من شاهد احتفال "حزب الله" في لبنان بيوم القدس العالمي، وهذا الجيش العرمرم من جنود حزب الله يدرك تماماً بأن حزب الله هو الذي يحكم لبنان الآن وليس الدولة اللبنانية ممثلة برئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء والنواب. وأن الجيش الحقيقي في لبنان هو جيش حزب الله، وليس الجيش اللبناني الرسمي. وأن حزب الله دولة داخل دولة، وجنود حزب الله جيش فوق الجيش اللبناني.

ومن استمع إلى خطاب حسن نصر الله العنتري الذي يذكرنا يخطب عبد الناصر والقذافي وصدام حسين أيام أن كان كل منهم يعتبر دولته قوة عظمى في المنطقة ويتحدى الشرعية الدولية والمجتمع الدولي يدرك بأن حسن نصر الله هو القط السمين المخيف في لبنان، وأن باقي السياسيين اللبنانيين فئران هاربون في جبال لبنان وفي باريس.

حزب الله في لبنان وحسن نصر الله هم لبنان الحقيقي الآن. هم القوة الوحيدة في لبنان. وهذا ما اراد أن يقوله حسن نصر الله من خلال هذا الاستعراض الضخم للقوة السورية – الإيرانية، للسياسيين اللبنانيين الذين يريدون حوار حزب الله لنـزع سلاحه.

فسوريا ما زالت موجودة في لبنان وأقوى مما كانت عليه قبل انسحاب جيشها النظامي. وإيران موجودة في لبنان من خلال حزب الله الممول والمدعوم سياسياً ومالياً وعسكرياً ولوجستياً من إيران وسوريا.

هل هناك من ينكر هذا؟

لماذا يضحك السياسيون اللبنانيون على أنفسهم وعلى الشعب اللبناني وعلى المجتمع الدولي ويقولون أن نزع سلاح حزب الله لن يتم بقرار مجلس الأمن 1559 ولكن بالحوار مع حزب الله.

فمن يستطيع أن يتحاور مع حزب الله، وحزب الله بيده السلاح والمتحاورون الآخرون بدون سلاح؟

لقد اعتاد العسكر الحوار مع العسكر، ولكن العسكر لا يتحاورن مع المدنيين. والمارشال حسن نصر الله هو القائد العام لقوات حزب الله الضاربة، فهل يجرؤ السنيورة على حواره؟

من يستطيع أن يفتح حواراً حقيقياً مع بقايا الكفاح المسلح في لبنان الرديف الفعلي لحزب الله وجميع هؤلاء يملكون السلاح، ويستندون على الحائط السوري وينامون في حضن المارشال حسن نصر الله ؟

هل رأيتم الجيش العرمرم التابع لحزب الله في يوم القدس العالمي وكيف أراد حسن نصر الله أن يحشده على هذا النحو لكي يقول للفئران السياسية في لبنان:

- من يجرؤ منكم أن يعلق الجرس في رقبة القط فليتفضل الآن؟

الحوار مع حزب الله لم يبدأ بعد، ولن يبدأ، في ظل عدم توازن موازين القوى اللبنانية. وفي ظل من يملك السلاح ومن لا يملك السلاح.

فكيف يمكن للبندقية أن تستمع للكلمة، وكيف يمكن للعسكرتاريا أن تستمع للسياسيين؟

الحوار مع سلاح حزب الله، وسلاح بقايا وأشلاء الكفاح المسلح الفلسطيني في لبنان عبث في عبث ولن يؤدي إلى نتيجة. فلا أحد يجرؤ على ذلك.

سوف يظل حزب الله وفصائل بقايا واشلاء الكفاح المسلح الفلسطيني في لبنان الشوكة السورية الكبيرة العالقة في حلق لبنان.

لقد خرجت سوريا بجيشها النظامي من لبنان، ولكنها خلّفت وراءها مليشياتها الزاحفة الممثلة بحزب الله وفصائل بقايا وأشلاء الكفاح المسلح الفلسطيني. وهذا هو معنى خطاب حسن نصر الله بالأمس في يوم القدس العالمي وهو يدافع عن النظام السوري دفاع المستأسدين ويهاجم الشرعية الدولية وقراراتها هجوم الدبابير.

كان الله في عون لبنان الجميل الرقيق والشاعر. فقد كان مستغرباً ومستهجناً هذا الاستعراض النازي والفاشستي العسكري لحزب الله، وهذا الخطاب العنتري المتشنج الذي خرّب بيت العرب في الماضي والحاضر وسيأتي على خرابه نهائياً لو لم تحصل معجزة في لبنان في زمن اختفت فيه المعجزات وتلاشت الخرافات.

لبنان مبتلى قبل الانسحاب السوري وبعد الانسحاب السوري، وسيبقى مبتلى إلى أن يزول النظام السوري الذي ابتلى سوريا ولبنان بداء السرطان الديكتاتوري الد يني والقومي.