يطالعنا كل يوم خبر هنا او هناك عن صراع خفي بين شيوخ يدعون الى الاسلام، أو قسيسين يبشرون بالمسيحية.
لكن العالم اصبح قرية صغيرة. ومن الممكن لأي انسان ان يعرف عن اي دين في لحظات دون الحاجة الى صراع بين شيوخ وقساوسة.
إلا أن ليس ذلك ما أريد الخوض في غماره الآن..
ما اريد ان اتحدث عنه هنا انطلاقا من مسألة الدعوة الى الاسلام، والتي يجتهد فيها الكثير منا، اقول ان هذا الاجتهاد ينبغي ان يراعي مسألتين:
اولا، ان لا يأتي بالعنف أو الاغراء، بل بالاقتناع.
وأقول لمن يقول ان عدد المسلمين قد ازداد بعد احداث سبتمبر، ان هذا قول لا صحة فيه اطلاقا، فالعنف لا يخلق مؤمنين.. بل يخلق خوفا وكرها.
الاغراء ايضا لا يخلق مؤمنين، كما يحدث في افريقيا، بل يخلق مجموعة جوعى وكسالى، لا يريدون من الدين سوى ما يملأ بطونهم.
يقودنا هذا الى النقطة الثانية، والأهم، وهي مسألة النوعية في الدعوة الى الاسلام.
ما المقصود بالنوعية؟
المقصود هو ان لا نجتهد في دفع أيا كان للاسلام، بل ان نجتهد في اختيار النخبة، لا كل من هب ودب.
فليست مشكلتنا في العدد، بل في النوع.
العالم الاسلامي يتجاوز المليار انسان.. أي اننا لسنا قلة حتى نبحث عن زيادة.
مشكلتنا في النوع..
نحن لا نريد مسلمين فقراء، لأننا نملك من هؤلاء الكثير..
نحن لا نريد مسلمين جهلة، لأننا نملك من هؤلاء الكثير..
نحن نريد مسلمين من أهل العلم والثقافة والفكر.
مسلمون يضيفون الينا، لا ان يكونوا عبئا علينا وعلى الاسلام.
نريد الاقوياء لا الضعفاء..
نريد العقلاء لا افرادً ينطقون بالشهادتين وهم لا يعرفون معناها.
لا نريد من يقول الله وأكبر وهو لا يعرف من يكون الله، ولا من هو أكبر من من؟
لا نريد من يقول الله واكبر، ويطلق رصاصة على ابرياء من مسلمين ومسيحين ويهود.
نريد من يملأ جهلنا بالعلم، ومن يملأ عنفنا بالحب، ومن يملأ كرهنا للآخرين بالاحترام لهم.
لا نريد من يزيدنا تعصبا وغلواء وتطرفا.
من اجل ذلك يجب ان نحرص على النوعية، لا الكمية. فلا ندعو الى الاسلام كائنا من كان طمعا في رقم كبير.
مليون مسلم قوي ومتعلم افضل من مليار مسلم فقير وجاهل.
والمؤمن القوي احب الى الله من المؤمن الضعيف.
ادرك ان هناك من يعارضني، من يرى ان الاسلام يجب ان يعم الارض، وانه دين الجميع.
لكن ان شئنا ان يكون الاسلام قويا ومحبوبا، ونموذجا جيدا للآخرين، فوجب علينا ان نحسن اختيار من يزيد اسلامه من قوتنا، لا يزيد من ضعفنا.
أخيرا اقول انه يحب ان يكون الانسان مؤمنا بعقله وقلبه.
ان يكون مؤمنا بروحه لا بممارسات جسده.
ولن يتحقق ذلك بدعوة الضعفاء ليصبحوا مسلمين، وعقولهم لم تمتلء بالعلم يوما، وبطونهم لم تمتلء بالطعام يوما.
فهؤلاء لن يدفعونا للأمام، بل الف عام للوراء، تضاف الى الف عام اخرى نعيشها اليوم، بالفعل، في الوراء!

[email protected]