لست في معرض الدفاع عن أحد.. وإن كنت صدمت مرتين.. الأولى حين حدثت الانفجارات في ذهب.. والثانيه وهي صدمة لا تقل عن الأولى بل إن فيها مراره أكبر.. حين أقرأ إثباتات سلطة الأمن المصريه عن إمكانية تورط حماس في هذه العمليه الحقيره..
ولكن برغم الألم الذي يعتصرني فأنني لا أستطيع أن أتقبل هذه الحقيقه بدون أن يتكون لدي شيء من الشك في صحة هذا الإدعاء.. ليس دفاعا عن حماس فالمتتبع لمقالاتي يعرف تماما بأنني لا ولن أدافع عن أية قضيه بدون التبصر العميق فيها.. والدخول في حوار مع نفسي ومع غيري للوصول إلى منطق معقول يساعد على كشف الحقيقه ..
السؤال الأول الذي يتبادر إلى ذهني.. هو ما مصلحة حماس في زعزعة الأمن المصري.. وحماس التي تتقبل المشوره وتعتمد على مصر في الكثير من شئون الوضع الفلسطيني الشائك وإن كانت العلاقات توترت مؤخرا.بسبب خوف النظام من أن نجاح حماس في فلسطين قد يعزز ويعطي الأمل بنجاح الإخوان المسلمون في مصر والذين هم النواة الأم لتفكير حماس....
ثانيا.. من هو المستفيد الأول من تهديد الأمن المصري.. لن أتبع نظرية المؤامره وأقول بأن إسرائيل هي من وراء هذه الإنفجارات.... برغم يقيني بأن مثل هذه التفجيرات تقع في خانة الإستفاده الإسرائيليه البحته في تصعيد المقوله الإسرائيليه بأن حماس ليست شريك مناسب لأية تسويه سلميه.. وبالتالي عدم وجود شريك فلسطيني.. ولكن والأهم تصعيد الخوف من احتمال وصول الإسلاميين إلى أنظمة الحكم في العالم العربي.. مما يهدد المصالح الغربيه جميعها..
ولكني أعود لأقول.. بأنه وبرغم نفي العديد من القيادات والكتاب الفلسطينيون عن وجود خلايا للقاعده في غزه فإن هذه العمليه وماثبت عن المتورطين فيها تشكك في صحة هذا القول. قد تكون خلايا صغيره.. قليله وحتى في بداية تكوينها.. ولكن الفقر المدقع الذي تمر به غزه .. والممارسات الإسرائيليه البربريه التي ساهمت في وصول المأساة الفلسطينيه إلى هذا الوضع هو ما يغذي وجود البعض الذين يبيعون أنفسهم للشيطان طلبا للهرب من الوضع الراهن. وهي الظروف التي يستغلها شياطين القاعده لتوظيف هؤلاء للقيام بمثل هذه العمليات البشعه.. بالتعاون والتنسيق مع خلايا أخرى متواجده في سيناء كما أثبتت التحقيات المصريه مؤخرا بوجود هذه الخلايا... والتي.أيضا يشجعها الفقر والإهمال من السلطات المصريه..
من هنا فإنني آمل أن لا تكتفي سلطات الأمن المصريه بهذا القدر من القضيه.. بل تستمر في تحقيقاتها للوصول إلى جميع الأطراف..
ولكن الذمه الكتابيه تقتضي ... محاولة الكشف عن الأسباب الأساسيه لتفشي ظاهرة الإرهاب في المنطقه العربيه.. نعم على رأس هذه الأسباب.. الإحتلال الإسرائيلي.. والإحتلال الأميركي...والأنظمه المستبده... ولكن أيضا يجب أن لا نتغاضى أو نتناسى عن إحتلال تفسيرات الدين المتطرفه للثقافه والتربيه والمفاهيم لعقل الإنسان العربي.. هذا الإحتلال الذي يدعو إلى التمرتس والقبول بثقافتنا التراثيه على أنها الأعلى والكامله والمتكامله .. يؤدي إلى إغلاق العقل تماما عن الوعي بظروف العالم الحالي.. والتعامل مع االمتغيرات الدوليه بعقلانيه تكفل الأمن والأمان لجميع الأطراف.. أيضا تنفي قدرة الإنسان نفسه الذي ساهم بتفكيره في خلق عالم جديد متواصل جغرافيا.. وتقنيا..وإنسانيا.. وهي أيضا معجزات بشريه لاتقل عن المعجزات الإلهيه بما يعني بأن الخالق وضع من قدرته ومن نفسه في البشر..
سيدي القارىء.. إن عمليات غسل الأدمغه المتواصله من خلال سوء إستعمال منابر الدين لمواعظ لا تتصل بالإنسانيه ولا بالمحبه بصله وإنما تعمل على ملء الحقد في النفوس والتبغيض لكل من يختلف.. إن الحفظ الأعمى لكتب الدين .. والذي يأخذ أكبر مساحه عقليه.. ويغلقها بالكامل عن التساؤل أو التمحيص.. يغذي العقول للعمل بما جاء فيها بعمى عقلي.. وبصري.. وقلبي.. بحيث تنتفي معها إنسانية هذا الشخص أو الأشخاص الذين غسلت عقولهم بالتطرف وبأنهم يملكون الحقيقه المطلقه.. إضافة إلى أرضيه خصبه من الفقر.. والأميه.. والبطاله .. تجعل العزاء الوحيد لهؤلاء الإستماع لكلمة فقهاء الدين الذين أيدوا الإرهاب على أنه جهادا مقدسا ضد اليهود.. والأميركان... وضد كل من يختلف في الرأي أو الكلمه.. والمختلف في الدين ..حتى أنه وصل إلى الحقد ضد بعضنا البعض... غير عابئين بان جهاد الكلمه أقرب إلى الله من قتل النفس... ... وهذا ما تمر به المنطقه العربيه بتفاوت يختلف في حدته من منطقه إلى أخرى ولكنه ينتشر كاللهب ليصل إلى كل المنطقه العربيه.. يقتل في طريقه الأخضر واليابس....
معركة المنطقه العربيه كبيره جدا.. وهي معركه داخليه بين ظلاميي الفتوى والإفتاء.. وبين مثقفي الكلمه النابعه من الضمير لما فيه خير الإنسان في كل مكان.. في عالم اليوم المفتوح...
أتمنى أن تتحلى حماس بالشجاعه المطلوبه الآن لإتخاذ قرارات حاسمه لإنها صراع السلطه والصراع الفلسطيني ndash; الإسرائيلي.. وصراع الإنسان الفلسطيني للبقاء والحياه الكريمه..
أتمنى ولو مرة واحده أن نضع الكره في الملعب الإسرائيلي... ونبين للعالم أكاذيب إسرائيل قبل أن يتهم العالم العربي الفلسطينيين أنفسهم بتغذية ثقافة العنف والإرهاب......

أحلام أكرم - باحثه وناشطه في حقوق الإنسان