البنك المركزي المصري في القاهرة

قرر المصرف المركزي المصري وقف التراخيص لبنوك جديدة، لكن السوق المصرفية المصرية الواعدة تستقطب بنوكًا قطرية وصينية وتركية وأميركية تسعى لدخول هذه السوق بالاستحواذ على بنوك محلية.


على الرغم من قرار غير معلن اتخذه البنك المركزي المصري بعدم منح التراخيص لبنوك جديدة، والاكتفاء بتسعة وثلاثين بنكًا عاملاً حاليًا في السوق، إلا أن السوق المصرفية المصرية تبدو على أعتاب استقبال لاعبين جدد، بعد تواتر الأنباء عن رغبة بنك قطر الوطني في الاستحواذ على حصة مصر في البنك الأهلي سوسيتيه جنرال، الذي يُعد ثاني أكبر البنوك التجارية الأجنبية العاملة في مصر، إلى جانب سعي بنكين تركيين لدخول السوق المصرية عبر الاستحواذ على أحد البنوك العاملة، منهما إيش بنك الذي يعد أحد أكبر المؤسسات المصرفية في تركيا.

إلى ذلك يضاف الاقتراح الذي أعقب زيارة الرئيس المصري محمد مرسي إلى الصين، بتكوين بنك مصري صيني يدعم التجارة بين البلدين، التي بلغ حجمها تسعة مليارات دولار في العام 2011، ما يفتح الباب أمام تغييرات في السوق المصرفية كما يؤكد الخبراء، تعيد رسم ميزان القوى المصرفية من جديد.

بنوك دولية آتية

أكدت بسنت فهمي، رئيسة شركة المشورة للاستشارات المصرفية، أن قطر دولة تمتلك موارد مالية عالية، تحاول استغلالها لتكون من الكيانات الاقتصادية الكبرى. وهي ترغب في السيطرة على جزء من السوق المصرفية في مصر بالاستحواذ على أحد البنوك، ما يدعم موقفها في دولة محورية كمصر. ومع الاتجاه لزيادة عدد المستثمرين القطريين في مصر، ثمة حاجة لبنك يخدم تعاملاتهم.

واعتبرت فهمي أن دخول البنوك القطرية مفيد للسوق المصرية بسبب قوتها المالية من جهة، وانفتاحها على السوق الدولية من جهة أخرى. كما أن القوانين المنظمة بعدم خروج الارباح ونقل الاموال بالدولار ستحقق وفرة مالية من العملة الاميركية، بما يصب في صالح الاقتصاد القومي.

إلى ذلك، توقعت فهمي دخول بنوك أميركية إلى السوق المصرية خلال الفترة المقبلة لخدمة الاستثمارات الأميركية.

ورحبت فهمي بوجود بنك صيني في القاهرة، مؤكدة أنه سيؤثر إيجابًا في عملية فتح الاعتمادات والتبادل التجاري المباشر بدلًا من اللجوء لفروع وسطية، مؤكدة أن لا خوف من ذلك طالما أن quot;البنك المركزي قوي وقادر على وضع ضوابط للسوق، كما أن قوانين سوق المال تنظم عملية الاستحواذ والشراء إذا وصلت الى نسبة خمسة في المئةquot;.

سوق واعدة

من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي شريف دلاور أن البنوك الكبرى لا تعدم حيلة إذا ارادت الاستحواذ على البنوك أو الشركات بنسبة حاكمة، مشيرًا إلى إمكانية سيطرتها عليها من خلال ما يعرف بالمجموعات المترابطة.

وتوقع دلاور لأي بنك يدخل السوق المصرية، سواء القطري أو الصيني، quot;أن يغيّر شكل الخريطة المصرفية في مصر في ظل جهاز مصرفي خليجي يحتل مرتبة متقدمة عالميًا من حيث جدارته الائتمانية، كما أن القطاع المصرفي في الصين شهد انتعاشًا في السنوات الأخيرةquot;.

وأوضح محمد الدقدوقي، رئيس المعاملات الإسلامية السابق في البنك الوطني، quot;أن سعي بعض الدول للدخول في السوق المصرفية المصرية ناتج من قناعتها بأن مصر سوق واعدة مصرفيًاquot;، مشيرًا إلى ما أكدته إدارة بنك سوسيتيه جنرال العالمي، بأن بيع استثمارها في مصر قرار فرضته الأزمة الاقتصادية في أوروبا، وأن مصر تأتي في مقدمة استثماراتها حول العالم.

لا تغيير جذري

وأكد الدقدوقي أن السوق المصرفية في مصر لن تشهد تغييرًا كبيرًا quot;طالما ظل البنك المركزي المصري متمسكًا بقراره عدم الترخيص لبنوك جديدة مبقيًا السوق أسيرة تسعة وثلاثين بنكًا عاملًاquot;. وأضاف أن خروج بنك أو اثنين ودخول بنوك بديلة لا يصنع فارقًا كبيرًا في السوق، وبالتالي يكون الحديث عن تغيير الخريطة المصرفية أمرًا مبالغًا فيه.

وقال: quot;عندما تقرر دولةٌ الاستحواذ على بنوك في دولة أخرى، يكون هدفها مساندة استثماراتها في هذه الدولة، وهكذا نفهم السعي القطري والصيني والتركي وربما الأميركي لدخول السوق المصرفية المصريةquot;.