إعترض صديق على إنتقادي لطريقة تشكيل الحكومة الكردية الجديدة في كردستان الجنوبية، وكيفية إختيار الوزراء في مقال كنت كتبته باللغة الكردية ونٌشر في موقع (Rojavan.net) وحجة الصديق quot;إن الظروف الحالية حساسة للغايةquot; وإنه quot;لاحاجة لتزويد العيار في نقد وإنتقاد السياسة الكرديةquot; لأنه ـ وفي ظل هذا اللاإستقرار في عموم المنطقة ـquot; ليس بالإمكان أكثر مما كانquot;...

بادئ ذي بدء، لايعني إنتقاد طريقة تشكيل الحكومة وإختيار الوزراء( 42 وزيراً بالتمام والكمال) وحشوهم في كابينة واحدة، إنتقاصاً من قيمة وضرورة هذا الإنجاز وهذه الخطوة الإستراتيجية الكبيرة، والتي تأخرت كثيراً، وبلسان كبار مسؤولي الكرد هناك. فهذه الخطوة جاءت لتقوّي وتحصّن التجربة الكردية وتوحد الكلمة إزاء كل المخاطر الداخلية والخارجية التي تتهددها وتتبرص بها. والكل يعلم إن الأمة الكردية، وعلى طول تاريخها الطويل في مقاومة ومقارعة الأنظمة والدول التي أقتسمت الوطن الكردي، لم تحقق إنجازاً كبيراً مثلما تحقق لها الأن في كردستان الجنوبية. فهناك حيث السلطة الكردية هي الحاكمة والأقليم تديره حكومة كردية، تعمل وفق جهدها وخبرتها، على تطوير الإنسان والمؤسسة الكردستانيين.

القوى الشمولية والديكتاتوريات المحيطة بكردستان، تتحين الفرص لتخريب التجربة التحررية الكردية. تخلق الذرائع لكي تتدخل في شؤون الأقليم. فتركيا: تحشد قواتها وبمئات الآلاف من الجنود ومئات الدبابات لكي تطارد الثوار الكرد الشماليين، الذين لاذوا بجبالهم الشامخة في جنوب الوطن، والهدف هو القضاء عليهم ليتسنى لها التقتيل في المدنيين دون دفع الثمن وتلقي الرد الموجع. ولكي تحقق الهدف الإستراتيجي الذي تصبو إليه: سحب عالم أتاتورك المظلم ليشمل كرد الجنوب الأحرار( أنظر قرارات مجلس الأمن القومي التركي بعد جنوبي كردستان الخطر الأكبر على الأمن القومي التركي)...

حال الحرية في كردستان الجنوب إذن حلم كبير حققه الكرد بالدماء والدموع، وهناك تجربة إدارة عمرها الآن أكثر من خمسة عشرة عاماً. قد تكون تعثرت في الماضي وشابها الكثير من الأخطاء وquot;نٌسخّتquot; فيها أساليب الجوار الكريهة في التعامل مع الداخل الكردي. لكنها تظل إنجاز الكرد الأكبر، والإنموذج التحرري الساطع الذي يرنو إليه بقية الكرد في شمال، شرق وغربي كردستان.

على كردستان الجنوب أن تساعد حركات التحرر في بقية أجزاء كردستان وتمد لها يد المساعدة، فهي العمق الإستراتيجي للكرد الجنوبيين. ولعل تقارباً كبيراً حدث في الفترة الأخيرة بين القوى الكردستانية الكبرى، وهو ماأراح الكرد( الخيرّين منهم طبعاً، وليس شلل الإنتهازيين) وقض مضجع أعدائهم في أنقرة وطهران ودمشق. وأقول لصديقي هنا: أن صاحب هذه السطور جاهدّ وراهنّ ومازال، على التقارب الكردي وصياغة نوع من الأتفاق على الخطوط المصالحية الإستراتيجية العليا للكرد. ورغم اليقين التام بإختلاف السياسات وتعارض الإيديولوجيات، وهو الأمر الطبيعي والصحي، حتى في واقع كواقعنا. إلاّ أن الرهان كان دائماً على الأتفاق الكردي ونبذ الشقاق والخصام. وكلنا نشاهد كيف يتفق الأعداء لسحق الكرد، فلولا العداء للكرد والرغبة في تدمير منجزهّم الجنوبي والقضاء على ثورتهم الشمالية الناهضة، هل كنا نشاهد الآلاف المؤلفة من جنود طهران وأنقرة وحملاتهما العسكرية المشتركة ضد المقاتلين الكرد؟.
أولم يلم معاداة الكرد والرغبة في تدميرهم quot;شمل الشامي على المغربيquot; هنا؟. هذا ناهيك عن الحقد والتحريض الذي يبثه الأعلام العربي، والذي يستهدف التجربة الكردية التحررية في جنوب كردستان، إضافة لمئات الأقلام من بائعي الضمائر ومنتفعي الكوبونات من الكتبة المأجورين، الذين يزخر بهم الأعلام العربي، التحريضي، العنصري، الطائفي، المعادي للآخر...

الدفاع عن التجرية التحررية في الجنوب الكردستاني واجب، ونقد السلبيات والنواقص فيها كذلك واجب: وإن كنت على المستوى الشخصي أفضل أن يكون ذلك النقد بلغتنا الكردية، ولابأس أن يكون قاسياً إلى الدرجة التي تٌخرج صديقي عن طوره أحياناً...