اتجاه البورصات العالمية إلى الاندماج والتكامل بدأ يأخذ زخماً أكبر مع إعلان بورصتي لندن وفرانكفورت أنهما تبحثان اندماجهما معاً لتقديم خدمات مميزة. وفي دول الخليج تتوافر كل العوامل لإندماج جميع بورصاتها وتكاملها في ظل السوق المشتركة، لكن الحديث عن هذا الاندماج توقف تماماً منذ أزمة دبي المالية 2009.

الرياض: تشكل إقامة بورصة خليجية موحدة فرصة مؤاتية وجيدة على المدى الطويل لاجتذاب مزيد من السيولة، وتخفيض تكاليف التداول والتسوية، وينعكس ذلك وفقًا لمراقبين إيجابًا على الأسعار بشكل عام، لا سيما أن هناك عوامل محفزة لإندماج هذه البورصات السبع تحت مظلة واحدة، ويعكس ذلك التكامل حقيقة السوق الخليجية المشتركة التي ينادي بها قادة الدول واقتصاديوها، ويمثل خطوة مهمة في رؤية العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز بالانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد.

العوامل المشجعة على الاندماج

لكي تتم عملية الإندماج يتطلب توفر شروط معينة، وقياساً على الوضع الخليجي فإن هذه الشروط متوفرة وأبرزها توافر الإرادة السياسية لدى دول الخليج الست في ظل دعم قيام السوق المشتركة بين هذه الدول، وهي خطوة قد تمهد لتحقيق الاندماج أو التحالف بين بورصاتها، لا سيما أن الاندماج يحقق الغاية العظمى المتمثلة في التكامل الاقتصادي بينها.

وفي ما يتعلق بتوفر في بنية الكترونية فعّالة بفضل تطور التكنولوجيا والأنظمة الحاسوبية السريعة، أصبحت هذه البنية متوفرة ومتاحة وقد استفادت منها الدول الخليجية في تبادل معلومات معينة تتعلق بالتأمين والجمارك، مما يعني من السهولة التوسع فيها لتشمل التكامل بين بورصاتها.&

وفي ما يتعلق بالبيئة التنظيمية والتشريعية المشتركة التي&تضمن سلاسة عمل البورصة الموحدة، فإن ذلك ممكن بدعم من إدارة التكامل الاقتصادي في الأمانة العامة لمجلس التعاون، يليها النظر في معالجة القضايا التي تتعلق بنظام تسوية مدفوعات فعّال وقادر على تسهيل عملية التسويات دون حدوث مشاكل وأخطاء.

الاندماج يضعها ضمن أكبر عشرين سوقا مالية&

وفي حالة إندماج البورصات الخليجية تحت سقف واحد، فإن ذلك سيجعلها تضم إلى عضوية أكبر عشرين سوقاً مالية على مستوى العالم، فمجموع قيمتها الرأسمالية الموحدة& يقدر بنحو تريليون دولار، وهذا سيضعها في المرتبة 17 من حيث حجم البورصات العالمية، وتمثل هذه القيمة نحو 1.8% من مجموع القيمة الرأسمالية للبورصات العالمية، العضو في الاتحاد، والتي تتجاوز 60 تريليون دولار.

مزايا إندماج البورصات الخليجية&

ويرى مراقبون أن اندماج البورصات الخليجية وتكاملها سيشكل عامل جذب للشركات المحلية والأجنبية ويستقطبها لإدراج أسهمها للتداول في البورصة الموحدة الجديدة، ما سيعزز من قدرتها على زيادة وتنويع محفظتها من الأسهم المتاحة للمستثمرين.&

كما أنها ستعمل على توفير منصة تداول أكثر فاعلية وسهولة لتعاملات المستثمرين، لتسهم في إقامة مركز أقوى للإدراج والتداول، مما سيعزز الأسواق الخليجية على المدى الطويل ويستقطب إليها المزيد من المستثمرين الأجانب.

استبعاد فكرة الربط والدمج&

وفي المقابل، يستبعد مختصون فكرة ربط أسواق الأوراق المالية الخليجية، مؤكدين أن توحيد أنظمة البورصات الخليجية أقرب من ربطها.&

وكان المحلل الاقتصادي عبد الله باعشن قد قال في وقت سابق إن توحيد البورصات الخليجية أقرب من الناحية التخطيطية العملية من اندماجها من الناحيتين القانونية والاقتصادية، وفقًا لأفضل الممارسات العالمية، ذاهبًا إلى أن معظم البورصات الخليجية مؤسسات حكومية تخضع لسيادة دولها، مشيرًا إلى أن الاندماج بين الكيانات يهدف إلى الربح ومزايا اقتصادات الحجم والمنافسة والقدرة على التفاوض، مشيراً إلى أن السوق المالية الموحدة قيمة مضافة ومصالح مشتركة تلتقي مع الإرادة السياسية التي أطلقها خادم الحرمين للانتقال من التعاون إلى الاتحاد.
&
وهو ما أيده مصعب العتيبي المختص في أسواق المال، مشيراً إلى وجود عوائق تمنع تحقيق الربط بين الأسواق الخليجية، وأن الفرصة أمام الأسواق المالية الخليجية للتعاون في ما بينهما كمرحلة أولية، وأن التشابه بين دول مجلس التعاون في السياسات المالية يسهل الطريق إلى التعاون والتكامل بين أسواقها، لاسيما أن دول الخليج قامت بتوحيد القوانين واللوائح المنظمة للإدراج والتداول في مختلف أسواق الأوراق المالية (سندات أو أسهم)، مشيرا إلى أنها ما زالت تعمل على تحقيق ذلك الهدف الذي تم فعلاً إنجاز كثير منه، على حد قوله.

فيما انقسم المتداولون بين مؤيد للفكرة وداعم لها، ورافض لها يرى أنها لن تضيف أي قيمة للاقتصاد، إذ يرى فراس الزامل أنه لا قيمة معنوية أو اقتصادية للاندماجات في عصر التداولات الالكترونية، وأن التداولات في العالم تحدث على منصات الكترونية تتجاوز المنصات التقليدية، وأن الخدمة المميزة تكون بالسعر وسرعة التنفيذ.

&فيما يرى سعد الحامد أن الاندماج سيسهم بشكل مباشر في الحد من المركزية، ونفوذ بعض التجّار وتحكمهم في الأسعار، فيما ذهب سطام البخاري إلى أن الاندماج والتكامل بين دول الخليج سيكون ذا أهمية وقيمة مضافة ليست على مستوى البورصات فقط، بل على الاقتصاد ككل.