منتج سياحي جديد في تونس

من المنتظر أن يثير مصطلح quot;مصطلح السياحة الحلالquot; جدلاً واسعاً في تونس بين الليبراليين والإسلاميين، وهو ما يسمى بالمنتج السياحي الجديد الذي ظهر بعد الثورة والذي يستهدف العائلات المسلمة الملتزمة.


تونس: quot;السياحة الحلالquot; أو quot;السياحة المحافظةquot; مصطلح جديد ظهر إلى العلن بعد ثورة الحرية والكرامة، ينتظر أن يثير جدلاً واسعاً بين الليبراليين والإسلاميين، فهؤلاء يسعون لإخافة الرأي العام من برامج الإسلاميين في القطاع السياحي بينما يسعى أولئك لأجل تحقيق واقع جديد للقطاع السياحي من خلال رؤية مغايرة تأخذ في الإعتبار القدرة على تنويع المنتوج بما يوفر عائدات إضافية وفرص عمل جديدة.

quot;السياحة الحلالquot; تعرّفها منظمة السياحة العالمية التابعة لهيئة الأمم المتحدة بأنها نشاط السفر بهدف الترفيه، وتوفير الخدمات المتعلقة بهذا النشاط.

وquot;السياحة الحلالquot; هي نوع من المنتوج المقدّم لفائدة العائلات المسلمة الملتزمة، وتضمّ فنادق لا تقدِّم الكحول، وحمامات سباحة، ومرافق صحية تفصل بين الرجال والنساء، وتقدِّم صناعة السياحة الحلال أيضًا رحلات جوية لا تُقَدَّم على متنها المشروبات الكحولية أو لحوم الخنزير، وتعلن عن أوقات الصلاة، وتعرض برامج دينية ترفيهيَّة، وأماكن خاصة تتيح الفصل بين المسافرين الذكور والإناث، ولا تقتصر quot;السياحة الحلال quot; على الشواطئ والنزل، بل هناك منتوجات أخرى ومنها السياحة الرياضية والسياحة العلاجية وسياحة المؤتمرات والندوات، وسياحة المعارض والأسواق، والسياحة الصحراوية وغيرها.

وتحتل ماليزيا المرتبة الأولى في قطاع quot;السياحة الحلالquot; من بين عشر دول أعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي في توفير الخدمات الحلال للسياح المسلمين وتأتي مصر في المرتبة الثانية ثم تركيا واندونيسيا والإمارات والمغرب ومن بين الخدمات التي توفرها quot;السياحة الحلالquot; للسياح نجد المطاعم الحلال التي يغيب عنها لحم الخنزير مع توفير المساجد والفضاءات الترفيهية للعائلات.

ولا تقتصر quot;السياحة الحلالquot; على الدول الإسلامية بل تتوفر في دول أوروبية وآسيوية أخرى كسنغافورة وجنوب افريقيا والهند وسيريلانكا وجولد كوست بأستراليا ودلهي بالهند و لندن ببريطانيا وبنكوك بتايلاند وميونيخ بألمانيا وفيينا بالنمسا وذلك لفوائدها الكبيرة وعائداتها من خلال استقطاب أعداد هائلة من السياح الذين يرغبون في هذا النوع من المنتوج السياحي.

الرئيس التنفيذي لشركة الاستثمار الوطني الليبية البشير عاشور أكد خلال زيارته تونس أخيرا أنّ quot; الشركة قد توجه بعض استثماراتها للخارج خاصة الى تونس المجاورةquot;.

وأضاف: quot;إنه بالرغم من تركيز الصندوق على الاستثمار المحلي إلا أن القانون يسمح لنا بالاستثمار الخارجي، وقد يستثمر في تونسquot;.

وقال: quot;إنّ الصندوق يعتزم الاستثمار في quot;السياحة المحافظةquot; أو quot;السياحة الحلالquot; لخدمة عدد متزايد من السياح الذين يتطلعون إلى الإقامة في فنادق ومنتجعات تلتزم بالقواعد الإسلامية بما في ذلك عدم تقديم المشروبات الكحوليةquot;.

الخبير الإقتصادي محمد الفريوي أشار في إفادته لـquot;إيلافquot; أنّ quot;السياحة الحلالquot; والمقصود بذلك النزل والفنادق بدون خمر ولا لحم خنزير، أي نوعاً من السياحة التي تستقبل الجزائريين والليبيين والخليجيين وتنظم السياحة الحلال أو السياحة المحافظة في quot;البنغالوquot; أو مساكن ذات الطابق الواحد ، أكثر من النزل.

الأكيد هذا النوع من السياحة والذي يخص أساسا العائلات ستكون له فوائد كبيرة من خلال ارتفاع عدد السياح وبالتالي ارتفاع العائدات المتأتية من القطاع السياحي ففي السنوات العشر الأخيرة نجد أن السياحة المغاربية تلعب دورا مهما في القطاع السياحي التونسي حيث يصرف السائح المغاربي سواء الليبي أو الجزائري أكثر من السائح الأوروبي والآسيوي عموما بالرغم من أن تونس تدعم سياحة الكثافة أكثر من سياحة الأفراد.

وإذا كان هناك توجه فعلا نحو السياحة الحلال وهي سياحة العائلات سيكون نوعا جديدا من السياحة وإستقطاب السياح على غرار ما هو معمول به في تركيا وماليزيا والأردن والإمارات مثلا والذي يستهوي أعدادا كبيرة من السياح العائلات من ليبيا والجزائر بصفة خاصة.

الأستاذ محمد صالح الصغير النائب عن حركة النهضة في المجلس الوطني التأسيسي تحدث عن quot; السياحة الحلال quot;كمنتوج جديد في تونس فقال: quot;في نفس الوقت الذي تتوفر فيه كل ظروف الراحة وكل المرافق التي يطلبها السائح الأجنبي في مختلف النزل في بلادنا من خمر ولحم خنزير وغيره من المرافق وهذا من حقه علينا، من العدل أن نوفر كذلك نوعا آخر من المنتوج السياحي الذي يطلبه نوع آخر من السياح الذين يزورون بلادنا أو كذلك بالنسبة لشريحة من العائلات التونسية التي ترغب في هذا النوع من النزل السياحية التي تتوفر فيها ظروف معينة و مرافق معينة تتماشى مع ما يرغب فيه هؤلاء أي العائلات التونسية وكذلك العائلات القادمة من ليبيا و الجزائر التي ترفض الخمر و لحم الخنزير وعديد الظواهر الموجودة التي من حق من يريد ذلك أن يطالب بتوفيرها وعلينا أن نقبل بذلك دون إثارة وهذه هي قوة الديمقراطية في تونس الجديدة التي تفتح يديها لكل زوار و محبي بلادناquot;.

وأضاف الأستاذ الصغير مؤكدا على أهمية هذا النوع من السياحة كمنتوج جديد في حديث لـquot;إيلافquot;: quot;بما أننا نعمل حاليا بالتوافق ومن أجل التوافق في كل القطاعات و الشواغل فلا بد أن نوفر كل الظروف لكل التونسين كل حسب رغباته و كذلك بالنسبة للسياح من الأشقاء الذين يزورون تونس وحتى نعمل على تنويع منتوجنا السياحي من أجل مضاعفة أعداد السياح الذين يزورون تونس سنويا وهذا المنتوج الجديد المتمثل في quot;السياحة الحلالquot; أو السياحة المحافظة quot; بمقدوره أن يرفع عائداتنا من هذا القطاع الهام الذي يشغل عشرات الآلاف من التونسيينquot;.

وعن علاقة quot; السياحة الحلال quot; بالبرنامج الإقتصادي و الإجتماعي لحركة النهضة يقول محمد الصالح الصغير :quot; ليس هناك علاقة واضحة تربط بين برنامج حركة النهضة و السياحة الحلال حيث لم يظهر هذا المفهوم في كامل البرنامج الذي تضمن 365 فصلا ولكن هناك حديث عن السياحة المغاربية لأن سياحتنا هي سياحة المنتوج الواحد والتي قسمت البلاد عموديا إلى شقين بين مناطق مهمشة ومناطق ساحلية وهي سياحة ترتكز أساسا على منتوجين وهما البحر والشمس بينما تفتقر المناطق الداخلية لمثل هذا المنتوج السياحي فكانت خيرات هذه المناطق توظف لمجال البنية التحتية في المناطق الساحلية وبالتالي وجب تنويع المنتوج في اتجاه تشجيع منتوجات أخرى من بينها السياحة الصحية التي تستقطب بالخصوص الليبيين و الجزائريين وهو ما يعبر عنه بالسياحة المغاربية في برنامج حركة النهضة الإقتصادي والإجتماعي وهو ما يعبر عنه الليبيون بالسياحة الحلالquot;.

وأكد الأستاذ الصغير على أنّ: quot;حركة النهضة تدعو لهذا وغير هذا من أجل أن نضاعف من عدد السياح الذين يقبلون على تونس ولتحقيق ذلك علينا أن نوفر الفضاءات السياحية التي توفر كل ما يرغب فيه السائح ومن يريد أن يحتسي الخمر فمن حقه ذلك ولا يمنع في تونس أما من لا يريد ذلك فيجد له مكانا كذلك في تونس الجديدةquot;.

وعن انعكاس منتوج quot;السياحة الحلالquot; على الإقتصاد التونسي أضاف الصغير :quot; هذا أكيد لأن المنتوج الجديد سيجلب نوعا جديدا من السياح الذين سيضافون إلى العدد السابق وبالتالي هناك استفادة من كل الفئات وكسب سياحة من كل الوجهات ومن خلال هذا الإستيعاب من الطبيعي جدا أن ينعكس ذلك إيجابا على مردود القطاع السياحي التونسي ويوفر مزيدا من فرص العمل لفائدة الشباب التونسي العاطل عن العمل وخاصة أصحاب الشهائد العلياquot;.

وأضاف النائب في المجلس الوطني التأسيسي :quot;كل من يعتنق بالديمقراطية في تونس الجديدة يجب أن لا يرفض هذا الخيار ومثلما تحدثنا عن المرأة فمن أرادت أن تلبس الخمار فلهذا ذلك ومن أرادت غير ذلك فمن حقها ولا أحد يمنعهاquot;.

من ناحيته تحدث عضو المكتب التنفيذي للحزب الديمقراطي التقدمي مصباح شنيب لـquot;إيلافquot; عن quot;السياحة الحلالquot;: quot;هذا المصطلح الجديد أرى فيه إدانة ضمنية للسياحة التقليدية المتوفرة حاليا في بلادنا وأنا لا أحبذه لأنه قد يدخل البلاد في متاهات نحن في غنى عنها ، وهو مدخل لتقسيم البلاد وإحداث الفتنة ، في وقت ندعو فيه للتوافق والإنسجام في مجتمع واحد وبالتالي لا نوافق على إدخال أحكام أخلاقية مسبقة من أي كانquot;.

ويضيف شنيب: quot;عندما نقول quot;السياحة الحلالquot; أي أن هناك quot;مطاعم حلالquot; وquot;شطوط حلال quot; وغيرها بينما الأصل في الأمر الإباحة مثلما يقول الفقهاء ولا أعتقد أن اللون الموجود للسياحة التقليدية التي توفر الخمور وفيها العراء وغيره، نحن ذاهبون لإلغائهاquot;.

نحن مع كل أنواع السياحة، سياحة الشمس والبحر والثقافة والندوات وغيرها وبالتالي لا ضرر في توفر كل السياحات وأي سياحة تمكن من توفير العملة الصعبة لتونس مرحب بها وبالتالي فإن هذا النوع من السياحة الذي نوفر فيه ما يطلبه نوع معين من السياح من فنادق بدون خمور ومرافق خاصة للعائلات وغيرها قادرة على توفير أعداد كبيرة من السياح من تونس وخارجها وما يتركونه من عائدات مالية هامة تكون خير رافد للإقتصاد التونسي للنهوض وتحقيق نسب عالية من النمو.