رغم مرور قرابة العام على رحيل القوات الأميركية من العراق، إلا أن بغداد ما زالت تفقد سيطرتها على إقليم كردستان، أو بمعنى أدق ما زالت تفقد سيطرتها على صناعة النفط المربحة في المنطقة الشمالية.

القاهرة: أشارت تقارير صحافية إلى أن إقليم كردستان يمتلك quot;سلاحاً سرياًquot; يتمثل في انجذاب شركات النفط الأجنبية لشروط الأكراد الأكثر تحرراً بخصوص عقود النفط وابتعادها عن بغداد بسبب شحها وبخلها.
وقد أضحت تلك الشركات طابورا خامسا بشكل غير مقصود في المساعي التي تبذلها كردستان نحو الاستقلال الاقتصادي. ويوم أمس، باتت شركة توتال الفرنسية ثالث أكبر شركة نفط تنهي تعاقدها مع بغداد بتوقيعها على عقد نفطي لا يخضع لأي رقابة مع كردستان.
ومن المعلوم أن بغداد، التي تصرّ على كامل سيادتها على عائدات البلاد النفطية الضخمة، تحظر على شركات النفط التعامل بشكل مباشر مع كردستان وتطلب منها بدلاً من ذلك أن تتقدم بمشروعات من خلال وزارة النفط وأن تشحن إنتاجها النفطي من خلال الأنابيب التي تخضع لسيطرة بغداد. لكن شركات اكسون موبيل وشيفرون وتوتال تعترض على ذلك، وهي بذلك تُعَرِّض عقودها النفطية في جنوب العراق للخطر.
بغداد تسعى إلى السيطرة على نفط الشمال
وأوضحت في هذا السياق مجلة quot;فورين بوليسيquot; الأميركية أن تلك الشركات ترى أنه وعلى الرغم من الدونية النسبية لاحتياطات كردستان النفطية، إلا أن احتمالات الصعود هناك تفوق التهديد السلبي الخاص باحتمالية فقدان الوصول إلى العراق كما ينبغي.
وتابعت المجلة بتأكيدها أن الضغوط ستتزايد الآن على بغداد كي توقف نوعاً ما، ما يبدو تمرداً من جانب شركات النفط، وهو تحد آخر للحكومة العراقية، التي تئن بالفعل من تزايد أعمال العنف وانخفاض عائدات النفط بسبب تراجع الأسعار العالمية.
لكن المجلة مضت لتحذر مسؤولي إقليم كردستان من مغبة تسليم ثروتهم النفطية للشركات الأجنبية، وأعقبت بتأكيدها ضرورة ألا يكرروا ما سبق أن حدث لبعض الدول في أميركا الوسطى والجنوبية خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.
وأشارت المجلة في الإطار نفسه إلى أن القرار الذي اتخذته الشركات بتجاهل بغداد يبدو غبياً، إذ إن العراق يعتبر جائزة كبرى في تجارة النفط، حيث توجد فيها احتياطات تقدر بـ148 مليار برميل، وهي ثاني أكبر احتياطات تقليدية من حيث الحجم في العالم.
ولفتت المجلة بعد ذلك إلى تصاعد حدة الخلاف الآن بين بغداد وبين شركات النفط التي هرولت إلى هناك عقب سقوط نظام الرئيس صدام حسين عام 2003، وذلك بسبب اعتراضها على الشروط المشددة التي فرضتها بغداد بخصوص تعاقدات النفط.
وقد حاولت فورين بوليسي الحصول على تعليق من شركة توتال بعدما أرسلت رسالة بريدية لها بهذا الخصوص، لكنها لم تتلق أي توضيح أو تعقيب في ما يتعلق بقرارها الأخير.
وقال مسؤول من إحدى الشركات: quot;شروط التعاقد في الشمال أفضل بكثير. صحيح أن الحكومة لها حصة، إلا أنه كلما بليت بلاءً حسناً، حصلت على المزيد، والشروط هناك أكثر جاذبية. كما إن الظروف في كردستان أفضل من بغداد ليل نهار. ويمكنك الوصول هناك عبر مطار حديث وفعال للغاية. وهناك فنادق وبنية تحتية جيدةquot;.