مبادرات لإستخدام الغاز الطبيعي بدلاً من البنزين للسيارات

بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة بإطلاق المبادرات البيئية لحث السكان على إستخدام الغاز الطبيعي بدلاً من البنزين، بعد أن صنفت ضمن أكثر الدول تلويثاً للبيئة مقارنة بعدد السكان.


دبي: على الرغم من أن دولة الإمارات حلّت في المركز الثاني في حجم استهلاك الغاز الطبيعي خلال العام الماضي، بنسبة 23.6% من إجمالي استهلاك الدول العربية المصدرة للنفط quot;أوبكquot;، وعلى الرغم من امتلاكها احتياطيات ضخمة

من الغاز الطبيعي تصل إلى 6.09 تريليون متر مكعب عام 2010 وهو ما يمثل نسبة 11.11% من إجمالي احتياطي الغاز الطبيعي في الدول العربية والذي قدر عام 2010 بنحو 54.8 تريليون متر مكعب، إلا أن هذا الغاز لم يصل استخدامه كوقود للسيارات ليكون بديلاً عن البنزين إلى الدرجة المطلوبة حتى الآن في الإمارات.

حيث أن غالبية قائدي المركبات لا يقبلون على استخدام الغاز الطبيعي في سياراتهم على الرغم من أن الحكومة تسعى إلى حث المواطنين والمقيمين في الدولة على استخدامه بدلاً من البنزين، وذلك في إطار quot;الاستراتيجية البيئيةquot; لخلق بيئة خضراء نظيفة باستخدام تكنولوجيات الطاقة البديلة والمستدامة. ومن أجل تقليل الطلب على البنزين الذي تطالب شركات البترول في الدولة إلى زيادة دعم أسعاره من قبل الحكومة أو رفع أسعار بيعه بما يتناسب مع تلك الموجودة في السوق العالمية، وذلك بسبب ارتفاع تكلفة تكريره.

الغاز الطبيعي أقل تلوثاً

إغلاق محطات البنزين

وقال الخبير البيئي الدكتور أحمد الحسيني لـquot;إيلافquot; إن الإمارات تصنف ضمن أكثر الدول تلويثًا للبيئة في العالم (من انبعاثات الكربون) مقارنة بعدد السكان. وإن شركات البترول في الدولة مثل إينوك وايبيكو والإمارات بدأت تغلق العديد من محطاتها في دبي والإمارات الشمالية لعدم قدرتها على الاستمرار في بيع البنزين بالأسعار الحالية دون الحصول على دعم حكومي مناسب، وفي ظل رفض الحكومة رفع أسعار البنزين بما يتناسب مع أسعاره العالمية.

موضحًا أنه لتلك الأسباب تبذل الدولة جهودًا كبيرة من أجل تغيير ذلك الواقع عبر مبادرات بيئية كثيرة منها أن الدولة عملت على زيادة الرقعة الخضراء بأغلب المدن والمناطق الصحراوية، ما ساهم في تخفيض نسبة التلوث بما فيها ثاني أكسيد الكربون في الهواء، كما أقامت مجموعة من المشاريع التجريبية لتوليد الطاقة باستخدام المصادر المتجددة، وقد قامت في مارس عام 2006 بإعلان مبادرة إنشاء شركة أبوظبي لطاقة المستقبل المعروفة باسم quot;مصدرquot;، وهي مبادرة متكاملة متعددة الأوجه لتبني استخدام تقنيات مختلف الطاقات البديلة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وquot;مصدرquot; هي مدينة في ابوظبي لا تسير فيها أي سيارات تعمل بالبنزين إنما توجد فيها فقط سيارات تعمل بالغاز الطبيعي. ودخلت في سبتمبر 2011 مع هيئة مياه وكهرباء أبوظبي في مشروع تجريبي مشترك للطاقة الشمسية، يتمثل في تركيب ألواح كهروضوئية على أسطح 11 مبنى حكومياً وخاصاً في أبوظبي.

مبادرات وخطط بيئية

وأضاف الحسيني أن الدولة طرحت مبادرات أخرى لاستخدام الطاقة المتجددة في إطار الاستراتيجية البيئية الوطنية الإماراتية لخلق بيئة خضراء نظيفة باستخدام تكنولوجيات الطاقة البديلة والمستدامة. حيث أعلنت بلدية دبي عن خطة لتحويل مركباتها إلى الغاز الطبيعي، بحيث تستخدم اسطوانات غاز تراوح سعتها ما بين 55 و65 لتراً من الغاز تبلغ تكلفة تعبئتها نحو 15 درهماً، وتكفي لقطع نحو 120 كيلومتراً، وتتحول أوتوماتيكياً إلى البترول فور نفاد الغاز. ويسهم ذلك المشروع في تحقيق فائدة اقتصادية كبيرة حيث سيوفر نحو مليونين و300 ألف درهم سنوياً في حال تم تحويل 400 مركبة من استخدام البنزين إلى الغاز الطبيعي، كما سيحقق تحقيق فائدة بيئية كبيرة أيضًا من خلال تقليل معدل الانبعاثات الكربونية بنسبة 70٪ في كل مركبة عن معدل الانبعاثات الكربونية في حال استخدام الوقود التقليدي.

الإمارات تسعى الى خفض نسبة العادم في المركبات

وأوضح الحسيني أن هيئة البيئة في أبوظبي أعلنت عن بعض الخطط المزمع تنفيذها لخفض معدلات التلوث الناتج عن المركبات من بينها خفض نسبة العادم المسموح به للمركبات، وتحويل المركبات للعمل بالغاز الطبيعي. كما اعلنت مواصلات الإمارات أن المؤسسة ومن خلال مركز تحويل المركبات للعمل بالغاز الطبيعي، انتهت من تحويل ما يزيد على 1600 مركبة مختلفة الأنواع والأحجام، تحت إشراف كوادر فنية متخصصة في هذا النشاط، وسيتم على مراحل تحويل كافة مركبات المؤسسة البالغ عددها 10 آلاف مركبة متنوعة تقريبًا. ولكن يتطلب ذلك ضرورة توفير محطات جديدة للغاز الطبيعي بحيث تغطي جميع مدن الدولة.

الغاز الطبيعي أكثر أمانًا من البنزين

وأشار الحسيني إلى أن هناك علاقة طردية بين زيادة أعداد المركبات وارتفاع معدلات التلوث البيئي في الدولة، لما تنتجه هذه المركبات من غازات ضارة بالبيئة، وفي مقدمتها غاز ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج من احتراق الهيدروكربون المكون للنفط. موضحًا أنه لا بد من مراجعة النسبة الحالية المسموح بها والعمل على تحديثها وخفضها لتواكب المرحلة الحالية بهدف التخفيف من آثارها في صحة الفرد.

الغاز الطبيعي الأكثر أماناً

وطالب بضرورة العمل على تقليل انبعاثات الغازات السامة من المركبات عبر التوجه نحو استخدام مصادر الطاقة الأقل تأثيراً في البيئة مثل الغاز الطبيعي والكهرباء والطاقة الشمسية، فضلاً عن تشديد إجراءات الفحص الفني على محركات المركبات والتأكد من كفاءة عملها قبل الترخيص لها، وتشجيع الأفراد على اقتناء المركبات الصديقة للبيئة.

وقال الحسيني إن ذلك هو جزء من خطط حكومة دولة الإمارات للحفاظ على البيئة، ومن أجل تقليل الاعتماد على النفط والحفاظ على احتياطاته، في مقابل زيادة الاعتماد على الغاز الطبيعي الذي تقل تكلفة استخراجه وتقديمه للمستهلك بكثير عن استخراج النفط وتكريره. ولكنه لفت إلى أن quot;استخدام الغاز الطبيعي لا يلقى اقبالاً كبيرًا بين قائدي المركبات في الدولة بسبب اعتقاد الكثيرين الخاطئ بأن استخدامه غير آمن في سياراتهم، حيث يرون أن وضع اسطوانة تحتوي على الغاز في السيارة قد يعرضها للانفجار السريع في حالة اصطدام السيارةquot;. موضحًا أنه على العكس فاستخدام الغاز الطبيعي كوقود للسيارات يوفر مستوى عالياً للسلامة والأمان، وبدرجة أفضل من البنزين في حالة حوادث الاصطدام والحريق، لأن الغاز أخف من الهواء لذلك فهو يرتفع بسرعة في الجو ويتبدد في حال تسربه، هذا علاوة على أن الغاز ينتج تلوثًا أقل من البنزين.

لافتا إلى أن ارتفاع مستوى المعيشة وحياة الرفاهية التي يتمتع بها غالبية سكان الدولة والدعم الحكومي لأسعار البنزين يجعل من السهل على المواطنين والمقيمين في الإمارات استخدام البنزين في سياراتهم وعدم الحاجة إلى اللجوء إلى الغاز الطبيعي رغم أسعاره المنخفضة عن أسعار البنزين. ورغم أن ذلك الغاز لا يحتوي على الكبريت والرصاص، كما أنه غير سام وغير ضار ولا يشكل التعامل معه أي خطر على الصحة.

إحتياطيات ضخمة

تصل احتياطيات النفط في دولة الإمارات إلى 97.8 مليار برميل من النفط يمثل نحو 14.13% من اجمالي إحتياطي النفط في الدول العربية، والذي قدر في نهاية عام 2010 بنحو 683.66 مليار برميل، أما احتياطي الغاز الطبيعي

فقد شهد في دولة الإمارات ارتفاعاً من 6.04 تريليون متر مكعب عام 2006 إلى 6.09 تريليون متر مكعب عام 2010.

وتتركز الحقول النفطية المكتشفة في الإمارات بشكل رئيسي في إمارة أبوظبي التي تمتلك 92 مليار برميل من الاحتياطي وتتوزع بقية الاحتياطيات بين إمارات دبي والشارقة ورأس الخيمة. كما تعد إمارة أبوظبي المنتج الرئيسي للغاز الطبيعي بعد اكتشاف أحد أكبر حقول الغاز غير المرافق في مكمن الخف إضافة إلى إنتاج الغاز المرافق من الحقول المنتجة الرئيسية في الإمارات، كما تنتج الشارقة الغاز غير المرافق من الحقول البرية، وتبلغ كمية الغاز الطبيعي

المسوق في دولة الإمارات نحو 48.480 مليون متر مكعب سنوياً.