-1-

لا أحد ينكر أن فلسطين اليوم في أزمة كما كانت منذ نصف قرن ويزيد.
ولا أحد ينكر أن الشعب الفلسطيني في ورطة، ويسف التراب.
ولا أحد ينكر بأن مسؤولية هذه الأزمة وهذه الورطة ليست quot;فتحquot;، وليست quot;حماسquot;، وليست اسرائيل، وليست أمريكا، وليس الاتحاد الأوروبي.
الشعب الفلسطيني، الذي اختار حماس بكامل حريته وبكامل وعيه ، هو المسؤول عن هذه الأزمة وهذه الورطة وحده، ولا طرف آخر غيره.
الشعب الفلسطيني، هو الذي اختار أن يجوع، وهو يعلم علم اليقين بأن انتخابه لحماس سوف يحرمه من المساعدات الدولية والعربية، وسوف يجوع بالتالي.
الشعب الفلسطيني، هو الذي اختار الوقوف على حواف الحرب الأهلية، لأنه كان يعلم علم اليقين، بأن انتخابه لحماس سوف يؤجج الصراع السياسي مع quot;فتحquot; لاختلاف المنهاج، واختلاف الطريق، واختلاف الرؤيا السياسية، واختلاف الأهداف.
الشعب الفلسطيني، هو الذي اختار عدم قيام الدولة الفلسطينية، لأنه كان يعلم علم اليقين بأن انتخابه لحماس لن يقيم الدولة، التي هي قرار أممي، وليست قراراً فلسطينياً أو عربياً أو اسلامياً. وبأن العالم ضد حماس، وبالتالي ضد دولة حماس.
الشعب الفلسطيني، هو الذي اختار أن يبقى بدون رواتب في رمضان وفي العيد القادم، وما بعد العيد القادم، وما قبل العيد القادم، لأنه كان يعلم علم اليقين بأن اختياره لحماس يعني أن يختار الرفض، والممانعة لقرارات دولية ولرأي عام دولي، ولواقع دولي على الأرض لا سبيل إلى رفضه وانكاره.
ولكن الشعب الفلسطيني وهو (شعب الخوارق والبوارق) كما وصفه عرفات الذي سرق ملايين وكساء وغذاء الفلسطينيين ورحل بدون أن يصبح quot;أبو الدولة الفلسطينيةquot; ولا حتى بواب عمارتها.. هذا الشعب أراد أن يتحدى العالم في مطلع 2006 ونجح حتى الآن في هذا التحدي وفاز، وكان له ما اراد. فليهنأ.

-2-
ألم تروا بالأمس، كيف رفعت عشرات الآلاف في غزة رايات النصر والازدهار والشبع والكساء والرخاء، ولافتات الممانعة والرفض، ورددت مع باني الدولة الفلسطينية الجديدة على خازوق (اسماعيل هنية) اللاءات الثلاث التي سبق ورددناها في الخرطوم بعد هزيمة 1967؟
ألم ترو بالأمس، كيف أن اسماعيل هنية يطعم الفلسطينيين لاءات (بايتة) وقديمة من بقايا فتات موائد مؤتمر قمة الخرطوم 1967، بدلاً من اطعامهم الحقيقة الواقعة على أرض الواقع الآن.
كم أنت دجال ومزوّر وكذاب يا اسماعيل هنية!
وكم أنت غبي ومخطوف وجاهل ومتخلف يا شعب فلسطين في غزة؟
ألم تروا بالأمس، كيف وقف اسماعيل هنية منتفخ الأوداج، محُمر الوجنتين، مُزْبَد الثغر، مُبحلق العينيين، يبشر الفلسطينيين بالنصر البلاغي الإلهي، ويعدهم بالدولة الفلسطينية في الآخرة؟
ألم تهزكم لاءات هنية الثلاث، كما هزتكم لاءات العروبة الثلاث في الخرطوم قبل أربعين عاماً بالضبط من الآن، واستبشرتم بالنصر، ونلتم ما أردتم من مؤتمر القمة ذاك؟
اسماعيل هنية كان كاذباً ndash; كما قلنا ndash; على الحقيقة القائمة على أرض الواقع، ولكنه كان صادقاً مع شعبه في غزة بالأمس.
نعم، كان صادقاً، وأميناً، ومستجيباً لندائهم، وأمانيهم، وغرائزهم.
رفض هنية الاعتراف باسرائيل، وهذا ما يريدونه أهل غزة من الفلسطينيين. فصدق في قوله، ولو قال كلاماً مخالفاً لبصقوا عليه، وربما قتلوه، كما قتلوا عشرات من قبله، منذ عام 1948 إلى الآن.

-3-
من يقول أن حماس غزة، تأتمر بأوامر دمشق أو طهران، فهو على خطأ كبير.
حماس تأتمر بأوامر الشعب الفلسطيني في غزة. وبذا، يستطيع زعيمها هنية، أن يقف في غزة بين عشرات الآلاف يخطب ويخطب إلى أن يُغشى عليه، دون أن يتعرّض لطلقة واحدة، أو سكين حاد.
أمريكا لا تريد أن تفهم هذا.
واسرائيل لا تريد أن تفهم هذا.
وعرب اليمين وعرب الشمال، لا يريدون أن يفهموا هذا.
اسماعيل هنية لم يأتِ على ظهر دبابة اسرائيلية أو أمريكية أو أوروبية، ولا على ظهر جمل عربي.
اسماعيل هنية لم يسقط من السماء كمعجزة إلهية.
اسماعيل هنية ليس شبحاً، ولا خيالاً، ولا غولاً.
هنية، جاء برغبة حقيقية ديمقراطية شعبية نظيفة من شعب فلسطين في غزة والضفة الغربية.
حسابكم يا صناع السياسية العالمية ليس مع حماس، أو هنية.
حسابكم مع الشعب الذي جاء بحماس إلى الحكم.
حماس لم تأتِ بانقلاب عسكري، ولن تذهب بانقلاب عسكري.
حماس ستبقى في الحكم حتى ولو أُجريت انتخابات جديدة، حتى ولو أُعيد تشكيل الحكومة.
وستبقى حماس شوكة في زور فلسطين والدولة الفلسطينية إلى أن يتغير الفلسطينيون أنفسهم.
وهذا لن يتم، إلا عندما يصعد الحمار إلى المئذنة!

السلام عليكم .