أكد سميح بينو رئيس هيئة مكافحة الفساد في حديث يعدّ الأكثر جرأة منذ توليه منصبه أن القطاع الخاص ليس في منأى عن الفساد، كاشفًا عن ملفات عدة بلغت التجاوزات المالية فيها عشرات الملايين من الدنانير، والتي تعود ملكيتها في الأصل إلى صغار المساهمين.


سميح بينو رئيس هيئة مكافحة الفساد في الأردن

عصام المجالي من عمّان: قال سميح بينو أمام عدد غير قليل من قيادات الأعمال في المملكة quot;ليس كل العاملين في القطاع الخاص ملائكة، بل لعل الجرأة في ممارسة الفساد عند بعض شرائحه أكثر وضوحًا منها في القطاع العامquot;.

وأوضح أنه quot;يجب على قيادات القطاع الخاص البحث المتواصل عن بؤر الفساد ومحاصرتها.. لا تغذيتها، مشيرًا إلى أن وراء بعض حالات الرشوة، وخاصة في مجال التحايل للتهرّب من دفع الضرائب والرسوم الجمركية، مستثمرين من القطاع الخاص بمساعدة مقدرين أو مخمنين رسميين.

وقال إن تفشي الفساد في أي مجتمع يعتبر عامل طرد للمستثمرين محليين أو أجانب، ويعرقل فرص الاستثمار، لأنه يساهم في زيادة كلفته ويخلق بيئة غير شريفة.. ويتزايد فيها جشع الموظفين المكلفين بخدمة المستثمرين كلما زادت فرص نجاح المشروعات الاستثمارية.

واتهم المسؤول الأردني بعض العاملين في القطاع الخاص باستغلال ما كانت تغفل عنه دائرة مراقبة الشركات أو ما كانت تتساهل بشأنه هيئة الأوراق المالية، ولكن مثل هذه الأمور ضبطت الآن.

وأضاف إن تشغيل عمالة متواضعة الإمكانات أو الكفاءة بأجور زهيدة لا تسدّ أبسط متطلبات حياتها المعيشية أو على العكس، فدفع أجور لا تتناسب مع ما عليه العاملون من مستوى عال من الكفاءة يجعل بعض هؤلاء العاملين أكثر عرضة للانحراف المادي أو للإهمال الوظيفي، الذي يرتب خسائر أكيدة على المنشآت التي يعملون فيها. فيما يرتكب بعض رجال الأعمال مخالفات مالية مثلاً بمساعدة موظفيهم، مما قد يشجّع هؤلاء على تقليدهم أو ابتزازهم من أجل السكوت على أفعالهم.

وأوضح أن للقطاع الخاص دورًا مهمًا وجوهريًا في مكافحة آفة الفساد والتوعية من شرورها على المجتمع، وبالتالي على مصالحه.. وكذلك عليه واجب مناصرة الهيئة في جهودها التي تعطي محور الوقاية والتوعية جل اهتمامها.

وقال إن فتح بعض ملفات الفساد لم يكن سهلاً ولا ميسرًا.. لأن بعض الفاسدين، إن لم يكن كلهم، استعانوا في حبك فسادهم ولصوصيتهم بخبراء ماليين وقانونيين باعوا ضمائرهم مقابل أجر بخس أو عمولة دنيئة.. واستثمروا ما وصلت إليه التقنيات الحديثة من وسائل لإخفاء معالم فسادهم.. وجيّشوا بعض مراكز القوى وأشخاصاً موتورين لاتهام الهيئة بالانتقائية أو التعامل مع القضايا الصغيرة دون الكبيرة وما إلى ذلك من اتهامات.

وأضاف إن المتتبع لما أنجزته الهيئة، التي طرقت أبواب كل الفاسدين دون تمييز وفق ما يوفره لها قانونها من صلاحيات واختصاصات يلحظ زيف الاتهامات التي توجّه إليها بانتظام.. اتهامات لا نلتفت إليها ولا نعيرها اهتمامًا.. بل فهمنا منها أننا على الطريق الصحيح.

وكشف أن بعض الفاسدين أتلفوا وثائق كثيرة كانت مخزنة على أجهزة حواسيبهم، لكن تم الوصول إليها واسترجاعها بوسائل تقنية لم يفطن إليها الفاسدون.