لندن: ربما تكون إيران على وشك إعادة الروابط المصرفية التي تربطها بالعالم بعد سنوات من العزلة، غير أن العودة لن تكون عملية سهلة إذ أن نظامها المالي الإسلامي تطور على نحو سيؤدي إلى تعقيد العلاقات مع البنوك الأجنبية.وتعاني البنوك الإيرانية من مشكلة القروض المتعثرة وعزلها عن النظام العالمي بسبب العقوبات المفروضة عليها، وهي في حاجة ماسة لاستئناف العمل مع البنوك الأجنبية التي سيمثل لها العمل مع إيران فرصة كبيرة.وبلغ إجمالي أصول المصرفية الإسلامية في إيران 17344 تريليون ريال حتى مارس/آذار 2014 أي ما يعادل 523 مليار دولار في أسعار الصرف في السوق الحرة، وذلك حسب أحدث بيانات البنك المركزي الإيراني. ويمثل ذلك أكثر من ثلث إجمالي أصول البنوك الإسلامية على مستوى العالم - بحسب رويترز-.

غير أن ضعف الوضع المالي للبنوك الإيرانية والعلاقات الوثيقة التي تربطها بالحكومة الإيرانية سيزيد مخاطر التعامل معها. وخلال سنوات العزلة طورت البنوك نظاما للتمويل الإسلامي يختلف في بعض جوانبه بشكل ملحوظ عن النظام السائد في الدول الأخرى ذات الغالبية المسلمة.وربما تجعل هذه الاختلافات من الصعب على البنوك الاجنبية بل وحتى البنوك العاملة في أسواق مصرفية إسلامية كبرى أخرى في الخليج وبعض دول جنوب شرق اسيا التعامل في إيران.وقال أشار نظيم الشريك بمركز «إي.آي» الاستشاري للمصرفية الإسلامية «في ضوء الوضع الاجتماعي السياسي السائد تطور السوق في إيران ليصبح صناعة مصرفية تتركز بنسبة كبيرة على السوق المحلية وقائمة بذاتها وموجهة.»
&
وربما يبدأ رفع العقوبات في الأشهر المقبلة إذا توصلت طهران والقوى العالمية إلى اتفاق لتقييد البرنامج النووي الإيراني بحلول 30 يونيو/حزيران المقبل. وسيؤدي هذا الاتفاق إلى زيادة كبيرة في حركة التجارة والاستثمار في إيران.وقال رامين ربيع العضو المنتدب بشركة «تركواز بارتنرز» للاستثمار ومقرها طهران «هناك فوائد هائلة للبنوك الإيرانية فأفضل ايراداتها كانت دائما من تمويل التجارة وخطابات الاعتماد.»وفي منطقة الخليج وأوروبا للبنوك الإيرانية عمليات كبيرة توقفت إلى حد كبير في السنوات الماضية، مثل فرع بنك «مللي» في وسط دبي. ومن الممكن أن تعود الحياة لهذه العمليات إذا رفعت العقوبات.
&
غير أن البنوك الإيرانية ليست في حالة جيدة تتيح لها استغلال طفرة أخرى. فبينما كانت الحكومة تحارب العقوبات في السنوات الأخيرة عملت على تثبيت أسعار الاقراض المصرفي دون مستوى التضخم الذي تجاوز 40 في المئة عام 2013.وبلغت القروض التي لا يسددها أصحابها 17 في المئة من إجمالي القروض عام 2013 لتمثل نحو عشرة في المئة من الناتج المحلي الاجمالي وذلك حسب بيانات صندوق النقد الدولي.وعملت إدارة الرئيس حسن روحاني الذي تولى السلطة في أواخر عام 2013 على خفض التضخم بشدة وساعدت البنوك في البدء في إصلاح قوائمها المالية.»
&
وتوضح بيانات البنك المركزي أن نسبة القروض المتعثرة والمشكوك في تحصيلها بلغت 13.2 في المئة من إجمالي القروض في مارس/آذار.غير أن من المتوقع أن يستغرق الانتعاش الكامل سنوات. وربما تحتاج البنوك لتدبير مليارات الدولارات من رؤوس الأموال الجديدة عن طريق بيع صكوك أو حصص من أجل فتح مجالات عمل جديدة كبيرة.ومن مصادر الخطر الأخرى العلاقات التي تربط الجهاز المصرفي بالحكومة. وتوجد في إيران ثلاثة بنوك تجارية مملوكة للدولة وخمسة بنوك حكومية متخصصة. ورغم أن الرئيس روحاني أعلن أنه يريد أن يلعب القطاع الحاص دورا أكبر في الاقتصاد فإن كثيرا من البنوك التسعة عشر التي توصف بأنها بنوك خاصة تربطها علاقات بمؤسسات الدولة وتعمل في ظل نفوذها.
&
في عام 1983 أقرت إيران تشريعا يحول نظامها المصرفي بالكامل إلى نظام إسلامي. لكنه نظام فريد من نوعه. ورغم أن علماء الدين في مختلف أنحاء العالم يقولون ان التمويل الإسلامي يحظر دفع الفائدة فما زال من الممكن للبنوك الإيرانية أن تبرم تعاملات أساسها الفائدة، كما أنها تحتفظ بالمعايير المحاسبية للبنوك التقليدية وذلك حسب دراسة أجراها البنك المركزي الباكستاني.وخلصت الدراسة إلى أن «كل هذه الملامح تشير إلى أن الصيرفة الإسلامية في إيران تختلف اختلافا كبيرا عن الملامح الأساسية للمصارف الإسلامية في مناطق أخرى من العالم.»وتستخدم معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية التي تتخذ من البحرين مقرا لها على نطاق واسع في مختلف أنحاء العالم لكنها غير مطبقة في إيران.
&
فعلى سبيل المثال حظرت الهيئة في عام 2007 التعامل في الصكوك الإسلامية باستخدام بيع السلم وهو نوع من عقود البيع الآجلة. غير أن بيع السلم في السوق الإيرانية نوع شائع من الصكوك.وربما تجعل مثل هذه الاختلافات من الصعب على البنوك الإسلامية بل والبنوك التقليدية إقامة علاقات مع البنوك الإيرانية وإبرام تعاملات معها على الأقل في البداية. وستحجم هيئات الشريعة بالبنوك الخليجية عن ابرام تعاملات تبدو غير إسلامية مع مؤسسات إيرانية.وقال مصرفي إيراني «المشاكل الرئيسية هي التعاملات في الدَين واستخدام المشتقات. فهذان مسألتان معقدتان للغاية في أي نظام مالي إسلامي وفي إيران لدينا نهج مختلف جدا.»
&
ومع ذلك توجد بوادر على أن إيران بدأت تطور قنوات جديدة من شأنها تسهيل الاتصالات مع البنوك الأجنبية. وفي الشهر الماضي قال مسؤول في هيئة الأوراق المالية والبورصات المسؤولة عن تنظيم العمل في سوق المال ان الهيئة تسعى لتطوير منتجات صكوك بديلة.وقال ماجد زماني، الرئيس التنفيذي لبنك «كاردان» للاستثمار الذي يتخذ من طهران مقرا له «لجنة الشريعة بهيئة الأوراق المالية والبورصات تعمل بجد لتعديل هذه العقود بالاضافة إلى تطوير عقود جديدة متوافقة مع الشريعة.»