان استيراد النفط من إيران.
لكن مفعول هذا الاعفاء ينتهي يوم السبت المقبل، وأكد مسؤولون أميركيون لموقع بلومبرغ نيوز إن البلدان السبعة أبدت التزامًا مستمرًا بالابتعاد عن النفط الإيراني، مشيرين إلى أن القرار النهائي بشأن تمديد الاعفاء ستتخذه وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون. وحين تؤمن البلدان السبعة اعفاءها من الالتزام بالعقوبات، ستركز جهودها لضمان 180 يومًا آخر من تمديد الاعفاء.
ارتفاع الانتاج الإيراني
كانت الدول العشرون التي تستورد النفط الخام من إيران اوقفت شراءه من طهران، مع اشتداد وطأة العقوبات. وقالت وكالة الطاقة الدولية إن صادرات إيران النفطية ارتفعت على الرغم من ذلك من مليون برميل يوميًا في تموز (يوليو) الماضي إلى 1.3 مليون برميل يوميًا في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي. واعلن وزير النفط الإيراني رستم قاسمي أن إيران قادرة على انتاج 4 ملايين برميل نفط و2.1 تريليون قدم مكعب من الغاز يوميًا.
وشهد هذا العام انهيار العملة الإيرانية لأسباب عدة، منها وطأة العقوبات. وجاء هبوط قيمة العملة مقترنًا بهبوط أسعار النفط، بسبب وضع الاقتصاد العالمي من بين عوامل أخرى.
وأدت عقوبات الاتحاد الاوروبي في قطاع التأمين إلى شح في عدد السفن التي تشحن النفط الإيراني، واجبرت الصين وكوريا الجنوبية والهند على الاعتماد على اسطول النقل البحري الإيراني. لكن هذا الاسطول أصغر من أن يواكب حجم الطلب، لذا تعيّن على العديد من المستوردين خفض مشترياتهم من النفط الإيراني، شاؤوا أم أبوا.
الصين تعارض الآحادية
أعربت الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، مرارًا عن معارضتها العقوبات الاحادية التي فرضتها الولايات المتحدة، مؤكدة على وجوب أن تتخذ الاجراءات باتفاق متعدد الأطراف وبموافقة من مجلس الأمن الدولي. لكن مستوردات الصين النفطية هبطت في الشهر الماضي بسبب الصعوبة التي واجهت الناقلات الإيرانية حتى في شحن الكميات المخفَّضة التي تشتريها البلدان المستوردة. وكانت الصين خفضت مشترياتها في وقت سابق من العام بمقدار النصف بعد المساومات التي جرت بينها وبين إيران حول شروط العقد السنوي.
وخفضت الصين، أكبر مستورد للنفط الإيراني وأكبر شركاء إيران التجاريين، ما تستورده من النفط الإيراني بنسبة 22.2 في المئة في الفترة الواقعة بين شهري كانون الثاني (يناير) وتشرين الأول (اكتوبر) المنصرمين إلى 424 ألف برميل في اليوم، بالمقارنة مع ما استوردته في الفترة نفسها من العام الماضي، وفق وثائق جمركية.
وتحجم المصافي الآسيوية عن خفض مشترياتها من النفط الإيراني أكثر من التخفيض الذي اجرته هذا العام، والبالغ 20 في المئة، لأنّ لدى العديد من هذه المصافي منشآت مصممة لتصنيع النفط الإيراني تحديدًا، وأن الانتقال إلى تصنيع نفط آخر سيكون تحديًا تقنيًا لبعض هذه المصافي، مع ما يترتب على ذلك من تكاليف مالية.
التعليقات