أثار تخفيض مؤسسة quot;ستاندرد آند بورزquot; التصنيف الائتماني السيادي لتونس بمقدار درجتين، ليصبح عند درجة (بي.بي) عالية المخاطر، ردود أفعال متفاوتة استقبلتها الساحة السياسية والاقتصادية بتخوف وحذر شديدين.


تونس: عزت مؤسسة quot;ستاندرد آند بورزquot; تخفيض تصنيف تونس إلى ضعف مؤشرات الاقتصاد والمالية العامة والدين الخارجي لتونس، وأشارت إلى أن الجدارة الائتمانية لتونس ستظل محل شك لحين اعتماد دستور جديد للبلاد وانتخاب حكومة تكون قادرة على وضع رؤية اقتصادية عامة للدولة.

ومن جهته، حذّر البنك المركزي التونسي من تفاقم العجز التجاري وتواصل ارتفاع نسبة التضخم في البلاد، وأكد أن التأثير السلبي لتداعيات الإنكماش الإقتصادي في منطقة اليورو، تواصل على القطاع الصناعي في تونس، حيث تراجعت صادرات هذا القطاع خلال الشهر الماضي.

quot;ستاندرد آند بورزquot; تخفض تصنيف تونس

ضغوط التضخم

أكد البنك المركزي التونسي في بيان أصدره مؤخرًا أن مجلس إدارته قرر الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية دون تغيير، وذلك على ضوء تطورات الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد وأن ضغوط التضخم تواصلت، حيث تطور المؤشر العام للأسعار بحساب الإنزلاق السنوي ليبلغ في شهر إبريل الماضي 5.7% مقابل 5.4% في شهر مارس الماضي.

وأشار إلى أن هذا التراجع ترافق مع تطور الواردات التونسية بصورة أسرع من إجمالي الصادرات خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، ما أسفر عن تفاقم العجز التجاري التونسي لتبلغ نسبته 38.8%، أي نحو 3% من إجمالي الناتج المحلي، مقابل 2.5% خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وفي تصريح خصّ به إيلاف يؤكد الأستاذ محمود بن رمضان، الخبير الاقتصادي، أن الاقتصاد التونسي يعاني من عدة مشاكل نتيجة تراجع صادرات بعض القطاعات الحساسة، التي كانت أساس النشاط الاقتصادي التبادلي على غرار النسيج والإلكترونيك.

أما بالنسبة لتراجع تصنيف الائتماني لتونس وانخفاضه بدرجتين، يفيد الأستاذ محمود بن رمضان أن هذه العملية توجب الحذر وقد وضعت بلادنا في موقف ، يضطرها إلى الاقتراض من الأسواق المالية العالمية بنسبة فائدة قصوى لأن المؤشرات الحالية تؤكد احتمال عدم إيفاء تونس بالتزاماتها الخارجية أو يجبرها على الإحجام عن التداين، وهو أمر غير ممكن.

وعزا التراجع المستمر لأداء الحكومة إلى أنها لم تضع خريطة عمل واضحة ولم تحدد مسارًا معينًا مما أضفى كثيرًا من الضبابية على جميع القطاعات، وهو ما أثر على استعداد المستثمرين التونسيين والأجانب وتخوفهم من بعث مشاريع في تونس وهذا نفس التحليل الذي توصلت إليه وكالة التصنيف الائتماني، والذي دفعها إلى التخفيض من الترقيم السيادي لبلادنا خاصة بعدما اطلعت على الميزانية التكميلية التي طغى عليها التوجه الشعبي وافتقدت لقرارات واضحة، ويختم بالقول إن كل هذا يحيل إلى أن تونس تعاني أساسًا من صعوبات داخلية.

عجز ميزان المدفوعات

ومن جهته، يقول المحلل الاقتصادي عز الدين سعيدان إن التقارير التي أصدرها البنك المركزي تفيد بأن الاقتصاد التونسي يمر بأوضاع حرجة خاصة وأن البنك المركزي لم يصرح إلى الآن بنسبة النمو الحقيقية للبلاد، في الوقت الذي صرح فيه كاتب الدولة لدى وزير المالية أمام المجلس التأسيسي بأن نسبة النمو خلال الثلاثية الأولى من السنة الجارية بلغت 2 في المئة وهو ما أثار جدلاً كبيرًا داخل وخارج المجلس نظرًا لعدم تطابق هذه النسبة مع الوضع الاقتصادي الحالي.

يفيد الخبير أن الوضع الاقتصادي هذه السنة أشد حرجًا من السنة الفارطة إذ أن نسبة التضخم المالي ارتفعت نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 8 في المئة، هذا إلى جانب ارتفاع نسبة عجز ميزان المدفوعات بسبب تراجع الصادرات مقابل ارتفاع الواردات خاصة على مستوى المواد الاستهلاكية وهو ما أدى إلى ارتفاع حجم الدّين الخارجي وتراجع في مستوى مخزون البلاد من العملة الصعبة.

ويقول الخبير إنه لا يمكن الحديث في الوقت الراهن عن اقتصاد منهار بقدر ما يمكن الحديث عن ضرورة وضع خطة واضحة في المجال الاقتصادي خاصة مع وجود بعض المؤشرات الايجابية في قطاعي الفلاحة (بسبب وفرة الأمطار) والسياحة (تطور عدد الحجوزات) وهو ما يبشر بتحسن المردود في انتظار ما سيكون عليه الوضع في القطاعات الأخرى.