يشكو العراقيون من سوء توزيع غاز الطبخ، الذي سيُدخل العراق قريبًا نادي المصدرين، لتضاف مشاكله إلى مشاكل النفط الذي لم تتوقف معاناتهم منه.


امرأة عراقية تحمل على كتفها أسطوانة غاز الطبخ

وسيم باسم من بغداد: يظل منظر المرأة العراقية وهي تحمل أسطوانة الغاز الثقيلة على كتفها، أو تدفع بها بأقدامها وسط الشارع بين العشرات من الرجال والنساء الذين يهرولون وراء موزع الغاز في الشوارع والأحياء، يظل هذا المنظر علامة فارقة في معاناة المرأة العراقية، التي تحرص على اقتناء اسطوانة الغاز في البيت، لكي تحضر وجبات الطعام لأفراد الأسرة، والذي يعد أحد أهم واجبات المرأة التي تحرص على إكمالها في أحسن وجه.

تقول أم حيدر، وهي أرملة وأم لثلاثة أطفال، إن المشكلة لا تتعلق بوزن القنينة الكبير، فحسب، بل في الوقت الطويل الذي تقضيه في سعيها إلى الحصول على الاسطوانة الممتلئة. وتروي أم حيدر أن منظر النساء العراقيات وهن يحملن أسطوانات الغاز يبعث على الحزن والألم.

وتتابع: اكثر ما يقلق المرأة انها حين تحمل الاسطوانة لمسافات في بعض الأحيان، وبعد صرف الجهد والوقت، فان النتيجة، هي عودتها الى البيت بخفي حنين، بعدما فشلت جهودها في الحصول على عبوة جديدة ممتلئة.

معاناة النساء
وشهدت بعض مدن العراق أزمة في الغاز السائل بدأت منذ أواخر شهر رمضان، ما أدى إلى ارتفاع سعر الاسطوانة إلى حوالى 15 ألف دينار.

يرجع مدير إعلام شركة توزيع المنتجات النفطية في النجف (160 كم جنوب بغداد) عدنان كاظم الأزمة إلى قلة وصول المنتج من الغاز السائل الى المحافظة. ويضخّ معمل مثل معمل التعبئة في النجف حوالى سبعة آلاف اسطوانة في اليوم الواحد.

من جانبها، تشير الباحثة الاجتماعية سميرة حسن من الكاظمية في بغداد إلى أن هذه الحالة تنحصر بين النساء اللواتي ليس لديهن معيل، أو ان معيلها مرتبط بوظيفة ما، ما يوجب عليها القيام بأعباء البيت. وتتابع: ثمة نساء تعرضن إلى مخاطر صحية من جرّاء حمل الاسطوانة، فقد تعرضت كريمة حسن الى حالة إسقاط جنين، بعدما حملت الأسطوانة من على الأرض لتضعها في العربة.

وتقول ام منهل (مدرسة) ان أختها راحت ضحية عبوة الغاز، بعدما أدى تسرب الغاز الى انفجار في المطبخ أودى بحياتها.

تقادم العبوات
يسبب تقادم عبوات الغاز، الى جانب سوء الاستخدام، خسائر اقتصادية، وبشرية. وسعت وزارة النفط العراقية منذ أعوام الى مصادرة أسطوانات الغاز المخالفة للمواصفات الفنية، لكن ذلك لم يسفر عن نتيجة، فما زال القسم الأكبر من عبوات الغاز قيد الاستعمال لا يتوافر على الشروط الفنية والبيئية.

ويشير مدرس العلوم حسن جاسم إلى ان ارتفاع درجات الحرارة يتسبب بانفجار الاسطوانة، حيث حدث الكثير من الحالات التي راح ضحيتها عدد من الأشخاص. وشهد عام 2012 انفجار الكثير من الاسطوانات، ليتسبب بحرائق في العديد من المدن.

وبحسب الباحث الاجتماعي قيس عيدان، فإن صورة المرأة العراقية وهي تحمل اسطوانة الغاز على رأسها او كتفها، تعتبر الصورة المفضلة لدى كثيرين لأنها تذكرهم بمأساة الأم العراقية.

لأم قادر تجربة مرة في عبوة الغاز، فرغم الوزن الثقيل لها، فإنها قضت سنوات، وهي تحمل الاسطوانات من مكان إلى آخر داخل البيت وخارجه، وسبب ذلك أن زوجها يعمل موزعا للغاز.

تتابع ام قادر: أسوأ اللحظات، منظر النساء الطاعنات في السن، وهن ينقلن الاسطوانة من مكان الى آخر. كما أصيبت ام جعفر بكسر في يدها بعدما أفلتت يد موزع الغاز لتسقط الاسطوانة على ساعدها.

يتبع العراق طريقة قديمة في توزيع الغاز، فرغم انه بلد نفطي، الا انه يفتقر الى شبكة حديثة لتوزيع الغاز. ولم تستبدل اسطوانات الغاز في العراق منذ اكثر من ثلاثة عقود، حيث أفقدها التقادم شروط الأمان، وجعل منها قنبلة معدة توشك على الانفجار في أية لحظة.

ليست مشكلة المرأة العراقية مع اسطوانة الغاز بجديدة، فقد مضت عليها عقود، واستمر الحال حتى بعد عام 2003، حيث دخلت اسطوانات حديثة على نطاق ضيق منذ عام 2008، لكنها لم تحل المشكلة، عدا ما يتعلق بالوزن، اذإن وزن الاسطوانات الحديثة اقل، لكن المرأة العراقية ظلت تحملها وهي تتعقب موزّعي الغاز بين الأحياء والأسواق.