إيلاف من سول: تكتسب كوريا الجنوبية أهمية كبيرة على صعيد الاقتصاد العالمي، وقد تؤثر الأحداث التي تمر بها على الاقتصاد في قارة آسيا والعالم. وفي ظل ضغوط سياسية متصاعدة، أعلن رئيس كوريا الجنوبية، يون سوك يول، فرض الأحكام العرفية في الدولة الديمقراطية لأول مرة منذ أكثر من 50 عامًا، مما أثار احتجاجات بالقرب من مبنى البرلمان.
وبحسب بيانات البنك الدولي فإن اقتصاد كوريا الجنوبية يعتبر رابع أكبر اقتصاد في آسيا بقيمة 1.7 تريليون دولار.

وأعلن التلفزيون الوطني في ساعة متأخرة من الليل القرارن مما دفع المواطنين فورًا إلى التفكير في احتمالية وجود تهديد متعلق بكوريا الشمالية، الجارة المسلحة نوويًا، أو قضية أمنية وطنية خطيرة مثل هجوم إرهابي أو انقلاب.

لكن سرعان ما اتضح أن يون اتخذ هذا الإجراء الجذري استجابة لسلسلة من التطورات السياسية، حيث أن الأحكام العرفية تمنح القوات العسكرية صلاحيات إضافية، وقد يتم تعليق بعض ضمانات وإجراءات سيادة القانون المعتادة.

فبعد فقدانه السيطرة على البرلمان في وقت سابق من هذا العام، كانت حكومته تواجه سلسلة من مشاريع القوانين والقرارات التي تقدمها المعارضة بهدف تقويض حكمه.

ويرى المراقبون السياسيون أن الرئيس قد اضطر إلى اللجوء لهذا التكتيك غير الديمقراطي، لصد الهجمات السياسية الموجهة ضده.

إدانة فورية
قوبل الإعلان على الفور بإدانة شديدة من قادة المعارضة، حيث وصفوه بغير الدستوري، ودعا زعيم المعارضة، لي جاي ميونغ، أعضاء حزبه الديمقراطي إلى الاجتماع في البرلمان مساء الثلاثاء للتصويت ضد الإعلان.
ورغم أن حافلات الشرطة قد تمركزت بالفعل لمنع أو عرقلة الوصول إلى مبنى البرلمان في العاصمة سيول، لكن المتظاهرون اندفعوا نحو مبنى الجمعية الوطنية، وهم يهتفون "لا للأحكام العرفية! لا للأحكام العرفية!"، واندلعت اشتباكات بينهم وبين الشرطة التي كانت تحرس المبنى.

وتشير الأحكام العرفية إلى حكم مؤقت تُمنح فيه السلطات العسكرية صلاحيات استثنائية خلال حالة طوارئ، عندما يُعتبر أن السلطات المدنية عاجزة عن العمل، بحسب ما نقلته شبكة "BBC"، واطلعت عليه "العربية Business".

وكانت آخر مرة فُرضت فيها الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية في عام 1979، بعد اغتيال رئيس طويل الأمد خلال انقلاب، ولم يتم اللجوء إليها منذ أن أصبحت كوريا الجنوبية ديمقراطية برلمانية في عام 1987.لكن يوم الثلاثاء، لجأ يون إلى هذا الخيار في خطاب وطني، معلنًا أن البلاد تواجه تهديدًا من "قوى معادية للدولة".

تفوق المعارضة
منذ الانتخابات العامة في أبريل، أصبح يون رئيسًا ضعيفًا، بعد أن حققت المعارضة فوزًا ساحقًا، ولم تتمكن حكومته من تمرير مشاريع القوانين التي ترغب بها، واقتصر دورها على استخدام الفيتو ضد مشاريع القوانين التي تمررها المعارضة.

كما شهد يون تراجعًا حادًا في شعبيته بين الناخبين، وسط سلسلة من فضائح الفساد واستغلال النفوذ السياسي، بما في ذلك قضية تورطت فيها السيدة الأولى لقبول حقيبة ديور، وأخرى تتعلق بالتلاعب في الأسهم.
قبل شهر فقط، اضطر يون إلى تقديم اعتذار علني على التلفزيون الوطني، معلنًا إنشاء مكتب لمراقبة مهام السيدة الأولى، لكنه رفض إجراء تحقيق أوسع أو مستقل، وهو ما كانت تطالب به أحزاب المعارضة.

هذا الأسبوع، اقترحت المعارضة تخفيض ميزانية حكومته، وهو مشروع قانون لا يمكن استخدام حق الفيتو ضده، في الوقت نفسه، تحركت المعارضة أيضًا لعزل أعضاء في حكومته، بمن فيهم رئيس هيئة التدقيق الحكومية، بسبب عدم التحقيق مع السيدة الأولى.

ماذا بعد؟
فاجأ إعلان يون الكثيرين، والوضع يتطور بسرعة الآن، إذ دعت المعارضة السياسية الجمهور إلى التجمع خارج البرلمان في احتجاجات سلمية.
ويُعرف عن كوريا الجنوبية تنظيمها لمظاهرات شعبية فعالة قادرة على تغيير الحكومات.

وفي الليلة ذاتها، دعا الحزب الديمقراطي المعارض جميع نوابه إلى الحضور إلى الجمعية الوطنية، ووفقًا للقانون الكوري الجنوبي، يتعين على الحكومة رفع الأحكام العرفية إذا طلبت ذلك الأغلبية في البرلمان من خلال تصويت، وينص القانون أيضًا على منع قادة الأحكام العرفية من اعتقال النواب.

لكن حافلات الشرطة كانت قد اتخذت مواقعها بالفعل أمام المبنى، فيما يُنظر إليه على أنه محاولة لمنع النواب من الوصول إلى الجمعية.

في الوقت نفسه، برزت انقسامات داخل حزب يون الحاكم، وأعلن زعيم حزب "قوة الشعب"، هان دونغ هون، أن إعلان الأحكام العرفية كان خطوة "خاطئة"، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام المحلية. وتعهد بالعمل على إلغاء القانون.