لم تكن القائمة الإرهابية ضد عشرات من المثقفات والمثقفين العرب بالغريبة عن فكر ومنهج وسلوك المتشددين الإسلاميين وفروعهم الدموية. إن ورود أسماء كبيرة في تلك القائمة من أمثال العفيف وشاكر النابلسي والكاتبة التنويرية وفاء سلطان وغيرهم هو بحد ذاته شهادة لهم وإدانة للإسلاميين، الذين يعادون ويحاربون كل من هو، وكل ما هو ليس في صف أفكارهم العفنة وشهواتهم الدموية، التي رأينا ونرى أنهار الدم السائلة بسببها في كل أنحاء العالم، قتلا، وتفجيرا، وقطعا للرؤوس، وذبحا للمعلم أمام تلاميذه الصغار، وإبادة للمدنيين بالجملة.
في فتوى أسامة بن لادن الصادرة في فبراير 1998 بعد تفجيرات السفارات الأمريكية في إفريقيا، يرد أن تلكم حرب دينية فرضتها السياسة الأمريكية quot;التي أعلنت الحرب على الله ورسولهquot;!! وقبله، كان السيد خميني قد قال إن الحياة ليست غير الدين [ أي الإسلام] والحرب. ونعرف كيف يستعمل الإرهاب الإسلامي راية الجهاد لمحاربة كل فكرة وكل شخص وكل حضارة غير الإسلام كما يريدونه. وقبل الاثنين كان سيد قطب يردد أن التناقضات الجوهرية في العالم ليست عرقية ولا سياسية ولا اقتصادية، بل هي تناقضات دينية، وأن القتال من أجل الإسلام وسفك الدم مبرران.
إن من الطبيعي أن يكون عداء الإسلاميين الأشد هو للمفكرات والمفكرين التنويريين، خصوصا لو كانوا من الدول العربية والإسلامية. إن وجود مفكر عربي تنويري هو مدان في نظرهم مرتين، أولا بسبب فكره وثانيا لكونه من بلدان يسودها المسلمون. نعرف ما حل بفرج فودة، ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ، وعشرات الفتاوى ضد العفيف وغيره، وتحريم الكتب، ومحاربة الفن والأفلام السينمائية التي لا تروق لفكر الإسلاميين الغيبي والغبي!
إن الفتاوى التي تحرض ضد المثقفات والمثقفين الذين لا تعجب آراؤهم دعاة التشدد الإسلامي وأئمة الجوامع، والتي بعضها يدعو جهارا للقتل باسم الردة، جريمة يجب أن تلقى أقسى العقوبات القانونية، لأن دعاة العنف والتكفير والتحريم هم مسؤولون أوائل عن جرائم المنفذين من عناصر [ جنود ] المجموعات الإرهابية.
إن غضب هذه المخلوقات التي هي شاذة بالنسبة للقرن الواحد والعشرين وغريبة كليا عن التحضر يكون غضبا مركزا عندما يكون الشخص امرأة تكتب بحرية معبرة عن آراء تنويرية ترفض التشدد وتدين نظريات احتقار المرأة وكل ما يعتبر quot;دليلاquot; دينيا على كونها أدنى من الرجل ويجب أن تخضع له وتسير بأوامره ونواهيه. ومن هنا يمكن أن نفهم أن ترد في قائمة الفضيحة الدموية أسماء مثقفات جريئات في التعبير عن الفكر المتقدم ونقد دعوات ومفاهيم التخلف التي يروج لها الإسلاميون. وإذا كانت حملة التحريض والتشهير ضد أحرار الفكر مدانة عندما تصدر عن دعاة دين إسلاميين هي حملة مدانة، فإن ضلوع صحفيين ووسائل إعلام في الحملة يجب أن يدان أضعافا. ومن هنا لابد من التضامن التام مع مفكرة بوزن الدكتورة وفاء سلطان عندما تتعرض لحملات قناة عربية تضليلية، معروفة الهوية والاتجاه، في نفس الوقت الذي يهيج ضدها أصحاب القائمة السافلة.
لقد ردت السيدة وفاء على حملة السيد فيصل القاسم من الجزيرة في مقال هو من أروع ما قرأته في حياتي الطويلة. إنها تكتب quot; كل بنوك العالم ليست قادرة أن تدفع لي ثمنا لكتاباتي فهي تفوق بقيمتها كل ثمن.quot; وهذا أيضا لسان حال أمثال العفيف الأخضر وزملائه الأحرار. وتقول الدكتورة وفاء إنها لا تشتم الإسلام لأنها لم تتعلم السب في حياتها بل تعلمت الحب، ولكنها إنما تفضح quot; التركيبة العقائدية quot; التي تظلم المرأة العربية وتجردها من حقوقها وتسئ إلى إنسانيتها؛ تلك التركيبة التي تعتبر صلاة الرجل المسلم تفسد لو مر أمامه quot;كلب أو حمار أو امرأةquot;!!
انظروا مثلا ما حل بالمرأة العراقية تحت حكم الإسلام السياسي، من فرض الحجاب في مؤسسات الدولة، ومطاردة المسيحيات، والدعوات المتصاعدة لفصل الجنسين في الجامعات وغير ذلك من انتهاكات ما عرفت المرأة العراقية مثلها منذ أواخر الثلاثينات. والفضيحة الجديدة الكبرى في العراق عقد مؤتمر شعري في المربد بلا وجود امرأة واحدة، مع دعوة المئات من الرجال، وكأنما ليس في العراق والبلدان العربية عشرات من الشاعرات المبرزات!
إن الإسلاميين يرفضون بعنف وغضب أن تكون المرأة مساوية للرجل مع أن بينهن في العالم مئات العالمات والشاعرات والفنانات، ومن أعلام السياسة؛ بل ومنهن رئيسات للجمهورية في العديد من دول العالم.
مع المربد العراقي الفريد، تجري اليوم، وفقا للصحافة الفرنسية، حملة جديدة ضد المرأة الإيرانية إن اعتبروا حجابها غير كاف! العقوبة ستة شهور سجن وعقوبات أخرى. هذا المربد العراقي هو من تلك الحملة الإيرانية!
يظهر أن الحملة التي تعرضت لها وفاء سلطان أدت لعكس ما أرادوه، فقد ازدادت شهرتها، واتسعت دائرة المعجبين بكتاباتها، من عرب وغربيين.
إنهاتقف بجرأة ضد حملة التشهير والتحريض البذيئة. فلها ألف تحية.
التعليقات