تقرير منتدى دافوس 2012 يتحفظ على تصنيف تونس
صدر منذ أيام تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس حول التنافسية لسنة 2012 /2013، وقد فوجئ جميع المتابعين لتفاصيله بتحفظ التقرير عن نشر تصنيف تونس لهذه السنة، حيث تقرر عدم الإفصاح عن النتائج بسبب فوارق هيكلية في المعطيات تجعل من المقارنة مع السنوات الماضية أمراً صعباً على حد ما ذكر في التقرير.

تونس: يذكر أن تصنيف التقرير العالمي لمنتدى دافوس يرتكز حول التنافسية الاقتصادية على دراسة مؤشرات 142 بلدًا ويعتمد على 110 تصنيفات تهم مختلف القطاعات ويقوم على 12 ركيزة أساسية، وهي مستوى المؤسسات و البنية التحتية واستقرار الاقتصاد الكلي والصحة والتعليم الأساسي والتعليم العالي والتكوين وحجم سوق السلع وفاعلية سوق العمل وتطور السوق المالية وعوامل التنمية وحجم السوق والتطور التكنولوجي ومستوى الابتكار ومناخ الأعمال ومدى التجديد يتم توزيعها على ثلاث مجموعات تهم عوامل النمو الاقتصادي ونجاعته وقدرته على التجديد.
إنذار جدي
قال فيصل دربال خبير اقتصادي ومالي في تصريح أدلى به لـ إيلاف إن هذا التقرير إنذار جدي للإسراع في نسق الإصلاحات، وذلك بسبب تدهور المؤشرات الاقتصادية في نهاية سنة 2011، وخاصة نسبة نمو السلبية بـ2 %-2، والارتفاع المهول لنسبة البطالة والارتفاع القياسي لعجز الميزانية مما ادى الى تأثير سلبي جدًّا على مجموع النقاط، وبالتالي على الترتيب العام، وأن تونس تعيش سنة بيضاء من حيث التصنيف حيث استثنى التقرير هذه السنة أربعة بلدان لم يشملها التصنيف، وهي أنقولا وبيليز (هونديراس البريطانية) وسوريا وتونس، وبإستثناء هذه البلدان فإنّ كل البلدان الأخرى بما فيها البلدان التي عاشت ثورات أو إضطرابات سياسية لم يتم استثناؤها ونذكر منها ليبيا ومصر واليمن وكانت تونس قد احتـلّـت في السنوات الفارطة مراتب متقدّمة نوعًا ما، موضحًاأن خبراء دافوس اعتبروا أن هذه الوضعية إستثنائية مع إمكانية العودة لنتائج أفضل بداية من 2012، وهو ما يفسـر تجنّب تخفيض التصنيف وتبني حل أفضل لتونس يتمثّل في عدم الإفصاح عن أي ترتيب.
وبيّن دربال أن ترتيب دافوس يعتمد في جزء منه على الاستمارة السنوية والمتضمنة لسبر آراء المستثمرين وأصحاب المؤسسات، ويمكن اعتبار مناخ الأعمال الذي اتّسم بالضبابيّة وعدم الطمأنينة، وكذلك الاضطرابات التي شهدها نسق الاستثمار وخاصة تهميش رجال الأعمال، كان لهما الأثر السلبي على نتائج الترتيب.
البحث عن الحلول
دعا الخبير الى البحث عن الحلول الجذرية للعودة لنتائج أفضل ولترتيب مشرف بداية من السنة القادمة ليكون عدم التصنيف استثنائياً ومرتبطًا بسنة بيضاء معدة للنسيان، وأول ما يجب القيام به هو فتح صفحة جديدة لمنوال الإصلاحات أساسها كثرة العمل والحد من الجدل وتفعيل الحوار الوطني واعتبار الحماس والروح الوطنية والمصداقية شروطاً ضرورية لقيادة مسيرة الإصلاح غير أنها تبقى غير كافية فلا بد من المهنية والدرجة العلمية التي ترتقي بالنضوج الفكري وبآلية اتخاذ القرار.
ومن جهته، أفاد الأستاذ المنذر بن حسين خبير في التصرف والتخطيط أن إقصاء تونس من التقرير دافوس والتحفظ بشأن تصنيفها انما هو امر يدعو الى الكثير من التساؤل والشك في السياسة الاقتصادية والمالية بالبلاد فمجرد التفكير في أن تونس أضيفت في تحفظ التقرير إلى عدة دول وسط وجنوب أفريقيا بسبب غياب المعطيات الاقتصادية وسوريا بسبب الانفلات الأمني أمر يثير جدلاً لا يمكن الخروج منه إلا بتوفير معطيات جديدة فبعد أن احتلت تونس المركز 32 عالميًا سنة 2010 و40 سنة 2011 بينما يتم إقصاؤها هذه السنة فهي مسألة من شأنها أن تنعكس سلبًا على نوايا الاستثمار الأجنبي وصورة البلاد في الخارج حيث سيقوم أي مستثمر قرر الاستثمار في تونس بوقفة تأمل عميقة تعيده إلى الخلف ويراجع إثرها كل حساباته المالية قبل ان يقوم ببعث مشروع او ربما سيتجه الى بلد اكثر استقرار خاصة بعد أن سبق و أن خفضت وكالة موديز تصنيفها الائتماني لتونس مشيرة الىأنها قد تعاود خفضه بسبب انعدام الاستقرار بالبلاد والاضطرابات التي عقبت الإطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وقال الخبير إنها المرة الأولى التي يتم فيها إقصاء تونس من تصنيف التنافسية العالمية منذ أن بدأ سنة 2004. وهو ما يدعو الى اتخاذ قرارات صارمة بشأن الوضعين الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، وضرورة وضع استراتيجية واضحة وخطة عمل دقيقة تخرج البلاد من حالة الضبابية التي اتسمت بها في الاونة الأخيرة.