على وقع الهبوط المستمر لأسعار النفط في الأسواق العالمية، يتحدث الخبراء عن إفلاس وشيك لثلث الشركات المنتجة للنفط والغاز، مؤكدين أن عدم ارتفاع الأسعار إلى حدود 50 دولارًا للبرميل، سيؤدي إلى كارثة حقيقة، وسيضع كل الشركات المنتجية أمام تحديات صعبة جدًا، فيما برزت مخاوف كبيرة من استمرار هبوط الأسعار.
&
إيلاف – متابعة: تعيش شركات النفط أزمة متفاقمة على صعيد الخسائر المتعاظمة، لا سيما في ظل اضطراب أسعار النفط وهبوطه في الأسواق العالمية، ما يدفعها إلى إعادة النظر في فاتورة الإنفاق على التنقيب والإنتاج، فيما حذر مصرفيون من موجة إفلاس ربما تضرب هذه الشركات، اثر توالي انهيار أسعار البرميل للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عامًا، إلى أقل من مستوى 30 دولارًا.
&
ويواجه 33% من منتجي النفط والغاز في الولايات المتحدة الأميركية خطر الإفلاس أو إعادة الهيكلة بحلول منتصف عام 2017، بحسب شركة Wolfe للأبحاث، وذلك في حال واصلت أسعار النفط تراجعها، فقد هبطت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط لأقرب استحقاق حوالى 4% إلى 29.93 دولارا للبرميل، وهو أدنى مستوى لها منذ ديسمبر 2003، لكنها سرعان ما قلصت خسائرها إلى 2.80% عند 30.53 دولارا في أواخر التعاملات في بورصة نايمكس.
&
لا استقرار!
&
وفي هذا الإطار، توقع فاضل غيث، المحلل المتخصص في شؤون النفط والغاز في شركة "أوبنهايمر أند كو"، في حديث صحافي، إفلاس نصف منتجي النفط الصخري الأميركي قبل أن يحدث توازن في سوق النفط الخام عالمياً، مشيرًا إلى أن سعر طبيعي new للنفط الخام من المفترض أن يصل من 50 إلى 100% فوق المستويات الحالية، معتبرًا أن متوسط أسعار النفط من المفترض أن تصل إلى وضع الاستقرار عندما تبلغ 60 دولاراً للبرميل، لكن هذا قد لا يحدث قبل عامين.
&
وتحدث عن أن هذا التوقيت لوصول أسعار النفط إلى وضع الاستقرار سيكون بعيداً جداً أمام كثير من منتجي النفط الصخري الذين يعتمدون في الحصول على النفط على عملية التكسير الهيدروليكي، وهي عملية مكلفة بشكل كبير عن عملية استخراج النفط من الآبار التقليدية، مؤكدًا أن نصف منتجي النفط الصخري لن يكون بإمكانهم الصمود، حتى أن أسعار النفط إذا تعافت مستقبلا وبلغت ما بين 50 إلى 60 دولارا للبرميل فذلك لن يناسبهم، ولكنهم يحتاجون إلى وصول سعر برميل النفط إلى 70 دولارا.
&
كما وتحدثت المعلومات عن أن بعض شركات النفط الأميركية تتابع ضخ النفط، ليس لأن السوق تحتاج إلى المزيد، بل لأن هذه هي الطريقة الوحيدة لديها لدفع الفائدة على الديون، وأن بعضها ينتج فقط لدفع تكلفة الدين، فيما حذر المصرفيون من أن شركات عديدة ستضطر للإفلاس بعدما وصل مجموع دين شركات النفط في العام 2015 إلى 353 مليار دولار، وسيكون من الصعب عليها دفع هذه الديون، أو متابعة دفع الفائدة المترتبة عليها إلا إذا ارتفع سعر البرميل إلى ما فوق 50 دولارا وفي وقت قريب.
&
تخفيض الإنتاج
&
إلى ذلك، دعا بعض أعضاء مجموعة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، إلى عقد اجتماع طارئ لمناقشة تخفيض الإنتاج، وقال رئيس المجموعة إيمانويل ايبي كاتشيكو إن اجتماعا استثنائيًا قد يعقد أوائل أذار (مارس) المقبل، فيما تعتزم شركات النفط والغاز العالمية خفض الإنفاق على التنقيب والإنتاج نحو 15 بالمئة، في حال تراوحت أسعار النفط الخام بين 45 و50 دولارًا للبرميل، لكن الخفض قد يقترب من 20 بالمئة إذا ما استقرت الأسعار حول 40 دولارًا للبرميل.
&
هذا وتشهد أسعار النفط انخفاضًا حادًا في الأسواق العالمية مع استمرار زيادة المعروض وضعف الطلب عالميًا، بحيث تهاوت الأسعار بنسبة تبلغ حوالى 15% منذ بداية العام الحالي، لتصل إلى أقل مستوى لها على مدار 12 عاما تقريبًا، الأمر الذي دفع بعض الدول الأعضاء في مجموعة "أوبك" إلى المطالبة بمراجعة حصص الإنتاج.&
&
وفيما ارتفعت العقود الآجلة للنفط اليوم الأربعاء للمرة الأولى في ثمانية أيام، إذ صعد خام القياس العالمي برنت 20 سنتا إلى 31.06 دولارا للبرميل، وخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 27 سنتا إلى 30.71 دولارا للبرميل، حذر محللون من أن السوق النفطية ستظل غير متوازنة بشكل جوهري، ما دامت ثمة زيادة في العرض والتجهيز وركود في الطلب على النفط.
&
تحديات صعبة
&
وعلى الرغم من تحذير بنك مورغان ستانلي" من هبوط النفط لمستوى 20 دولارا بسبب قوة الدولار، الا أنه من الصعب التكهن بمسار اسعار النفط خلال السنوات القليلة المقبلة، فقد لفت بعض المحللين إلى أن النفط المقوّم بالدولار قد يتهاوى بنسبة قد تتراوح بين 10 إلى 25% في حال ارتفاع العملة الأميركية بنحو 5%، مشيرين إلى أنه في الوقت الذي تراجع فيه النفط إلى أدنى مستوى بفعل تخمة المعروض، فإن مزيدًا من الانخفاض قد يكون مرتبطا باحتمالية صعود الدولار.
&
كما وأكدوا أن سيناريو وصول النفط لمستوى 20 دولارًا للبرميل أصبح ممكنًا بسبب التطورات المحتملة في سوق صرف الدولار الأميركي، الأمر الذي يضع شركات النفط أمام تحدٍ صعب، وقد تجد نفسها مضطرة للاستغناء عن عدد من الموظفين، فيما اضطرت بالفعل الى تخفيض خططها الاستثمارية، والتي تقدر بمليارات الدولارات.
&
وفي الشأن ذاته، تابع عدد من الصحف تداعيات انخفاض أسعار النفط على الشركات النفطية الكبرى، فكرّست صحيفة الفايننشال تايمز متابعة في صفحتها الأولى عن تأثير الأزمة النفطية على شركتي بريتيش بتروليوم وبتروبراس البرازيلية، إذ دفعت الأزمة بالأولى إلى إلغاء الآف الوظائف وتسريح العاملين فيها، كما قامت الثانية بتخفيض مبلغ عشرة ملايين دولار من إنفاقها العام، وكذلك هي الحال مع صحيفة الأندبندنت التي تحدثت عن أن ركود اسعار النفط يجبر شركة بي بي على إلغاء 4000 وظيفة اخرى.

&