في وقت قلّصت البنوك الأوروبية عملياتها خارج القارة للتركيز على تسوية موازناتها وتعزيز أنشطتها المالية الأساسية، توجّه المقترضون في الشرق الأوسط وآسيا نحو المستثمرين المحليين وأشكال تمويل بديلة، كما أفاد محللون، مشيرين إلى تزايد إصدار السندات الإسلامية أو الصكوك.


شهدت الأشهر الثلاثة الأولى من 2012 بيع 6 مليارات دولار من الصكوك في دول التعاون

إعداد عبد الإله مجيد: شهدت الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2012 بيع ما قيمته 6 مليارات دولار من الصكوك في الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، مقتربة من إصدارات العام 2011 بكامله، التي بلغت قيمتها الإجمالية 7.3 مليارات دولار، بحسب بيانات بنك الإمارات إن بي دي في دبي.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن إريك سواتس، رئيس إدارة الأصول في شركة رسملة للاستثمار في دبي، أن العديد من مصدري السندات الذين كان بمقدورهم جمع الأموال من بنوك أوروبية يصدرون الآن صكوكًا وسندات تقليدية. وأضاف أنهم يتوجّهون إلى أسواق الإقراض في غياب قناة التمويل الأوروبية.

وبلغت قروض البنوك الأوروبية نحو 237 مليار دولار في منطقة مجلس التعاون الخليجي خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2011، كما يبين تقرير جديد صادر من شركة موديز إنفسترز سيرفس، التي قالت إن وكالة موديز تتوقع الآن رؤية انخفاض مستمر في الإقراض في وقت يواجه مجلس التعاون الخليجي متطلبات تمويلية كبيرة.

وأشار التقرير إلى أن لدى الدول الست الأعضاء في المجلس استثمارات جارية أو مقررة تُقدر بنحو 1.8 تريليون دولار خلال السنوات الـ15 المقبلة. ويُرجح أن العربية السعودية والكويت وعُمان، التي لديها تعاملات قليلة نسبيًا مع مؤسسات الإقراض الاوروبية، لن تتأثر ماديًا بانسحاب هذه المؤسسات من المنطقة بقدر تأثر الإمارات العربية وقطر والبحرين، كما أفاد التقرير.

وكان نمو قطر المتسارع يموّل في الغالب وما زال يُموّل داخليًا من عائدات النفط والغاز عن طريق نظام مصرفي يعيد عمليًا تدوير الودائع الحكومية إلى قروض لكيانات ومتعهدين مرتبطين بالحكومة. ولكن رغم ثروة البلاد الطائلة، فإن محللين يرون أن البنوك تبقى مصدرًا رئيسًا للتمويل، وخاصة تمويل مشاريع البنى التحتية، المقرر تنفيذها استعدادًا لاستضافة كأس العالم في كرة القدم العام 2020.

وابتداء من أيلول/سبتمبر 2011 بلغ إجمالي القروض الأوروبية لقطر نحو 43 مليار دولار أي ما يعادل 25 في المئة من إجمالي الناتج المحلي القطري الذي يبلغ 173 مليار دولار. وبلغ تمويل الاقتصاد الإماراتي من البنوك الأوروبية ابتداء من أيلول/سبتمبر من العام الماضي 99 مليار دولار أي 28 في المئة من إجمالي ناتجها المحلي البالغ 358 مليار دولار.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن محلل موديز في دبي، خالد هولدار، إن اقتصاد الإمارات، وخاصة دبي، يعتمد اعتمادًا كبيرًا على التمويل الخارجي. وأضاف أن استمرار البنوك الأوروبية في الانسحاب من المنطقة quot;سيترك ثغرة تمويلية كبيرة في الاقتصاد المحلي، وسيستدعي اعتماد استراتيجيات تمويل جديدةquot;.

وقال محللون آخرون إن البحرين هي الدولة الأشد تأثرًا بانسحاب مصادر التمويل الأوروبية بين دول مجلس التعاون الخليجي. وأشاروا إلى أنه ابتداء من أيلول/سبتمبر الماضي بلغ إجمالي تمويل البنوك الأوروبية للاقتصاد البحريني 19 مليار دولار أي 76 في المئة من إجمالي ناتجها السنوي البالغ 25 مليار دولار.

وفي الأشهر الخمسة الأولى من العام 2011 انخفضت كل الودائع في البنوك البحرينية ذات النشاط المحلي أساسًا بنحو 4.3 في المئة، وخاصة انخفاض ودائع البنوك الأجنبية بنسبة 18.6 في المئة بسبب أحداث البحرين، كما يلاحظ تقرير موديز. إذ سحبت البنوك الأوروبية 13 مليار دولار، والبنوك الأميركية 5 مليارات دولار.

وبحلول أيلول/سبتمبر من العام الماضي، سحب المودعون الأوروبيون الغربيون 3 مليارات دولار إضافية من تمويل بنوك الجملة العاملة في البحرين. وإذ شحّت مصادر التمويل الدولية لجأت حكومات وبعض الشركات الخاصة في آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي إلى إصدار الصكوك لاستثمار مصادر السيولة المحلية في مشاريع البنى التحتية، بحسب تقرير صادر من وكالة ستاندرد آند بورز.

وتفكر شركة قطر للبترول في إصدار صكوك هذا العام، في حين أصدر البنك المركزي البحريني صكوكًا في شباط/فبراير فاق الإقبال عليها حجم الاكتتاب.

وتعكف العربية السعودية على إعداد خطة واسعة لتطوير قطاع البنى التحتية، فيما بلغ الإقبال على صكوكها التي أصدرتها عن طريق الهيئة العامة للطيران المدني في المملكة ثلاثة أضعاف حجم الاكتتاب، كما أفاد تقرير ستاندرد آند بورز.

وفي حين أن القطاع العام بالأساس هو الذي أنجز إصدار الصكوك، فإن شركات خاصة بدأت بإصدار سندات إسلامية، بينها صكوك بقيمة 400 مليون دولار، أعلنت عنها في كانون الثاني/يناير شركة ماجد الفطيم القابضة في دبي.

وقال نك ستادميلر، رئيس أبحاث المداخيل الثابتة في quot;بنك الإمارات إن بي ديquot;، إن هذا الإصدار قد يفتح السوق أمام شركات أخرى محلية خاصة بالكامل. ولاحظ محللون أن البنوك الآسيوية أيضًا يمكن أن تسد ثغرة التمويل في المستقبل.

وبلغ حجم التمويل من البنوك الآسيوية والأميركية في بلدان مجلس التعاون الخليجي فقط 1.9 في المئة و2.3 في المئة على التوالي من إجمالي الناتج المحلي لمنطقة مجلس التعاون الخليجي ابتداء من أيلول/سبتمبر 2011، بحسب تقرير موديز. ويُرجح أن تزيد البنوك الآسيوية مساهمتها في المنطقة بسبب حجم التجارة الآسيوية مع بلدان مجلس التعاون الخليجي. ومن المرجح أن تبقى البنوك الأميركية لاعبًا صغيرًا بسبب مشاغلها الداخلية.

وقال هولدار إن حجم التجارة بين بلدان الخليج وآسيا ارتفع، والبنوك بدأت تتوافد بالارتباط مع هذه المشاريع. ولكن التركيز يبقى على الصكوك في الوقت الحاضر، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.