يرى خبراء أن ما صرح به وزير التشغيل التونسي بإحداث 100 ألف وظيفة هذا العام أمراً مبالغاً فيه ويصعب تحقيقه.


تونس: خلال الجلسة التمهيدية للمنتديات الاقليمية للتشغيل بولايات الوسط والجنوب أعلن وزير التكوين المهني والتشغيل عبد الوهاب معطر أنّ السنة الحالية 2012 ستشهد إحداث حوالي 100 ألف وظيفة في ظل وجود نحو 800 ألف عاطل عن العمل من بينهم 150 ألف من أصحاب الشهادات العليا.

الوزير أشار إلى مراجعة منحةquot; أملquot; بمنحةquot; التشجيع على العملquot;وفق آلية أكثر موضوعية لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين العاطلين عن العمل ومنحها لمن يستحقها إلى جانب مراجعة هيكلة الصندوق الوطني للتشغيل.

ومنحة quot;أملquot; هي آلية يتمتع من خلالها العاطلين عن العمل من أصحاب الشهادات العليا بمنحة شهرية قدرها 200 دينار لمدة أقصاها سنة.

عبد الوهاب معطر أكد أن 6 آلاف شاب فقط تمكنوا من الإلتحاق بوظائف من بين 140 ألف عاطل عن العمل إنتفعوا بمنحة أمل خلال السنة الماضية 2011 وهذا ما كلف ميزانية الدولة مبلغا يساوي 300 مليون دينار تم اقتراضه من طرف الحكومة السابقة من البنك الدولي.

وزير التكوين المهني والتشغيل أكد أن السنة الجارية 2012 ستشهد إضافة عدد كبير من الباحثين عن العمل بنحو 60 ألف من أصحاب الشهادات العليا وهو ما يجعل عدد المؤهلين للحصول على منحة أمل من أصحاب الشهادات 200 ألف عاطل عن العمل الذين سيتمتعون بمبلغ جملي لا يقل عن 500 مليون دينار.

هذا المبلغ الكبير الذي كان سيخصص لمنحة أمل يمكن أن يساهم في إحداث نحو 20 ألف وظيفة جديدةإذا ما تم استثماره لتمويل مشاريع منتجة صغيرة لحاملي الشهادات العليا في مختلف الجهات.

عبد الوهاب معطر وزير التكوين المهني و التشغيل أشار إلى أنّ المطالبة بإحداث صندوق للبطالة لا يمكنه إلا أن يزيد في مديونية البلاد و يغرقها في الديون وأكد على أنّ الديون لن تكون إلا للإستثمار وبالتالي الإنتاج من خلال توفير مشاريع منتجة.

تصريحات وزير التكوين المهني و التشغيل عبد الوهاب معطر أثارت ردود أفعال متباينة سواء من العاطلين عن العمل أصحاب الشهادات العليا أو خبراء الإقتصاد.

رئيسة تحرير بصحيفة الصحافة جنات بن عبد الله أعربت عن استغرابها من تصريحات وزير التكوين المهني والتشغيل وفي إفادتها لـquot;إيلافquot; قالت: quot;هذا غير معقول فمن غير المعقول أن يتم إحداث 100 ألف وظيفة خلال السنة الجارية بالرغم من أنّ القانون التكميلي لميزانية الدولة لعام 2012 خفض من نسبة النمو من 4.5% إلى 3.5%، وبهذه النسبة لا يمكن تجاوز 50 ألف وظيفةquot;.

وتتساءل جنات بن عبدالله: quot; ما هي الفرضيات التي اعتمدها وزير التكوين المهني و التشغيل لإحداث 100 ألف وظيفة، ولأننا نعتمد على ميزانية الحكومة والقانون التكميلي لعام 2012 ولذلك فأنا أتحفظ على نسبة النمو التي قدرت بـ 3.5% لأن تحقيقها صعب جدا لآعتبارات عديدة منها الموروث السلبي ونسبة النمو السلبية ( سلبي 1.8%) خلال 2011 كما أن البلاد ما تزال في حاجة إلى الإستقرار الأمني والإجتماعي إلى جانب شبه فقدان للثقةquot;.

رئيسة التحرير أوضحت أن الوزير المكلف بالملف الإقتصادي رضا السعيدي أشار قبل أيام إلى توفير 70 ألف وظيفة خلال السنة الجارية 2012 وهو عدد مبالغ فيه أصلا، فهناك فرق بين التقديرات من خلال نوايا الإستثمار وما تم إنجازه . كما أن المشاريع الإستثمارية لا يمكن أن تتم إلا في إطار ديناميكية وحراك و اقتصادي سرعته لا تتجاوز 3.5% وهذه السرعة لا تخول توفير 100 ألف وظيفة.

جنات بن عبدالله أكدت أن هذه التصريحات لا تعدو أن تكون سياسية بآمتياز لأنها لا تخضع إلى واقع اقتصادي تعيشه تونس منذ بداية العام الماضي 2011. و أضافت: quot;إذا كانت هناك التمويلات اللازمة لتوفير هذا العدد الكبير من مواطن الشغل فلماذا نسجل عجزا في الميزانية بلغ 6.6% ونسبة التداين ارتفعت إلى 47% بعد أن كانت في حدود 43% وهذان المؤشران يؤكدان بصفة لا تدعو مجالا للشك أنه لا يمكن توفير أكثر من 50 ألف وظيفةquot;.

من جانبه أكد الخبير الإقتصادي د. منجي المقدم على صعوبة تحقيق هذا الوعد: quot;لقد أعلنت الحكومة عن توفير 25 ألف وظيفة بالنسبة للوظيفة العمومية ولا أدري كيف سيتم توفير 75 ألف وظيفة أخرى ليبلغ العدد الجملي 100 ألف وظيفة أعلن عنها وزير التكوين المهني والتشغيلquot;.

وأضاف المقدم: quot;يجب توفر نسبة نمو بين 5 و6% حتى تتمكن الحكومة من توفير 100 ألف وظيفة ولكن هذا يبدو مستحيلا نتيجة عديد المؤشرات التي لا تساهم في هذه الديناميكية والحراك الإقتصادي ولا تجعل ما تم الإعلان عنه ممكنا في ظل مؤشر لنسبة نمو لا تتجاوز 3.5% وهي صعبة بالرغم من التفاؤلquot;.

وقال د. المقدم: quot;بالنسبة للإجراءات المتخذة بخصوص منحة أمل من المستحسن أن يتم توفير مشاريع استثمارية صغيرة للعاطلين عن العمل قادرة على الإنتاج حتى تساهم في النهوض بالإقتصاد الوطني أفضل من تقديم المنح التي يتم صرفها دون فائدة بينما الدولة تتداين لتوفير المبالغ المقدمة لهؤلاء العاطلين من أصحاب الشهادات العلياquot;.