لا اعرف في اي اطار يمكن ان نفسر انتحار ثلاثة من نزلاء جوانتانامو..؟
كلنا نعرف ان النزلاء هناك متهمون بالتطرف الديني..
لكني لا اعرف كيف يجتمع الايمان مع الانتحار؟
لا أعرف كيف يجتمع حب الله والقتال في سبيله مع الانتحار الذي هو كفر في كل الشرائع؟
فإما ان هؤلاء لا علاقة لهم بالتطرف والدين من الاساس.. وبالتالي فهم ليسوا سوى ضحايا عمليات عسكرية اميركية خاطئة في افغانستان..
واما انهم مقاتلون متطرفون دينيون فعلا، لكن درجة تطرفهم كانت هشة، بحيث صعب عليهم تحمل الآم معتقل ليسوا وحدهم فيه.
نحن امام ظاهرة تستحق ان نقف عندها..
أنا اسميها ظاهرة الانتحار الديني.. اي انتحار المتطرفين..
اذكر اني قرأت فتوى لاسامة بن لادن يجيز فيها الانتحار خوفا من الوقوع في يد العدو.
كان ذلك أيام الحرب الأميركية على افغانستان.
لست متأكدا من صدق الفتوى، لكني رأيتها حقيقة، تتكرر في اكثر من مناسبة منذ ذلك الحين.
ففي معظم العمليات العسكرية التي قامت بها القوات السعودية ضد المتطرفين، غالبا ما انتهت المسألة بانتحار فردي او جماعي عندما يضيق الخناق الأمني على المتشددين.
هم يحللون لأنفسهم الانتحار خشية الوقوع في قبضة الأمن، والاعتراف بما يجب السكوت عنه.
لكن ماذاعن اولئك الذين تم استجوابهم بالفعل، ولا جديد يملكونه كالثلاثة الذين انتحروا في جوانتانامو؟
لربما هو اليأس.. بل هو اليأس فعلا وانتصار الشيطان على الانسان.
وهذا يكشف مدى هشاشة الدين في نفوس بعض المتطرفين، ان لم يكن كلهم.
واكتشاف كهذا يدلل على امكانية تحول المتطرفين الى اناس صالحين ليس بالقوة وحدها، بل بالعقل ايضا، وبالتنشئة الصالحة.
يبقى سؤال آخر:
ماذاعن اهل المنتحرين واصدقائهم، كيف سينطرون لموتاهم؟
هل سيعتبرونهم شهداء لأنهم انتحروا في جوانتانامو؟
على الارجح نعم، ولو كان الانتحار جريمة دينية..
سيصحبوا شهداء في نظر الكثيرين ولو لم يقل احد ذلك صراحة..
ولن يختلف السبب كثيرا هنا عن السبب الذي جعل الزرقاوي شهيدا في نظر الكثيرين، وهو انه خصم لأميركا، بصرف النظر كيف مات هذا وكيف مات ذاك.
الولايات المتحدة تتفنن في صنع اعداءها. وجوانتاناموا خير دليل على ذلك. وعلى اميركا ان تتحمل تبعات كيف يتحول المتطرفون رويدا رويدا الى الشهداء.
أنا نفسي اقف حائرا اليوم امام ثلاثة جثامين أزهقت روحها بنفسها في جوانتانامو..
هل اقول عنهم شهداء..
هل اقول عنهم ضحايا..
هل اقول عنهم متطرفون؟
لا اعلم..
شيء واحد اقوله:
رحمة الله عليهم.
[email protected]