اضطر الكثيرون من سكان قطاع غزة إلى العودة للحياة البدائية في إعداد الطعام في ظل أزمة متفاقمة في غاز الطهي، بينما لا توجد حلول جذرية لهذه الأزمة في قطاع تفرض عليه إسرائيل حصارا منذ سنوات.

غزة: لجأ الكثير من سكان قطاع غزة إلى أفران الطابون، وما يسمى بـquot;البابورquot; ونار الحطب، وغيرها من الأدوات القديمة التي مر عليها الزمن، للتغلب على مشكلة نقص غاز الطهي.
وقلصت إسرائيل توريد غاز الطهي إلى قطاع غزة منذ نحو شهر، الأمر الذي أدى إلى أزمة في القطاع عادت بالفلسطينيين هناك نحو ستين عاما إلى الوراء بشأن الأدوات التي اضطروا لاستخدامها في اعداد الطعام.
إيلاف تجولت بين محطات تعبئة الغاز وبين المواطنين ورصدت تفاقم الأزمة هناك.
نار الحطب خيار متاح
المواطن الغزي، محمد أبو حمادة (55 عاماً) يتحدث عن الأزمة بقولهquot;منذ حوالي الشهر ويزيد فرغت اسطوانات الغاز التي استخدمها للطهي في منزلي وكالعادة وضعتها في محطة للتعبئة ومنذ ذلك الوقت لم تأتيني الاسطوانات ولا يوجد لدي أي اسطوانة أخرى حتى أقوم بالطهي وسد جوع أبنائيquot;.
وأضاف:quot;استعضت عن اسطوانة الطهي بالنار والحطب وأقوم بإشعال النار كلما أردتُ أن أطهو لأبنائي شيئاً، لكن المشكلة أن النار تسبب الكثير من الأمراض، والدخان المنبعث منها هو سام للغاية ويؤثر على أطفالي الصغارquot;.
وأضافquot;المشكلة تكمن أن النار ليست متوفرة دائماً فلو احتجتُ مثلاً لأن أشرب قهوة أو فنجاناً من الشاي خلال ساعات الليل المتأخرة فأنني لا أجد غاز الطهي ولن أقوم بالطبع بإشعال النار بعد منتصف الليل فهي خطيرة وقد يقترب منها الأطفال فتحرقهمquot;.
ويختمquot;أحمل إسرائيل وحكومة حماس ورام الله المسؤولية عن هذه الأزمة الخانقة التي زادت الضيق لدينا كفلسطينيين، فنحن نعيش الأزمات المختلفة منذ أعوام ولا تنتهي مشكلة إلا وتبدأ مشكلة جديدةquot;.
ودعا أبو حمادة حكومة غزة إلى توفير بديل وتوزيع غازquot;الطهيquot;بالمناصفة بين المواطنين حتى يتم التغلب على الأزمة التي كل يوم يمر علينا تتفاقم أكثر وأكثر

رفض العودة لأزمة ماضية
تحمل بعض الأخشاب التي تتوجه بها لمنزلها، بدا الإرهاق حاضراً على وجهها،ولم تسعفها بعض قطرات العرق التي تصببت على وجهها إلا وان تروي حكاية المعاناة.
الغزية المتواصلة المواطنةquot;ابتسام مهديquot;تتحدث لإيلاف عن معاناتهاquot;منذ انتهت الأزمة الماضية وتقول:quot;كنتُ آمل ألا تعود مجدداً إلى بيوتنا، ونظراً لاستمرار انقطاع التيار الكهربائي فان الأزمة تتفاقم أكثر وأكثر بسبب غياب العنصرين الرئيسيين في البيت وهما غاز الطهي والتيار الكهربائي مما يسبب لنا الإزعاجquot;.
وواصلت الحاجة حديثهاquot;أعاني أنا وأطفالي من عدم توفر غاز الطهي لمنزلنا،وبالتالي بدأتُ فعلياً بتقنين وتخفيف عدد الوجبات التي أخصصها لأبنائي مما زاد ضجرهم كثيراً، حتى اضطررت لكي أذهب لإحضار الأخشاب التالفة لأشعلها وأطهو لهم الطعام الذي يحتاجونه نظراً لأنهم لا يزالون صغاراً ولا يتفاعلون مع الأزمات ولا يتفهمون الوضع الحاليquot;.
وتشرح الحاجة بداية يومها في السعي لإحضار الأخشاب لتطهو لأبنائها بالقولquot;كل صباح وعند السادسة صباحاً أتوجه إلى المناطق الخالية أو التي تحتوي على بعض الأشجار،و أقوم بتكسير بعض الخشب ثم أقطعه واحضره، ثم أقوم بإشعال النار والطهي عليها،هذا الأمر يسبب لي الإزعاج بشكل لا تتحمله أي نفس.
وتختمquot;أتمنى على موزعي الغاز ألا يقوموا باحتكار الغاز وأن يتم توزيعه بشكلٍ عادل حتى انتهاء الأزمة التي لا نرى لها حلاً قريباً.
موزعو الغاز يتحدثون عن أزمات أكبر
quot;محمد أبو خوصةquot;الموزع لغاز الطهي يتحدث عن الأزمة قائلاًquot;إسرائيل قلصت الكمية المخصصةِ لغزة منذ حوالي شهر بعدة حجج وكلها كاذبة ولا أصل لها مما زاد من العبء علينا كموردين وموزعين لغاز الطهيquot;.
وواصلquot;تفاقمت الأزمة منذ حوالي أسبوع،ولا أرى أن هناك حلولاً قد تلوح في الأجواء قريباً،لكنني أعتمد في توزيع حصتي على المواطنين بشكل متساو ولا أحتكره لنفسي.
مبيناquot;أبو خوصةquot;أن المواطن في غزة يتحمل فوق طاقته الأزمة تلو الأخرى.
ولفت أبو خوصةquot;أن المواطنين الغزيون قاموا مؤخراً باستخدام وسائل بدائية جداً أرجعتنا للوراء عشرات السنوات، حيث يقوم المواطنون باستبدال اسطوانة غاز اطهي بالبابور وهو عبارة عن آلة قديمة تعبئ بالكاز ويطبخ عليها الناس لكنها تتميز بأنها قديمة وتسبب الإزعاج بسبب صوتها المرتفع، ورائحته الكريهة،وصعوبة استخدامه، وخطرهquot;.
وطالب أبو خوصةquot;الحكومة في غزة بأن تحافظ على مخزون احتياطي من الغاز تحسباً لأية أزمات، وحتى لا يحصل أي احتكار من قبل بعض الشركات والموردين، مشيراً أن حكومة غزة لا تضع الرقابة السليمة على الموزعين مما يتيح لهم استغلال الناس ورفع سعر اسطوانة الغاز بشكل كبير وغير متوقعquot;.
ويختمquot;استخدمتُ مؤخراُquot;البدائل القديمة جداً ومنها البابور وهو حال الجميع في غزة،حتى يتم حل الأزمة المتفاقمة .
الهيئة العامة للبترول توضح
عبد الناصر مهناquot;المدير العام للهيئة العامة للبترول في غزة يتحدث عن الأزمة بقولهquot;نقص الغاز في قطاع غزة يسير في منحى خطير وتصاعدي في ظل مواصلة الجانب الإسرائيلي توريد كميات المحددة لا تناسب مع متطلبات الغزيين الكثيرةquot;.
وأشار مهناquot;أن كميات الغاز هي ثابتة منذ زمن طويل ولم تغيرها إسرائيل لكن المشكلة بدأت فعلياً نتيجة إغلاق معبر كرم أبو سالم في الفترات السابقة، مما أدى إلى تعميق الأزمة بشكل كبير وواضح جداً وبدأنا نلمس آثاره على المواطنين الذين يشتكون من نفاذ كميات الغاز المخصص للطهي وهي مشكلة كبيرة وتحتاج لحلول سريعةquot;.
وقالquot;إن الكميات التي تدخل غزة يومياً،تتراوح ما بين 120-160 طناً، وهذه الكميات لا تكفي احتياجات المواطنين التي قد تتجاوز 250 طناً وهذا يسبب الأزمات المتتالية والتي لا تنتهيquot;.
ويختمquot;يجب على السلطة الوطنية في رام الله أن تمارس الضغط الكبير على إسرائيل باعتبارها التي وقعت اتفاقيات الغاز وغيرها وهي التي تتواصل مع إسرائيل بشكلٍ مباشرquot;.
ويخشى المراقبون من تقليص الكميات في الأيام القادمة،ل اسيما وأن معبر كرم أبو سالم مغلق منذ فترة.