منذ فترة ليست بالقصيرة وعدد من الاقتصاديين والمواطنين السعوديين يطالبون بإقرار الرهن العقاري من قبل الدولة حتى يتم حل مشكلة الإسكان، وما إن تم إقراره من مجلس الوزراء السعودي الاثنين الماضي، بدأت تتوالى ردود الأفعال بين مؤيد و غير مبالٍ.

الرياض: في كل يوم تزداد مشكلة الإسكان في المملكة السعودية تعقيدا وتطورا، فمتوسطو الدخل لا يجدون مسكنا سواء للملك أو الإيجار يتناسب مع دخلهم المتوسط، والأغنياء مالكو العقارات لا يتنازلون عن رغباتهم في تخفيض الأسعار، ويفضلون أن تواجه أملاكهم شمس المملكة الحارة على أن يبيعوها بأسعار أقل من طموحاتهم.
المشكلة تقع على كاهل الحكومة دونما حلول أو تنازلات، وتتفاقم المشكلة إلى أن تصل إلى طرق مسدودة خاصة إذا كانت ضد مصالح كبار المستثمرين في الدولة أو من الوجهاء، ما يضع متخذي القرار في الوزارات المعنية في حرج شديد من اتخاذ أي إجراء.
ولم تنجح المحاولات السابقة للدولة، من إنفاق كبير يتجاوز ال200 مليار ريال لدعم الإسكان والقروض العقارية، أو حتى تحريك عجلة صرف القروض العقارية الحسنة من قبل الصناديق الحكومية التي كان الدور فيها يصل إلى عشرات السنين، والآن يتبدل الحال إلى اقل من ذلك بكثير، ويسر وسهولة كبيرة في إجراءات التقديم من دون شروط أو قيود.
الرهن العقاري والبنوك في السعودية
قبل أكثر من خمس سنوات أقرت مؤسسة النقد منتج التمويل العقاري الذي تقوم بتمويله البنوك مباشرة بنظام التأجير المنتهي بالتمليك، الذي حقق نجاحا جيدا على الرغم من وتيرة النمو البطيئة نوعا ما في البدايات، إلا أن القروض الممنوحة من قبل البنوك في هذا المنتج تتمتع بربحية عالية تصل إلى 50 % في 10 سنوات وأكثر من 100% خلال 30 عاما وهو الحد الأقصى الذي سمحت به مؤسسة النقد، وبلغ مجموع التمويل الممنوح في عام 2010 م حوالى 23 مليار ريال، ويخدم هذا المنتج الطبقة المتوسطة بامتياز، التي تتجاوز مرتباتهم الـ(10) آلاف ريال، إلا أن ارتفاع أسعار العقار في الفترة الأخيرة جعل هذا المنتج يتوقف قليلا، وجعل المستهلكين أيضا يتوقفون ويعيدون ترتيب أوراقهم قبل الدخول في اتفاق قد يصل إلى عشرين عاما مع البنك ربما يكبّدهم نوعا من الخسائر مستقبلا.
ووفقا لخبراء الاقتصاد، فالمشكلة يتضح أنها ليست في البنوك بشكل كبير، فمتوسط معدلات الفائدة انخفض من 5% عام 2004 للتمويل العقاري ليصل حاليا إلى 3.5 % وفي كثير من الأحيان 3% وهو معدل ربما يكون مقبولا، على الرغم من أن المأخذ عليه هو طريقة احتساب الفائدة، فالفائدة سنوية ومركبة، وليست تناقصية على المبلغ المتبقي كما هو الحال في أوروبا وأميركا وبعض الدول العربية.
ورجال المال في البنوك السعودية يرون أن نظام الرهن العقاري الحالي محفز جيد للبنوك في رفع محفظة الإقراض الخاصة بها، ويؤدي إلى تخفيض سعر الفائدة، ولكن أيضا لا يستهدف الطبقة المتوسطة التي ترغب في إيجاد مسكن، بل يخدم الطبقة الأعلى من المتوسطة التي تملك عدة عقارات والتي لا تصل للطبقة الارستقراطية المستحوذة على مساحات شاسعة، فبدلا من بيع العقار وإجباره على تطهير الأراضي البيضاء، فعلى العكس تماما يقوم برهن العقار للبنك ويحصل مقابله على قرض يقوم باستثماره ومن ثم سداده للبنك، فليس هنالك حل جذري لمشكلة الإسكان للطبقة المتوسطة لبّ القضية.
الحلول المفترضة لمشكلة الإسكان
ارتفاع أسعار العقار ناتج من زيادة الطلب المقابل لقلة المعروض ، بالإضافة إلى عدم وجود نظام ضريبي للعقارات غير المباعة وغير المستثمرة، وبالتالي تزداد القيمة بازدياد الهجرة للمناطق الحضرية، بالإضافة إلى زيادة الطلب على المسكن من قبل الطبقة المتوسطة مع وجود تسهيلات من البنوك المحلية من خلال نظام التأجير المنتهي بالتملك.
فرض الضريبة على الأراضي والعقارات غير المستثمرة، بالإضافة إلىتعديل برامج التمويل في البنوك، والتحكم في سعر الفائدة، وزيادة التنافس بين البنوك يؤدي إلى تقليل حدة القضية ومعالجتها وفتح قنوات جيدة للمواطنين في امتلاك المسكن المناسب.
وحسب بعض المقالات الاقتصادية في مجال الإسكان، فإنه يفترض ألا تبتعد أسعار الإيجارات وأسعار المساكن عن متوسط دخل المواطنين كثيرا، ولكن لأن معظم العقارات في أيدي كبار التجار في المنطقة، ولا يضرهم بقاء العقار دون استثمار، ولا يمكن أن يقبلوا في تخفيض الأسعار، بالإضافة إلى غياب النظام الضريبي فإن ذلك يؤدي إلى بقاء الأسعار كما هي، وبقاء المشكلة أيضا دون حلول، وعلى العكس تماما فإن النظام الجديد محفز كبير للحصول على سيولة جيدة وبقاء العقار بالأسعار الحالية.