لا اعرف ما اذا كان يجب على المرء ان يندهش ام يستاء حين يقرأ تصريحات معلنة لوزير الداخلية المصري يقول فيها ان بدو سيناء مسؤولون عن تفجيرات دهب مثلما هم مسؤولون عن تفجيرات شرم الشيخ من قبلها (وكالة الانباء الكويتية في 26/4) ذلك ان الاستدلال الوحيد الذي يمكن للانسان ان يخرج به من هذه التصريحات ومن قبلها جملة التصرفات التي يقوم بها النظام حاليا ضد القضاة ومدير قناة الجزيرة القطرية في القاهرة حسين عبد الغني هو ان كل مصري بات متهما وحاقدا وعميلا في نظر النظام السياسي القائم حاليا في القاهرة الى ان يثبت العكس وهو استدلال خطير ومؤشر اكثر خطورة يوحي ضمن ما يوحي به ان العقول التي تحرك النظام توارت حلف تصاعد الاحداث تاركة المجال او القيادة لعضلاته واخطر ما في هذا السناريو انه يشبه الى حد كبير جدا ما حدث في الشهور الاخيرة لحكم الرئيس السابق انور السادات حين اطلق العنان للانفعالات لكي تدير الازمة السياسية المتصاعدة وقتها فكانت النتيجة ان دخل في خصومة مع كل الاطراف والاطياف السياسية ولم يبق على حليف واحد ما عجل بالنهاية الدرامية للنظام وحياة الرئيس السادات نفسه في حادث المنصة الشهير.
وبصرف النظر عن حقيقة تورط بعض البدو في عمليات دهب وشرم الشيخ وطابا من عدمها وبصرف النظر ايضا عن تفضيلي الا يتسرع وزير الداخلية في التصريح باطراف الخيوط التي توصلت اليها الاجهزة الامنية فأنني ضد اقامة احتفالات توزيع الاتهامات يمينا ويسارا قبل التأكد خصوصا اذا ما تعلق الامر بمواطنين لهم خصوصية معينة مثل بدو سيناء الذين يعانون منذ سنوات من التعامل معهم باعتبارهم مصريين دخلاء وليسوا اصلاء.
كذلك لا ارى مبررا لوزير الداخلية المصري للمسارعة بالادلاء بهكذا تصريحات دفعا للاتهامات التي تلاحقه بالتقصير في اداء واجبه وتساؤل الكثيرين عن حرص النظام على بقائه رغم وقوع ستة تقجيرات ارهابية في عهده في وقت فقد فيه وزراء سابقون مناصبهم من اول حادث يقع او حتى نتيجة حوادث مصطنعة مثل ذلك الذي فقد فيه اللواء احمد رشدي منصبه في شباط (فبراير) 1986.
كذلك لو امنا ان مواطنين مصريين من بدو سيناء تورطوا في التفجيرات فعلينا ان نسأل انفسنا قبل السيد الوزير عن اسباب تورط هؤلاء في عمليات غير شرعية ومناهضة للنظام والاهم انها تهدد احد اهم مصادر رزقهم وهو السياحة وعندها سيكون علينا اختيار اجابة تفيد بأن اهل سيناء غير مستفيدين من السياحة التي تذهب مداخليها الهائلة لافراد معينين ينتمون بشكل او بآخر للجوقة المحيطة بأهل السلطة في مصر حارمة اصحاب الحق الطبيعيين من حقوقهم او على الاقل المشاركة فيها. او اجابة اخرى تشير الى نجاح النظام في استعداء اهل سيناء مثلما استعدى من قبل اهالي المدن والقرى المصرية الاخرى عليه وعلى سياساته وهو العداء الذي يتخذ اشكالا مختلفة تتوقف على مدى ثقافة الشخص وتدينه ووعيه بالمناخ السياسي العالمي وقد تقوده الى السير في طريق العنف الذي لا يقره احد كونه يضر المجتمع بشكل عام ولا يصيب فقط النظام القائم. وربما نصل الى اجابة ثالثة وهي شائعات سمعتها ولا اريد ان اصدقها عن تورط اجهزة امنية مصرية في التعامل بعنف مع اهالي سيناء في اعقاب تفجيرات شرم الشيخ بحثا عن المتورطين فيها بعدما اشارت التحقيقات التي جرت وقتها الى تورط بعض البدو ايضا فيها وهو ما ألّب اهل سيناء البسطاء على النظام وادخلهم في صفوف اعدائه في مشهد يماثل التعامل الامني في بعض سنوات الثمانينات مع الشباب المسلم حينما كان يسجن المئات من المصلين دون ادلة فيخرجون وهم اكثر استعدادا للعنف من اعضاء الجماعات نفسها.
والمؤسف في المشهد السياسي المصري الحالي ليس فقدان بعض اجنحة النظام لصوابها ولا في حالة الالتهاء التي تعيشها مصر بازماتها الداخلية وانما في الضبابية الشديدة التي تسود سماء المحروسة في وقت ولحظات تاريخية العالم العربي فيها احوج ما يكون لمصر القائدة، فضلا عن التداعيات السوداء لتلك الحالة على الشارع المصري نفسه الذي وصل به الحال للفشل في توقع ماذا يمكن ان ياتي به الغد من سوء، والامل يتوقف على تدخل العقلاء لاحتواء الامور قبل ان تصل الى منعطف لا يمكن ايقاف عجلتها فيه قبل ان تدوس على رؤوس الجميع.

[email protected]