صديقنا الكاتب كان غاضبا لأن صحيفته لم تنشر له مقاله الأخير. المقال ينتقد عائلة كبيرة لأنها لم تضع أسم العروس على بطاقات دعوة الفرح، ويتساءل إذا كانت العائلات القدوة في البلاد تهضم حق المرأة حتى في إعلان أسمها في ليلة العمر، فمن سيجرؤ على فك هذه العقد ومن سيعلق الجرس.
وروى لنا كيف أن المجتمع القروي الذي جاء منه كان يعرف رجاله نسائه بالاسم والوجه، حتى جاءت موجات التطرف الديني الذي ألغى وجودهن في جوانب حياتية عديدة من السوق والحقل إلى كروت الفرح.
اتفقنا معه أن أسم المرأة ليس عورة فيحجب، ولكن التقاليد الاجتماعية هي التي حجبته. فكلنا يعرف أسماء زوجات الرسول صلوات الله وسلامه عليه وبناته والصحابيات رضوان الله عليهن. والنساء العظيمات عبر التاريخ الإسلامي والعربي عرف أهلهن بهن، وبعضهن أنتسب اليهن الأبناء، تشرفا بمكانتهن. وفي تاريخنا الحديث، كان الملك عبدالعزيز غفر الله له، يفتخر بأخته نوره حتى أنه كان يردد: أنا أخو نوره. وزوجاته وزوجات الملوك وبناتهم معروفة لنا، يفخرون ونفخر بهن ونتعز.
اتفقنا مع صديقنا الكاتب على ذلك ولكن بعضنا أصر على أن إعلان أو عدم إعلان أسماء البنات خيار شخصي للأسر يجب أن يحترم أيضا.
على أنني أؤيد الكاتب بأنه آن الأوان لأن تطرح على مسارات التعليم والإعلام والمنابر الثقافية والعلمية والدينية والقضائية هذه المسألة في سياقها الأعظم، حقوق المرأة التي كفلها الإسلام وسرقتها العادات والتقاليد. فأهم من حجب الاسم، إجبار الفتاة على الزواج ممن لا تريد لمصلحة أو قرابة، وحرمانها ممن تختار لأسباب عصبية ومادية، وحرمانها من الإرث والعمل والتعليم، وحتى العلاج، وتعذيبها، وهجرها، وحرمانها من أطفالها لفرض شروط غير مشروعة عليها، كالاستيلاء على راتبها أو أملاكها، وعدم منحها حق الخلع في حالات تستوجبه، كبخل الزوج أو عنفه، أو ضعفه الجنسي، أو خيانته لها، ومساومتها على الطلاق.
وأقترح، حتى لا نميل في صف هذا المنطق أو ذاك، أن نرجع إلى التوصيات في هذا الشأن التي انتهت اليها مؤتمرات الحوار الوطني. فهذه اللقاءات جمعت كافة الطوائف والاتجاهات، وانتهت إلى قواسم مشتركة تتفق عليها الأغلبية.
لنبدأ الآن. لنبدأ على الفور. فالعدل بر، وخير البر عاجله.
- آخر تحديث :
التعليقات