ذات يوم من ربيع العام 2000، وفي ذروة اشتداد الحملة الدولية لإطلاق سراحي من الاعتقال، والتي توجها تدخل اليونيسكو بفضل جهود الشهيد جبران التويني ووالده، له العمر المديد، اتصلت إذاعة الـ BBC بالدكتور صابر فلحوط لتسأله ـ بوصفه نقيب الصحفيين في سورية ـ عن رد فعله ورد فعل حكومته إزاء هذه الحملة، وعما إذا كانت الحكومة السورية ستستجيب لهذه الضغوط وتطلق سراحي بعد قرابة عشر سنوات من الاعتقال، على الأقل لأسباب إنسانية تتصل بوضعي الصحي؟
كان نقلي، قبل ذلك التاريخ بعدة سنوات، من سجن تدمر الصحراوي إلى سجن المزة العسكري بدمشق قد جعل ظروف اعتقالي أفضل بكثير مما كانت عليه سابقا. وما من ريب في أن مدير سجن المزة آنذاك قد لعب دورا مهما في ذلك بفضل تكوينه وشخصيته التي أثر فيها ( كما اعترف لي ذات مرة ) المفكر الماركسي الياس مرقص حين كان أستاذه في ثانوية جول جمال باللاذقية نهاية الستينيات. ولذلك كان لدي جهاز ترانزيستور أستطيع بفضله أن أبقى على تواصل مع العالم، رغم أن الجهاز ممنوع رسميا، بأوامر المخابرات العسكرية، بالنسبة لكل من هو نزيل الحبس الإنفرادي مثلي. واستطرادا، كان بإمكاني أن أستمع لإجابة الدكتور فلحوط.. التاريخية !
كنت كما الغريق الذي يدفعه يأسه إلى الإيمان بإمكانية الوصول إلى شاطئ النجاة على متن قشة لا تستطيع حمل نملة. فقرابة عشر سنوات من الحبس الإنفرادي، والحرمان من التعرض للشمس أو الخروج ولو لعشر دقائق من أجل ما يسمى بـquot;التنفسquot;، كفيلة وحدها بتحويل أي جسد بشري، مهما كانت قوته ومناعته، إلى قرص جبنة متعفن لا ينقصه إلا أن تجتاحه الديدان. فكيف إذا كان هذا كله مصحوبا بداء عضال وعطب في العمود الفقري جراء التعذيب، وسلس بولي يفقدك حصانتك وكرامتك البشرية !؟
كنت أعرف أن الدكتور فلحوط، وكأي نقيب مهنة آخر في سورية، quot;لا يمونquot; حتى على دخول مطعم شعبي وتناول سندويشة quot;شاورمةquot; دون موافقة مكتب الأمن القومي ؛ وفي أفضل الحالات دون موافقة الفرع 251 في المخابرات العامة (الفرع المشرف على الحكومة والوزراء والوزارات ومديرياتها العامة وأجهزة الحكومة المدنية كافة، وصولا إلى... تجنيد الصحفيين والمثقفين وحتى بائعات الهوى في كازينوهات الغوطة الشرقية !). وكنت أعرف، على نحو خاص، أن حريتي مرهونة بموت حافظ الأسد ؛ وأن أي قوة على وجه الأرض ستكون عاجزة عن إطلاق سراحي طالما بقي هذا الكائن حيا. وليس ثمة مفارقة مأسوية أكبر من أن يكون استمرار حياتك متوقفا على موت الآخرين ! فمن المعلوم أن هذا المخلوق طالما تميز بنزعة عقابية ثأرية، على حد تعبير كاتب سيرته باتريك سيل، متى كان الأمر يتعلق بتحدي شخصه. فكيف إذا كان هذا التحدي قد وصل معي إلى حد نعته، داخل محكمة أمن الدولة العليا، بالديكتاتور الدموي ؛ وإلى حرق صورته في سجن المزة نفسه بعد ذلك بسنوات ؟ ( أتذكر الآن ذلك وأستطيع أن quot;أتفهمquot; بيان وزير الإعلام الأسبق عدنان عمران الذي اتهمني فيه بالجنون ! فما قلته وفعلته آنذاك كان ضربا من الجنون الفعلي في بلد مثل سوريا، ولو أنه quot; الجنون الذي يتمنى المرء أن يصاب به الشعب السوري كلهquot; كما قال لي الشاعر الكبير شوقي بغدادي يوم اتصل بي مهنئا بإطلاق سراحي و.. معزيا مشاعري المجروحة ببيان الوزير!).
مع ذلك، سولت لي نفسي و quot; قلة عقليquot; في لحظة من لحظات الضعف البشري المشروع أن أرى في أي كلمة ينطق بها الفلحوط قشة يمكن ركوبها إلى شاطىء النجاة ! فمن يدري ؟ ربما كان حافظ الأسد قد اتخذ قرارا بإطلاق سراحي بعد أن كان أطلق زملائي المعتقلين على ذمة القضية نفسها ( لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية ) قبل ذلك بعدة أشهر. وربما كان فلحوط هو من سيعلن ذلك. هكذا حاكمت الأمر، وبهذه الخفة كلها!
ـ يا سيدتي! أستطيع أن أؤكد لك أنه لا يوجد سجين في سوريا اسمه نزار نيوف!
أجاب الصحفي النقيب مذيعة الـ BBC. وكان اسمها، إذا لم تخني الذاكرة، صفاء الفيصل.
خلت للوهلة الأولى أن ثمة التباسا ما في سمعي. فقد كان أمرا لا يصدقه عقلي أوعقل أي كائن بشري، لا في سوريا ولا خارجها، خصوصا وأن قضيتي كانت ـ ومنذ سنوات عديدة ـ قد أصبحت واحدة من أشهر قضايا الاعتقال السياسي في سوريا وخارجها، إن لم تكن أشهرها، بفضل جهود الأصدقاء والمنظمات الدولية. فهل يصل الأمر بهم إلى حد نكران وجودي في أقبيتهم ؟ أم أني سمعت إجابته بشكل مشوش؟
لم تطل حيرتي كثيرا. وكان الاستفهام الاستنكاري الذي سارعت السيدة المذيعة إلى طرحه تأكيدا من جهة محايدة على أن سمعي لم يزل جيدا، وأني لم أقوّل النقيب الصحفي ما لم يقله :
ـ ولكن السيد نيوف معتقل عندكم منذ العام 1991، وحكمت عليه محكمة أمن الدولة بالسجن عشر سنوات. ويوم أمس منحته اليونيسكو جائزة حرية الصحافة، فهل من المعقول ـ أستاذ فلحوط ـ أن تمنح اليونيسكو جائزة لصحفي سجين ليس في السجن؟
ـ يا سيدتي أنا لم أسمع بهذا الإسم من قبل، فاعذريني. قد يكون هناك سجين في سوريا بهذا الاسم، ولكنه بالتأكيد ليس صحفيا. قد يكون مهربا، أو عضوا في المنظمة الإرهابية التي مارست التفجير قبل سنوات [ الإخوان المسلمون]. وهذا من اختصاص القضاء الجنائي، لا من اختصاص quot; اتحاد الصحفيين quot; الذي يدافع عن أعضائه. فأسماء جميع الصحفيين السوريين موجودة عندنا في سجلات quot;الاتحادquot;، واسمه ليس بينهم!
أميل إلى الاعتقاد بأن النقيب الصحفي كان محقا في كل كلمة قالها عن جهله بالأمر. ومن لم يعد يتذكر هذا الحوار بإمكانه أن يعود إلى إرشيف الـ BBC. فشاعر quot;البعثquot;، السيد فلحوط، وكأي مسؤول مدني آخر في النظام، لا يعرف، وليس مسموحا له أن يعرف شيئا عن المعتقلين السياسيين.. إلا ما يأتيه من الفرع 251. وحين يعرف بطريقة ما، عليه أن يخرس، وإلا سيلحق بزميله مروان حموي، مدير وكالة quot;سانا quot; الأسبق الذي خطفته المخابرات السورية من مطار دمشق الدولي وأخفته عشرين عاما بسب تقرير أرسله لوكالته في دمشق، رغم أنه كان عائدا مع حافظ الأسد من قمة الجزائر على الطائرة الرئاسية نفسها! كما أن فلحوط لا يستمع لأي وسيلة إعلامية باستثناء إذاعته وتلفزيونه الرسمي. وبطبيعة الحال، لا الفرع المذكور وزع قائمة بأسماء المعتقلين السياسيين في سوريا، ولا الإذاعة أو التلفزيون يذكران شيئا عن أمور من هذا القبيل. فمن أين له أن يعلم !!؟ كما أن quot;اتحادهquot; الصحفي لا يعترف بأي صحفي يعمل خارج مؤسسات النظام الإعلامية ـ الإعلانية. وعليه، فإن محمد حسنين هيكل نفسه لن يعترف به صحفيا فيما لو قرر أن يأتي إلى سورية ليكمل بقية حياته فيها أويمارس مهنته انطلاقا منها؛ مثلما أن شقيقه اتحاد الكتاب quot; العرسانيquot; لا يعترف بأي كاتب، حتى وإن كان ماركيز نفسه، إذا لم يكن عضوا فيه !
سيعيد القائد السرمدي للصحفيين السوريين إنتاج هذه الفضيحة بنكهة فانتازية ـ تراجيدية أكثر إثارة بعد أربع سنوات على ذلك ؛ وتحديدا في 22 تشرين الثاني / نوفمبر 2004 حين سيسأل في مؤتمر صحفي عن اعتقال الصحفيين السوريين لأسباب مهنية. أما وجه الإثارة الفانتازي ـ التراجيدي فيكمن في إجابته التي أطلقها ـ دون أي إحساس بالخجل ـ بحضور مراسل quot; الحياة quot; في دمشق ابراهيم حميدي. لقد أكد النقيب،الذي لا شبيه لدوره في الصحافة السورية إلا دور أي نقيب في فروع المخابرات، على أننا quot;نفخر في سورية بأنه لم يسبق لأي صحفي أن دخل السجن لأسباب تتعلق بكتابة مهنيةquot;!! ومن المعلوم أن حميدي كان قد خرج للتو، ولكن تحت المحاكمة، من الاعتقال الذي امتد لعدة أشهر بسبب تقرير نشره في quot; الحياة quot;، نقلا عن مصدر مسؤول، حول الاستعدادات اللوجستية التي تتخذها السلطات السورية بالتعاون مع الأمم المتحدة لاستقبال مليون لاجىء عراقي يعتقد أن سينزحون إلى سوريا إذا ما شن التحالف الدولي هجوما على العراق. ( كان ذلك قبل 21 آذار / مارس 2003 بطبيعة الحال ).
quot; قفشات quot; و quot; فهلويات quot; النقيب فلحوط كان أنتجها قبله، وإن بصيغة أكثر سوقية وابتذالا، النقيب السرمدي الآخر علي عقلة عرسان، رئيس اتحاد الكتاب العرب منذ زمن سيدنا نوح حتى وقت قريب، والذي وصفه ذات يوم الروائي السوري الكبير الراحل هاني الراهب بـ quot; الرقيب علي، رئيس مخفر شرطة اتحاد الكتاب العربquot; ! فـ quot; الرقيب علي quot; لم يجد أمامه طريقة لتبرير اعتقال الشاعر السوري فرج بيرقدار طيلة ستة عشر عاما إلا الادعاء بأنه quot;عضو في منظمة إرهابية quot;! وكان ذلك ردا على الحملة العالمية التي قادتها منظمات حقوقية دولية وشعراء عالميون، مثل محمود درويش، لإطلاق سراحه إبان التسعينيات يوم كان معتقلا على ذمة حزب العمل الشيوعي؛ الحزب الذي فشل،بعد ثلاثة عقود من النضال،أن يميز بين شفرة الحلاقة وسكين تقشير الفواكه!
قبل بضعة أيام، وفي سياق تقديمها quot; فتوى أيديولجية quot; لتبرير حملة الاعتقالات الجديدة في سوريا، وهي النسخة quot;العلمانية quot; السورية لفتاوى الإرهاب والقتل والتكفير التي يطلقها شيوخ إسلاميون على الفضائيات، نشرت صحيفة quot;تشرين quot; الحكومية، مقالين افتتاحيين يتهمان موقّعي quot;إعلان دمشق ـ بيروتquot; بأنهم يبرئون إسرائيل وجورج بوش من الكوارث والمآسي التي يعيشها لبنان. وانطوت مقالتا quot; تشرين quot; على تخوين سافر لهؤلاء. أما التهم التي وجهت لهم من قبل المدعي العام، استنادا إلى الإحالة الاستنسابية الواردة من الجهة التي اعتقلتهم ( فرع التحقيق في المخابرات العامة ـ الفرع 285)، فأقل ما يقال فيها أنها تستحق الحفظ في صندوق زجاجي داخل أحد متاحف التاريخ الطبيعي التي تعنى بحفظ المستحاثات و الأحافير fossils. وما من ريب في أن أي متخصص في علم الإحاثّات والأحفوريات Paleontology يمكن أن يقرأها بعد مئة أو مئتي عام، وبعد أن يعرف ظروف كتابتها وابتداعها، سيقرر تدريسها لطلابه بوصفها quot; آخر وأحدث البراهين والقرائن المادية التي تسد الفجوة، وتؤمن الحلقة المفقودة، بين مرحلة النقوش على جدران الكهوف التي سكنها الشيمبازي المتطور، وأبجدية أوغاريت السورية التي تعتبر أم الأبجديات الأخرى كلهاquot; ! أنا لا أبالغ ولا أمزح، وأتكلم برصانة علمية في منتهى الجدية. اقرأوا معي هذه التهم لتتأكدوا من ذلك بأنفسكم:
ـ quot;إضعاف الشعور القومي quot;.( الاتهام موجه لميشيل كيلو الأكثر تطرفا في وطنيته وعروبته من الشيخ حسن نصر الله، والذي كان حتى الأمس عضوا في اللجنة الفكرية لتطوير حزب البعث.. جنبا إلى جنب أحمد الحاج علي ! كما أنه موجه لفاتح جاموس الذي، على سبيل المثال، يقاطعني ويرفض الحديث معي منذ سنوات لأني وقفت مع إطاحة النظام العراقي على أيدي التحالف الدولي، ودعوت إلى مثلها فيما يخص النظام السوري !)؛
ـ quot;إيقاظ النعرات العنصرية والمذهبيةquot;. ( الاتهام موجه من نظام طالما وصف بأنه quot; نظام علويquot; لشخص شيوعي يفترض أنه ملحد، هو فاتح جاموس، المنحدر من أسرة علوية ؛ ولو أن quot; علويته quot; وخالق quot;علويتهquot; آخر ما يمكن أن يخطر على باله!)؛
ـ quot;نشر أخبار كاذبة أو مبالغ فيها من شأنها أن تضعف هيبة الدولة quot;. (الاتهام موجه لمجموعة من الناس جوهر نضالها كله يقوم على بناء دولة قوية وسلطة ضعيفة، بدلا من سلطة تغوّلت حتى بلعت الدولة التي لم يبق لها وجود، فكم بالأولى هيبة، منذ العام 1963 على الأقل !)؛
ما ينبغي للقارئ أن يعرفه أخيرا، فضلا عما تقدم، ولكي تكتمل الصورة في مخيلته، أن هذه التهم وجهت لأشخاص يعتبرون، من وجهة نظرنا نحن quot; المعارضين المتطرفين، وكتاب المارينز quot;، ومن وجهة نظر الشارع السوري واللبناني عموما، أكثر quot; تطرفا quot; من النظام السوري وحزب الله في وطنيتهم والتزامهم القومي، بافتراض كاذب يقول إن النظام السوري نظام وطني. بل إن بعضهم (من السجناء سابقا على ذمة حزب العمل الشيوعي) وصل بهم الأمر العام 1982 إلى الكتابة لقيادة هذا النظام، من داخل زنازينهم في فرع فلسطين، للإعراب عن استعدادهم للذهاب إلى القتال في لبنان ضد الاجتياح الإسرائيلي ؛ مؤكدين ـ وهم لا ريب صادقون في وعدهم ـ أن كل من يبقى منهم على قيد الحياة سيعود طواعية إلى زنزانته. والشرط الوحيد لهم هو أن تتعامل الدولة رسميا، ومن الناحية القانونية، مع كل من يقتل منهم في ساحة المعركة باعتباره شهيدا!
هذا الضرب من جنون السلطة حاول القسم الأكبر من المعارضين، وبعضهم اليوم مع ميشيل كيلو حيث هو، أن يواجهه بشتى صنوف الاعتراض quot; المهذبquot; و quot;العقلانيquot;. بل إن بعضهم راهن على quot;شاب quot; لمجرد أنه تدرب مدة ثمانية أشهر، فقط لا غير، في مشافي بريطانية! وحين قلنا لهم إن هذا هو الجنون بعينه، وإن هذا فهم مبتذل للسياسة والتاريخ وللنظام وطريقة اشتغاله وطرق تغييره في زمن أصبح فيه quot;العامل الخارجي quot;، منذ نهاية القرن التاسع عشر، وعلى وجه التحديد منذ العام 1881 حين توحد العالم نهائيا في سوق واحدة، هو quot;العامل الحاسم quot; في التغيير، اتهمونا بالعمالة والخيانة. وبعضهم نشر عرضنا على حبال الصحف اللبنانية و quot; نشرات quot; السلطة متهما إيانا بـممارسة quot; التهريج quot; وبـ quot; الجنون quot;.. على طريقة الوزير عمران تماما ! والواقع كنت ولم أزل أومن بأن المهرج والمجنون هو من يلتزم قواه العقلية ويتسلح بها لمحاورة نظام من هذا النوع، حتى وإن كان له قامة ميشيل كيلو وفاتح جاموس، ومنزلة أنور البني في نفسي وروحي ! وكلي أمل بأن اعتقالهم سيكون مفيدا لهم، ويدفعهم للإنضمام إلى quot;عصفوريتناquot; فور إطلاق سراحهم !
قبل بضعة أيام، وفيما كنت أتحدث مع أحد مساعدي المدير العام لليونيسكو، كوشيرو ماتسورا، بشأن النشاط الدولي الذي نحضر له من أجل البروفيسور عارف دليلة (المعتقل بسبب محاضرة عن الفساد منذ العام 2001، والمحكوم عشر سنوات سجنا)، توقفت في حديثي عند الوقائع التي ذكرتها أعلاه، وحاولت أن أشرح له ماذا يعني هذا كله. كان دماغ الرجل، وهو دانماركي الأصل،على درجة من البرودة والعقلانية بحيث أنه لم يستوعب ما قلته له ولم يصدقه، وربما ظن في قرارة نفسه أنني أهذي أو أؤلف قصصا بدافع حقد شخصي محض ضد نظام فتك بي وبأسرتي وابنتي وبشعبي كله. وحين أكدت له بأني اتحدث جادا، انفجر الرجل ضاحكا كالمخبول، وسألني مازحا: ما رأيكم، إذن، لو تقدمون اقتراحا لليونيسكو كي تضم هذا النظام إلى قائمة المحميات الطبيعية والتراث الإنساني، باعتباره الأعجوبة الكونية الثامنة وآخر ما تبقى من العصر الجيوراسي، وبالتالي يجب الحفاظ عليه من عوامل الإنقراض والحت الطبيعي!؟
أجبته: لا، أرجوك. إنس الموضوع ولا تخبر به أحدا، خصوصا المدير العام كوشيرو ماتسورا. فلو فعلنا ذلك ووافقت اليونيسكو على طلبنا، لفقد الشعب السوري آخر ما تبقى له من أمل بالخلاص!

دبي ـ 21 أيار / مايو 2006