بعد العقوبات الغربية الشديدة على صناعة النفط الإيرانية، واجهت طهران صعوبة في إيجاد مشترين لنفطها وتسويقه، حيث اضطرت إلى تخزين إنتاجها في خطوة بدأت بإتباعها منذ مطلع شهر أبريل الماضي.


القاهرة: بينما تواجه ضغوطاً شديدةً على نحو متزايد لإيجاد مشترين لنفطها، أوقفت إيران بصورة روتينية نظم تتبع الأقمار الصناعية الموجودة في ناقلات النفط الخاصة بها منذ أكثر من شهر، وهي الخطوة التي وصفها مسؤولون

إيران تواجه صعوبات في تسويق نفطها

أميركيون ومحللون صناعيون بأنها لعبة قط وفأر مع الحكومات الغربية التي تسعى إلى فرض عقوبات على الصادرات الإيرانية.

وقالت الوكالة الدولية للطاقة إن هذا التكتيك غير المعتاد بدأ مطلع شهر نيسان/ أبريل الماضي وأثّر على ربع أسطول ناقلات النفط الإيرانية. وحظيت تلك الخطوة، التي تعتبر انتهاكاً لقوانين البحرية، بفعالية محدودة في توفير غطاء للناقلات التي يصل طولهاإلى 1000 قدم، وهي تجوب المحيطات بحثاً عن موانئ مفتوحة ومشترين جاهزين.

لكن الخطوة جاءت أيضاً لتؤكد على وضعية إيران غير المستقرة، بينما تواجه قيوداً غربية شديدة ضد صناعتها النفطية، التي تشكل الجزء الأكبر من الصادرات والعائدات الحكومية.

وفي الوقت الذي تُحَاصَر فيه بالعقوبات التي تستهدف بنوكها، وسط مقاطعة دولية متزايدة لنفطها، بدأت تلحظ إيران تراجع عائداتها، بينما يُحفَظ نفطها في مستودعات تخزين ويعوم في ناقلات لا تعرف مكاناً تتوجه إليه، وذلك وفقاً لما نقلته اليوم صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأميركية عن دبلوماسيين ومسؤولين أمنيين أميركيين.

وقد شجَّعت الأوضاع المتدهورة في البلاد الحكومات الغربية، في الوقت الذي تتحضر فيه لإجراء محادثات نووية مع إيران، من المقرر أن تبدأ في الـ 23 من الشهر الجاري.

وأكد مسؤولون أميركيون أن الضغوط الاقتصادية تزيد من فرص التوصل إلى انفراجوتجعل إيران توافقعلى التخلي عن عناصر من برنامجها النووي. ومضت الصحيفة تنقل عن دافيد كوهين، نائب وزير الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، قوله :quot; تتزايد عزلة الإيرانيين دبلوماسياً ومالياً واقتصادياً. ولا أعتقد أن هناك أي جدال بشأن دور هذا الضغط في اتخاذ إيران قرار العودة إلى مائدة التفاوضquot;.

وأشار كوهين كذلك إلى أن التأثيرات المتتالية على الاقتصاد،والتي نجمت عن أزمة إيران النفطية، قد انتشرت إلى مناطق أخرى، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار المستهلكين ومعدلات البطالة. وتابع كوهين حديثه بالقول :quot; سقطت قيمة عملتهم، الريال، كالصخرة. وهو ما حظي بتأثير كبير على قدرة إيران المتعلقة بشراء المواد اللازمة لبرنامجها النووي، كما أنه تم وضع ضغوط،واسعة النطاق، على القيادةquot;.

وأشارت الصحيفة في الإطار نفسهإلى أن موقف إيران بشأن ما إن كانت تعتزم تقديم تنازلات كبرى مازال غامضاً. لكن مازال هناك قدر ضئيل من الشكوك بشأن محصلة العقوبات.

وقال هنا أمريتا سين، محلل مختص في السلع لدى باركليز كابيتال في العاصمة البريطانية لندن :quot; بالتأكيد أضرت العقوبات بإيران. وليس هناك من شك في أمر كهذا. ومن أبرز النتائج التي تمخضت عن تلك العقوبات الأخيرة هو تضييق الخناق على قدرة الشاحنات على الوصول إلى التأمين البحري، المغطى كله تقريباً في أوروباquot;.

فيما أشار تقرير أصدرته الوكالة الدولية للطاقة يوم الجمعة الماضي إلى أن الناتج الخام الإيرانيلا يزال مرتفعاً بصورة نسبية، حيث وصل إلى 3.3 ملايين برميل يومياً خلال شهر نيسان/ أبريل الماضي، بانخفاض بسيط عما كان عليه العام الماضي. غير أن الوكالة أوضحت أن كثيراً من إنتاج إيران غير المباع يتم تخزينه في الأخير.

وفي الوقت الذي يبدو فيه أن دولاً مثل تركيا وجنوب أفريقيا قد كثفت من وارداتها من إيران قبيل موعد العقوبات النهائي المحدد له مطلع تموز/ يوليو المقبل، بدأت دول أخرى من بينها اليابان وكوريا الجنوبيةتخفض بصورة تدريجية من واردات الخام الإيراني.

كما خفضت أوروبا وارداتها لأقل من نصف مستواها السابق الذي كان يقدر بـ 700 ألف برميل يومياً. وقلصت الهند كذلك من وارداتها من إيران، التي غطت العام الماضي نسبة قدرها 10 % من استهلاك النفط في البلاد. ومع هذا، حذر محللون من إمكانية أن يسهل على إيران بيع إنتاجها النفطي خلال الربع الثالث من العام الجاري، حيث يتزايد عادةً الاستهلاك العالمي للنفط. فيما نوّه مسؤولون أميركيون إلى أن التكتيك الذي لجأت إليه إيران مؤخراً غير فعّال، نظراً لقدرة أقمار التجسس الغربية وباقي نظم المراقبة على تقفي أثر السفن الكبرى في البحار المفتوحة.