تشدد الولايات المتحدة رقابتها على النظام المالي اللبناني بدافع القلق من أن سوريا وايران وحزب الله تستخدم مصارف بيروت للتملص من العقوبات الدولية وتمويل أنشطتها.


إعداد عبدالاله مجيد: رغم تحرك بيروت وواشنطن خلال الأشهر الأربعة عشر الماضية لغلق مصارف ومعاقبة أفراد، فإن وزارة الخزانة وادارة مكافحة المخدرات تواصلان إجراء تحقيق شامل في عملية مفترضة لتبييض الأموال وضلوع حزب الله في العملية. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين ان العملية تتعلق بمئات ملايين الدولارات من عائدات بيع مخدرات نقلها تاجر مخدرات لبناني الى حزب الله ، بحسب المسؤولين.

قال مسؤولون اميركيون كبار ان وزارة الخزانة الاميركية تطالب ايضا أجهزة الرقابة المالية اللبنانية بتشديد مراقبتها على المصارف المحلية التي لها تعاملات في دمشق وطهران. ويعتقد المسؤولون الاميركيون بان الرئيس السوري بشار الأسد يحاول استخدام هذه العلاقات المالية بعد أن اغلقت العقوبات الدولية ضد نظامه القنوات الأخرى لنقل الأموال بسبب حملة النظام المستمرة في البطش بالمعارضة. وقال مسؤول كبير في وزارة الخزانة له علاقة بالسياسة الاميركية في الشرق الأوسط لصحيفة وول ستريت جورنال quot;نحن قلقون من ان يستخدم السوريون لبنان كقناة محاولين التملص من العقوباتquot;.

وكان لسوريا نفوذ واسع في نظام بيروت المالي طيلة الشطر الأعظم من العقود الثلاثة الماضية بسبب الوجود العسكري السوري في لبنان الذي انتهى عام 2005. واعرب مسؤولون اميركيون عن قلقهم من تنامي سيطرة حزب الله على الحكومة اللبنانية بعد ان قاد الحزب كتلة سياسية العام الماضي أسقطت حكومة سعد الحريري. ويرتبط حزب الله بتحالف عسكري قوي مع سوريا وايران.

وزار بيروت في الأشهر الماضية موكب من مسؤولي وزارة الخزانة الاميركية بينهم مسؤول ملف العقوبات ديفيد كوهن للتباحث مع المسؤولين اللبنانيين ومصارف أهلية في بيروت. وقال محافظ البنك المركزي اللبناني رياض سلامة في رسالة الكترونية الى صحيفة وول ستريت جورنال ان الحكومة اللبنانية كثفت جهودها خلال العام الماضي لمكافحة تبييض الأموال عبر بيروت. وكتب ان ودائع المواطنين السوريين في المصارف اللبنانية العاملة في سوريا ولبنان على السواء ، وكذلك قروض هذه المصارف للسوريين انخفضت بنسبة 40 في المئة خلال الأشهر الخمسة عشر الماضية دون إعطاء أرقام إجمالية ، بحسب الصحيفة.

وجاء هذا الاجراء بعد ان أصدرت وزارة الخزانة الاميركية تقريرا رسميا العام الماضي زعم ان المصرف اللبناني الكندي ، ثامن اكبر المصارف اللبنانية وقتذاك ، قدم تسهيلات لنقل ارباح من تجارة المخدرات عن طريق شبكة تجارية واسعة تمتد الى اميركا اللاتينية وغرب افريقيا والولايات المتحدة.وذهبت وزارة الخزانة أيضا الى ان حزب الله كان يحقق ايرادات مالية من الأنشطة الاجرامية لهذه الشبكة وان المصرف اللبناني الكندي كان يقدم خدمات مالية الى مسؤولين في الحكومة الايرانية. وبادر المصرف المركزي اللبناني لاحقا الى وضع يده على المصرف اللبناني الكندي وبيع غالبية اصوله الى مصرف لبناني يملك مصرف سوسيتيه جنرال الفرنسي حصة فيه. وأصبح المصرف اللبناني الكندي الآن تحت الادارة القضائية.

ولكن وزارة الخزانة الاميركية وادارة مكافحة المخدرات تخشيان ان تكون مئات الحسابات المشبوهة في المصرف اللبناني الكندي نُقلت الى مؤسسات مالية أخرى تعمل في بيروت ، كما قال مسؤولون اميركيون مشيرين الى مخاوف من استمرار مسؤولي المصرف بالعمل في النظام المالي اللبناني ، بما في ذلك في مصرف سوسيتيه جنرال في لبنان quot;جي سي بي الquot; الذي يملك مصرف سوسيتيه جنرال الفرنسي العملاق 19 في المئة من أسهمه.

وقال مسؤول كبير في وزارة الخزانة الاميركية مطلع على القضية ان العمل مستمر مع السلطات اللبنانية لمعرفة ما حدث بعد صدور تقرير الوزارة العام الماضي. وكان المدعي العام لمنطقة نيويورك الجنوبية قدم دعوى العام الماضي إلى المصرف اللبناني الكندي وكيانات لبنانية أخرى بتهمة استخدام النظام المالي الاميركي لتبييض اموال مخدرات لصالح حزب الله عن طريق بيع سيارات مستعملة. ولم يرد المصرف اللبناني الكندي على التهمة حتى الآن.

ونفى حزب الله أي علاقة له بتهريب المخدرات وقال ان الاجراءات الاميركية تهدف الى اضعاف الحزب ومقاومته ضد اسرائيل. وقال محافظ المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة ان السلطات المالية في بيروت تواصل التحقيق في أنشطة المصرف اللبناني الكندي وان لجنة تحقيق مستقلة باشرت بإجراء تحريات في الحسابات التي تشكل مبعث القلق.

وقال مسؤولون في مصرف سوسيتيه جنرال ومصرف سي جي بي ال انهم اتخذوا إجراءات صارمة العام الماضي للتوثق من عدم تحويل اي حسابات مشبوهة من المصرف اللبناني الكندي الى سي جي بي ال. وتعاقد المصرف مع شركات المحاسبة العملاقة ايرنست اند يونغ ودليوت اند توش وآشكروفت غروب التي يرأسها وزير العدل الاميركي السابق جون آشكروفت للاشراف على مراجعة هذه الأصول ، بحسب المسؤولين.وقال آشكروفت ومسؤولون في مصرف سي جي بي ال ان مجلس ادارة المصرف اللبناني الكندي أُعفي من مهامه وان زهاء نصف موظفيه البالغ عددهم في الأصل 720 موظفا سُرحوا في اطار عملية الدمج بمصرف سي جي بي ال.

وان غالبية الـ 370 الباقين هم موظفون صغار ولكن بعض المدراء من المصرف اللبناني الكندي واصلوا العمل في مصرف سي جي بي ال. ومن بين هؤلاء مسؤولان كبيران سابقان في برايم بنك غامبيا لمتد الذي كان المصرف اللبناني الكندي يملك غالبية اسهمه قبل ان يُغلق العام الماضي ، كما اكد مصرف سي جي بي ال. والمسؤولان هما رئيس مجلس ادارة برايم بنك غامبيا ورئيسه التنفيذي.

وكانت الولايات المتحدة واسرائيل تراقبان نشاطات المصرف اللبناني الكندي ومصرف سي جي بي ال طيلة السنوات السبع الماضية للاشتباه في ارتباطهما بحزب الله ، بحسب برقية من وزارة الخارجية الاميركية نشرها موقع ويكيليكس.

وفي اوائل 2005 زار اسرائيل وفد من وزارة الخزانة الاميركية لبحث الطرق التي يستخدمها حزب الله وحركة حماس في تمويل أنشطتهما والالتفاف على العقوبات الدولية. واشارت البرقية الى ان مسؤولا اسرائيليا كبيرا في جهاز مكافحة الارهاب زعم خلال المباحثات ان المصرف اللبناني الكندي ومصرف سي جي بي ال quot;يرتبطان ارتباطا مباشرا بالبنية المالية لحزب اللهquot;.وقال مسؤولون يعملون في مصرف سي جي بي ال ان تغيرا جذريا حدث في هيكل ملكية المصرف منذ عام 2007 لأسباب منها تهمة الارتباط بحزب الله.