توقع خبراء اقتصاديون أن تجني مصر ثمار قراراتها الإصلاحية، مؤكدين أن ذلك سينعكس على إجمالي العجز في الموازنة العامة، المتوقع أن يشهد تحسناً عن العام الماضي.

إيلاف - متابعة: تجاوزت البورصة المصرية محنتها التي أعقبت ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011، إذ تخطت تداولات العام الماضي 55 مليار ورقة مالية، وهو أعلى مستوى تحققه البورصة المصرية في تاريخها، بحسب تقرير نشرته "العربية".

فوفقًا لبيانات البورصة، يشكل هذا الرقم ضعف المتحقق خلال العام 2013، ويقترب من المتحقق في عامي 2012 - 2013 معًا، وللمرة الأولى يزيد عن ضعف كميات التداول المحققة قبل الأزمة العالمية، وهي أعلى مستويات حققتها البورصة سابقًا. وسجلت قيمة التداول فى الأسهم فقط بعد استبعاد الصفقات ما يزيد عن 187 مليار جنيه، وهو أعلى مستوى لقيم التعاملات منذ 2010، ويزيد بأكثر من 100 مليار جنيه عن قيم التعاملات المحققة في 2013، ويساوي إجمالي قيم التداول المنفذة في 2012 - 2013 معًا. أما عدد العمليات فقفز إلى أكثر من سبعة ملايين عملية، وهو أعلى مستوى للتعاملات منذ 2010.

طفرة أجنبية

ربطت بيانات البورصة المصرية بين ثقة المستثمرين في السوق المصري وبين الطفرة التي شهدتها تعاملات المستثمرين الأجانب والعرب، والتي جاءت قياسية وتجاوز صافيها ما قيمته 3,4 مليارات جنيه، وهو العام الأول الذي تسجل فيه تعاملات الأجانب صافي شراء منذ الثورة، وبذلك يكون صافي مشتريات المستثمرين الأجانب خلال العام الماضي عادل صافي مبيعاتهم التي خرجت خلال العامين الأخيرين.

وشهدت البورصة المصرية زيادة كبيرة في رؤوس الأموال خلال 2014، لتقفز إلى 9,2 مليارات جنيه، وهو أعلى معدل محقق منذ 2011، ويزيد بنحو 88 بالمئة عن المتحقق في 2013، ويزيد عن إجمالي الزيادات في 2012 و2013 معًا، ويعادل ثمانية أضعاف المتحقق في 2012.

زيادة رؤوس الأموال

وافقت إدارة البورصة على زيادة رؤوس أموال لشركات أخرى بقيم تزيد عن 2,5 مليار جنيه، والمتوقع أن تُنهي الشركات إجراءات هذه الزيادات في بدايات العام الحالي، ما يعني أن إجمالي الموافقات التي تمت هذا العام تقترب من 12 مليار جنيه.

وبلغ عدد الشركات التي قامت بتنفيذ الزيادة في رأس المال أو تقدمت للحصول على زيادة في رأس المال نحو 72 شركة، وهو أعلى عدد شركات يقوم بزيادة رأس ماله منذ الأزمة العالمية عام 2008، خصوصًا أن هذا العدد يمثل نحو 30 في المئة من الشركات المقيدة تقريبًا قامت بزيادة رؤوس أموالها خلال العام الحالي، وهو من أعلى المعدلات في تاريخ البورصة المصرية.

إحصائيات رسمية

تشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري إلى ارتفاع معدلات الفقر في مصر إلى 26,3 بالمئة خلال الفترات الماضية، كما ارتفعت معدلات البطالة إلى 13,3 بالمئة ليسجل عدد العاطلين نحو 3,7 ملايين عاطل.

كما وصل حجم العجز في الموازنة خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام المالي إلى 84,5 مليار جنيه تمثل نحو 3,6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الكلي المتوقع خلال العام المالي الذي ينتهي في حزيران (يونيو) المقبل.

ووصل معدل التضخم السنوي في مصر بنهاية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي إلى نحو 9,09 بالمئة، وهبط احتياطي النقد الأجنبي لمصر إلى مستويات متدنية عند عتبة 15,88 مليار دولار. كما بلغ الدين العام المحلي لمصر نحو 1,816 تريليون جنيه حتى نهاية حزيران (يونيو) الماضي.

نتاج الاجراءات الاصلاحية

ونقلت العربية عن الخبير الاقتصادي الدكتور حمدي عبد العظيم قوله إن الإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها الحكومة المصرية خلال العام الماضي دفعت المؤسسات الدولية إلى تغيير تصنيفها الائتماني إلى مستقر، ودفعت صندوق النقد الدولي إلى تجديد المفاوضات حول القرض الذي ظل يماطل فيه الصندوق منذ قيام الثورة، ولم يوافق على منحه لمصر.

وأضاف: "إعلان الحكومة استهداف تحقيق معدلات نمو تصل إلى 6,8 بالمئة خلال العام المالي الجاري، أهم نتائج القرارات الإصلاحية التي لا ينكر الجميع صعوبتها وقسوتها على المصريين، خصوصًا الفقراء ومحدودي الدخل، وأعضاء الحكومة حينما تحدثوا عن هذا المعدل الذي لم تحققه مصر منذ 10 سنوات تقريبًا يضعون في الاعتبار جميع المعطيات التي تؤدي إلى تحقيق هذه النتيجة التي سوف يشعر الجميع بها، خلافًا لما كان يحدث قبل ذلك".

هيكلة منظومة الضرائب

وقال المحلل المالي نادي عزام للعربية إن الإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها الحكومة المصرية خلال العام الماضي بدأت بهيكلة دعم الوقود والذي وفر للموازنة العامة أكثر من 50 مليار جنيه، "كما أن تراجع أسعار النفط، وفَّر أيضًا نحو 20 مليار جنيه، وهذه الأرقام سوف تخصم من إجمالي العجز المتوقع للبلاد".

أضاف: "هيكلة منظومة الضرائب ساهمت بشكل مباشر في رفع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، كما أن هيكلة منظومة دعم السلع، قلَّصت من ارتفاعات الأسعار وكانت بمنزلة حماية لمحدودي الدخل من السوق السوداء والسوق الحر الذي يتحكم فيه كبار التجار والمستوردين".

وتوقَّع عزام أن يشهد العام الجديد انفراجًا كبيرًا على المستوى الاقتصادي، خصوصًا أن الأمور بدأت تتحرك لاسيما بعد عودة الاستقرار والهدوء إلى الشارع المصري، مؤكدًا: "بخلاف ترشيد الإنفاق العام فإن الحكومة سوف تطرح مشروعات قومية كبرى سيستفيد منها المواطن البسيط خلال الفترة القليلة المقبلة".