بدأت اسرائيل حملة عسكرية على غزة وجنين وربما مناطق أخرى في الضفة الغربية، نتيجة للعملية الانتحارية الارهابية التي قام بها عنصر من عناصر "الجهاد الإسلامي" في مدينة الخضيرة الاسرائيلية وقتلت خمسة من المارين في الشارع، ظنا من "الجهاد الإسلامي" بأن مثل هذا العمل سوف يعيد فلسطين من البحر إلى النهر ويقضي على اسرائيل بجرة قلم كما طالب أمس الأحمق احمدي نجاد رئيس الحكومة الايرانية المهددة بلاده الآن من الطرد من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي نتيجة لهذه الحماقة السياسية.
و"الجهاد الإسلامي" تعلم علم اليقين بأن كل يهودي يُقتل سوف يذهب مقابلة عشرات الضحايا من الفلسطينيين اضافة إلى عرقلة المباحثات بين عباس وشارون. وهذا هو ما تريده "الجهاد الإسلامي" وغيرها من الفصائل الدينية الفلسطينية الأصولية المسلحة.
فـ "الجهاد الإسلامي" ليست معنية بدماء الفلسطينيين التي تضيع هباءً ومجاناً، نتيجة لأعمالها الارهابية التي تؤخر ولا تقدم ، ولكنها معنية بالدرجة الأولى بأن لا يتحادث عباس مع شارون، وأن يمتنع شارون عن مقابلة عباس، لأن "الجهاد الإسلامي" والفصائل الدينية الفلسطينية الأصولية المسلحة ضد عملية السلام ككل ومن حيث المبدأ . لذا فقد حرصت "الجهاد الإسلامي" مشكورة، وبلحى زعمائها المخضبة بالحناء والبخور، أن تنسف كل بارقة أمل وكل خطوة نحو السلام، ونحو بناء الدولة الفلسطينية العلمانية بقيادة عباس .
محمود عباس هو الملوم كل يوم من قبل شارون عن عدم قدرته على تصفية الارهاب الفلسطيني الأصولي الديني. وشارون يعلم بأن عباس صاحب العين البصيرة واليد القصيرة، قاصر بامكاناته السياسية والعسكرية والمالية على القضاء على الارهاب. كما أن الدول العربية فرادى وجماعات قاصرة على تصفية الارهابيين في لبنان والعراق والسعودية والمغرب واليمن والجزائر ومصر وغيرها. واسرائيل هي القوة العسكرية الوحيدة الضاربة التي تستطيع أن تنـزع شوكها بيدها وأن تنـزع شوك العرب أيضاً.
فلماذا يا خواجه شارون هذا اللوم، وهذا العتب، وهذا التأنيب لمحمود عباس ليلاً نهاراً، وأنت العارف بالبئر وغطاها، كما يقول المثل الفلسطيني؟
لا أحد في فلسطين وفي غزة وفي الضفة الغربية وفي العالم العربي قادر على لجم الارهاب للفصائل الدينية الفلسطينية الأصولية المسلحة غير اسرائيل. ولنقل ذلك بصراحة ووضوح. وبعد خمس دقائق من نشر هذا المقال سوف تأتيني عشرات الرسائل الشاتمة المتعنترة المكذبة لقول،ي والداعية إلى الجهاد والكفاح المشلّح وليس المسلّح. الكفاح المشلّح من كل القيم الأخلاقية والانسانية.
فعلى بركة الله. وليبقَ الثور العربي يدور حول ساقية الكذب والعنجهية والمكابرة والهيجاء ودفن رأسه في الرمال إلى أبد الآبدين.
لقد سبق لإدوارد سعيد أن تساءل في معارضته للكفاح المسلح وانتفاضة الأقصى المسلحة:
كيف يمكن طلب الحياة بالقضاء على الحياة؟

وتساءل أيضاً:
إن فلسطين كانت المعنى الآخر للحرية الإنسانية. فهل ما زالت كذلك حتى الآن بعد أن لوّث اسمها الارهاب بدماء الأبرياء من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي؟
ودعا الفلسطينيين إلى ما أطلق عليه "السمو الأخلاقي"، إذا أرادوا أن يقف العالم معهم لبناء دولتهم المستقلة.
ويا خواجه شارون، أنت أعلم بالحال الفلسطيني وغني عن السؤال، فكفَّ عن لوم عباس القاصر المقصور وصاحب اليد المغلولة إلى عنقه، والذي لا يستطيع سجن، مجرد سجن عنصر من عناصر الفصائل الدينية الفلسطينية الأصولية المسلحة، فما بالك بالقضاء على الارهاب؟
ويا أهل العروبة والهيجاء والفداء في الغناء، ها أنا عار أمامكم وأمام الحقيقة، فارجموني كما شئتم، وعلى الحقيقة السلام.