كشف بيان للمعهد الوطني للإحصاء أنّ نسبة البطالة في تونس سجلت تراجعا واضحا ولكنه طفيف خلال الثلاثي الأول من العام الحالي 2012 مقارنة بالثلاثي الرابع من السنة الماضية 2011، فقد جاء في البيان أنّ نسبة البطالة انحدرت من 18.9% لتبلغ 18.1%.


تونس: إختلف الخبراء الإقتصاديون في تحليل نسب البطالة التي أصدرها المعهد الوطني للإحصاءفي تونسفمنهم من عزاها إلى تركيز مشاريع استثمارية تمكنت من خلق 36400 وظيفة خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية بينما شكك آخرون أصلا في صحة هذه البيانات.

خلق 36400 وظيفة

عدد العاطلين عن العمل يقدر عددهم 709.7 ألف شخص من مجموع السكان النشيطين حسب نتائج المسح الوطني حول السكان والتشغيل للثلاثي الأول من سنة 2012 الذين يبلغون 3916.8 ألف ساكن.

وكشف البيان إرتفاع نسبة البطالة لدى حاملي الشهادات العليا لتبلغ 34.2% وعددهم 221 ألفا من بينهم 21% لدى الذكور و49.4% لدى الإناث أما على مستوى الجهات فإن نسبة البطالة تبلغ 28.4% في جهة الجنوب الغربي و 27.4% في إقليم الجنوب الشرقي ويأتي في المرتبة الثالثة من حيث ارتفاع نسبة البطالة إقليم الشمال الغربي بنسبة 21.4% ثم إقليم الوسط الغربي 20.5% و إقليم تونس 17.7% ثم إقليم الوسط الشرقي 13.7% وأخيرا إقليم الشمال الشرقي بنسبة 13.2 % وهو ما يؤكد على أن النسب العالية للبطالة تتركز أساسا في جهتي الجنوب الشرقي و الغربي بنسبة جملية تجاوزت نسبة 55.8% من عدد العاطلين عن العمل على المستوى الوطني.

إحداثات الشغل بين الثلاثي الأول لسنة 2012 و الثلاثي الرابع لعام 2011 حيث يقدر عدد السكانالعاملين في الثلاثي الأول من 2012 بـ3207.1 ألف عامل منهم 2423.9 ألف عاملمن الذكور و783.2 ألف من الإناث ، ومقارنة مع مسح نوفمبر 2011 فإن العدد الصافي للوظائف التي تم إستحداثها لدى الرجال يقدر بـ18900وظيفة مقابل 17500 وظيفة لدى النساء.

استثمارات خلقت الوظائف

الخبير الإقتصادي والمالي وأستاذ الجامعة التونسية محمد الفريوي في تصريح لـquot;إيلافquot; أوضح أن هذه النسب التي أعلنها المعهد الوطني للإحصاء تعني أنّ عددا من العاطلين عن العمل تمكنوا من الحصول علىعمل وأضاف: quot;هناك استثمار في الفترة الأخيرة بدأ يبرز ويوفر بعض فرص العمل لفائدة العاطلين عن العمل، أو هناك شركات كانت متوقفة عن العمل عادت من جديد ومنحت فرص عمل جديدة أو أن القطاع العام فتح مناظرات للتشغيل أو الإستثمار في شكل انتصاب للحساب الخاصquot;.

وقال د. الفريوي موضحا سبل توفيرالوظائف: quot;نسبة النمو المسجلة يمكن أن توفر فرصا للعمل وذلك ومن خلال ثلاثة سبل وهي أولا الإنتصاب للحساب الخاص و ثانيا خلق المؤسسات و ثالثا قطاع الوظيفة العمومية و رابعا أنّ الشركات تتطور لتخلقوظائف جديدة و خامسا تصدير المنتجات التي يمكن أن تخلق فرص عمل لفائدة العاطلين عن العملquot;.

تشكيك وتأويل

الخبير الإقتصادي عبد الجليل البدوي شكك في الإحصائيات التي أنجزها المعهد الوطني للإحصاء في تصريح لـquot;إيلافquot; :quot; أنا لم أفهم فعلا و أشك في حقيقة هذه النسب التي يعلنها المعهد الوطني للإحصاء فأنا كخبير لم ألاحظ أي نموّ أو أي استثمار و بالتالي كيف يمكن لنسبة العاطلين عن العمل أن تشهد تقلصا وهو ما يعني توفر فرص عمل لهؤلاء ، وربما يتم احتساب العاطلين عن العمل الذي يحصلون على منحة البطالةquot;.

وأضاف د. البدوي: quot;ليست هناك استثمارات واضحة ولا نسبة نمو معلنة فالمعهد الوطني للإحصاء يقول بأن نسبة النمو بلغت 1.2% بينما ينفي البنك المركزي ذلك ، من جهة ثانية نعرف أن نقطة في النمو تحقق وظيفةبين 15 و 16 ألف وظيفة وهو ما يعني حسب بنسبة النمو المعلنة أنه تم خلق نحو 20 ألف فرصة عمل ورغم ذلك فمن المعقول أن تتدحرج نسبة البطالة من 18.9% إلى 18.1%quot;.

الأستاذ في الجامعة التونسية والخبير الإقتصادي أكد أنّ على الحكومة أن تقوم بعديد الإجراءات لتقليص عدد العاطلين عن العمل: quot;هناك عديد الإجراءات الضرورية ومنها العمل على التسريع في نسق الإستثمار الخاص الذي يمكن أن نعوّل عليه في خلق وظائف ولكنه لم ينطلق بعد اعتبارا إلى الوضع الأمني والإجتماعي الصعب الذي تعيشه البلاد وهو ما يجعل هذا الإستثمار ينتظر حتى تتبلور الأمور وينطلق في الإستثمار بدون خوف بعد تجلّي الضبابية أما بالنسبة للإستثمار العمومي حيث يعتبر ما وقع إقراره دون المأمول وفي قانون المالية التكميلي تمت إضافة 2.5 مليون دينار منها 1.2 مليون دينار في الإستثمار والبقية للتصرف وعندما نرى أن نسبة الإستثمار الخاص والعام في القانون المالية 2012 نسبته في الناتج الداخلي الخام لا تتجاوز 22.5% وهي نسبة ضعيفة جدا ففي السنوات العشر الأخيرة النسبة بلغت 25% استقر خلالها الإستثمار الجملي في مستوى غير كاف فما بالك في حالة استثنائية تتطلب مجهودا أكبر في الإستثمار ونحن قد برمجنا 22.5% من الإنتاج الداخلي الخام بينما الإقتصاد يتحمّل إنجاز حتى 30% وقد بلغنا 31% عام 1981 وبالتالي فإن طاقة الإقتصاد قادرة على ذلك بينما تطلعات الشعب التونسي كبيرة و نسبة البطالة ما تزال كبيرة كما يمكن تدعيم آليات التشغيل على مستوى مشاريع البنية التحتية من طرقات و غيرها و إضافة مشاريع البيئة ومقاومة التصحر وغيرها من المشاريع القادرة على التشغيل وإستيعاب العاطلين عن العمل وحاليا تبدو الدولة هي الوحيدة القادرة على تعويض الإستثمار الخاص الذي ما يزال ينتظر إلى أين تسير الأمورquot;.