جبل تَرَناكي
يتيماً
أقفُ أمام البحر
يرمي بوجهي عويله وظلامه
كل آن
حتى تخثّر الدم على سفوحي
والخضرة انبثقت بصحبة الأزل
يتيماً
أقف أمام البحر
نهارات تهطل
وكم من فصول تتنزّه
في جسدي
على جبيني
حقول القطن تتباهى
والطيور تلوذ بي
بُعَيدَ كل خسارة لها مع الامواج
تلتفّ حول عنقي الغيوم
قلادةً للوقت
وشاهدةً على معارك مهجورة
أمطاري خارجة على القانون
وشلالاتي نزيف يهدر
على كفيّ تستريح الغابات
وفي أسفل السرة
ما يغري الوعول بأشياء لا يمكن
البوح بها
كلما حاصرتني الرياح
استنجدُ بهيبتي
فتطلّ شامخةً على الأفق
الأفق ذاته يتقرفص تحتي.
الساموراي
يعتمر خوذته
يمتشق سيفه الذي يكاد ينافسه على قوامه
يتمنطق بالفولاذ
انه بكامل أبهته
فيه رائحة التاريخ وبقايا غباره
ولأنه لم يجد فرساناً ليقاتلهم
خَصّصوا له ركنا ً في المتحف
وفي المهرجانات
تراه يجلس على صخرة قرب قصره
أو يقفُ في زاويةٍ ما
تُلتقط له الصور التذكارية مع الأطفال
وفي أحسن الأحوالِ
يتبخترُ أمامَ الزوار
وفي المساء
عندما تنفضّ العوائل الى مهاجعها
يُجَرّدُ من أبهته
ويركنُ في زاويةٍ شبه مظلمةٍ
في متحفٍ ما
بانتظارِ مهرجان جديدْ.
شئٌ ما عنكِ.. شئٌ ما عني
... ويلنغتن
محطةُ الريح الكبيرة
تفتحُ ذراعيها
لتعليب الهواء المبلل
مخلوطاً باستغاثاتِ ربّات المياه المالحة
كنائس تستدير مع الأفق صامتةً
نواقيسها هذياناتُ أخرس
فقدت جنينها
ويلنغتن
... على ساقيك
تنبتُ البحارُ مثمرةً بالأمواج
الامواج ذاتها كثيراً
ما تختلسُ القبلات من المارة
في سمائكِ الخجولة
قوافل الغيوم ترعى مستفزةً
حيث ذئاب الأيام
تصبغُ مخالبها بدمي
محارب أثريّ هو المطر
خَسَر معاركه جميعاً
فاستأسدَ عليكِ
لا أبواق.. لا مزامير
تعيد البهجة لروحي
ليس سوى الأنوناكي
بافراطٍ تحتسي الجعةَ وتدخّن الميريوانا
قلقاً على سُرّتِكِ الملآى بالبوهوتوكاوى
بينما طائر الكيوي
عطّلَ جناحيه الى الأبد
قربانا لقبائل الماوري
وعندما يطرقُ البرقُ
أبوابَ عشه
يُمزّقُ أوراقه الثبوتية
... ويلنغتن
مفطومةٌ من صياح الديكة
وحصار التاريخ
الثلوج خارج نطاق اهتمامك
والعواصف أنهار موسميةٌ
تختتمُ رسائلها في سبابتكِ
أنا من قادكِ الى الدفء
لكنكِ مثل كل المدنِ التي توزّعتني
شَيّعتِ أحلامي
ونثرتِ أكفانها في سُبُلي
جبالكِ القصيرة القامة
لا تملّ من النظرِ الى خلجانكِ
حيثُ الدلافين
تعزفُ أغانيها في ثناياكِ
أحياناً وتحتَ شمسكِ الوقحة
تستعرضُ النسوة
أفخاذهنّ جذلات
يزدردنَ بأنني رَجُلٌ
صارَ طعماً
سائغاً للنيرانْ
ويلنغتن: عاصمة نيوزلندا
البوهوتوكاوى: شجرة نيوزلندية الأصل، تزهر زهرات حمر في فترة أعياد الميلاد، فتسمى بشجرة عيد الميلاد أيضاً.
الكيوي: طائر نيوزلندا الوطني، وهو طائر ليليّ لا يُحلّق ويطلق الاسم على النيوزلندي كذلك.
الماوري: سكان نيوزلندا الاقدم، وهم قبائل.
التعليقات