أدت العقوبات الأميركية الجديدة على حكومة طهران إلى تراجع حجم التبادل التجاري بين دبي وإيران بنسبة 30 بالمئة تقريبًا، حصوصًا بعدما رفضت البنوك الاماراتية الاستمرار في تمويل هذا النشاط التجاري، خوفًا من أن تطالها العقوبات.


أشرف أبو جلالة من القاهرة: أظهرت إحصاءات تجارية خاصة بإمارة دبي للعام 2012، تم الكشف عنها أخيرًا، حقيقة تأثر علاقاتها التجارية والعقارية والسياحية مع إيران، نتيجة للعقوبات الغربية المفروضة على الجمهورية الإسلامية بسبب برنامجها النووي. واتضح من خلال البيانات أن التجارة بين دبي وإيران انخفضت بمقدار الثلث تقريبًا، من 36 مليار درهم في العام 2011 إلى 25 مليارًا في العام 2012.

تصدير وإعادة تصدير

تم على مدار السنوات القليلة الماضية تكثيف العقوبات المفروضة خارج الحدود الإقليمية، التي تهدد بفصل المقرضين عن النظام المالي في الولايات المتحدة إن تعاملوا مع هيئات إيرانية مفروض عليها عقوبات، ما تسبب في إغلاق العمليات التجارية الموجودة في إمارة دبي، مع بدء نضوب العمليات ذات الصلة بالتمويل.

وبالرغم من توقع التراجع في وقت سابق، إلا أن التجار قاموا بجهود مضنية باستخدام مقايضات وبمراوغة العقوبات في سبيل الحفاظ على استمرار تدفق السلع، بدءًا من المنتجات الزراعية التي تغادر إيران، وانتهاءً بالسلع البيضاء والآلات التي تتوجه إلى إيران.

كما كانت الشركات الغربية التي تسعى للتصدير إلى إيران ترسل سلعًا إلى دبي، لإعادة تصديرها إلى الجمهورية الإسلامية. وقال أحمد بطي، مدير عام جمارك دبي، إن التراجع حدث نتيجة الانخفاض الذي طرأ العام الماضي على قيمة الريال الإيراني، إذ فقد نصف قيمته مقابل الدولار الأميركي، إلى جانب تعنت المصارف الموجودة في الإمارات ورفضها تمويل هذه التجارة.

لا تورط

تتحاشى البنوك الدولية منذ سنوات التورط في التجارة الإيرانية، نظرًا لأن العناية الواجبة المطلوبة لإرضاء المنظمين الأميركيين مرهقة جدًا، وقد أغلقت حسابات تخص أسماء تبدو فارسية.

غير أن سنوات من التحالف القوي بين الولايات المتحدة والحكومة الإماراتية تزامنت مع نهج تنظيمي أكثر صرامة في الداخل، في وقت تدعم دولة الإمارات جيرانها بمنطقة الخليج في حرب كلامية متزايدة الانفتاح مع الجمهورية الإسلامية.

ولفتت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية إلى أن الدول العربية بمنطقة الخليج، شأنها شأن حلفائهم بالغرب، يشعرون بالقلق إزاء برنامج إيران النووي، واتهموا طهران بالتدخل السياسي في العراق والبحرين، حيث ما زالت التظاهرات، التي استوحت الربيع العربي وقادتها الأغلبية الشيعية، تعمل على تقويض استقرار النظام الملكي السني في المنامة.

صعوبات مستجدة

يلعب الإيرانيون، الذين يشكلون الجزء الأكبر من سكان دبي المغتربين، دورًا أقل في مساعي استعادة الإمارة علاقات تجارية أقوى وإنعاش السياحة وسوق العقارات. فالإيرانيون يقولون إن الأمور باتت أكثر صعوبة على صعيد الحصول على تأشيرات زيارة وعمل هذه الأيام، لذا بدأوا يتجنب سوق العقارات، في مقابل طفرة العقد الأول من القرن الحالي التي انتهت بأزمة العام 2008.

فيما تبحث طهران من جانبها عن شركاء تجاريين آخرين، ممن هم أقل تعرضًا للضغوط السياسية، مثل تركيا وماليزيا والصين وعمان، تعتبرها قنوات بديلة.

أما دبي فيمكنها أن تتغاضى عن تراجع مستويات النشاط التجاري مع إيران، التي تشكل الآن 2 بالمئة فقط من نشاطها التجاري الإجمالي، مع استبدالها الجمهورية الإسلامية بمقاصد جديدة في جنوب آسيا، حيث تعتبر الهند شريكها التجاري الأكبر منذ عدة سنوات، بالإضافة إلى مقاصد أخرى موجودة في أقصى شرق ووسط آسيا وأفريقيا.