هل ممنوع على أي عربي أن يحرِّك ساكناً في وجه إسرائيل؟ لماذا يسكت الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش كما سكتَ الذين سبقوه على حاكميّة البيت الأبيض في واشنطن على كلّ ما تفعله إسرائيل بشعب فلسطين فتزجّ بأكثر من عشرة آلاف من بنيه في سجون القهر والتعذيب؟ لماذا يسكتْ على إختطاف نوّاب ووزراء فلسطينيين منتخَبين وإعتقال قادة ومنهم مثالاً لا حصراً الأمين العام للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين المناضل الكبير أحمد سعدات وإغتيال قادة جهاراً نهاراً ينتمون إلى الفصائل الفلسطينيّة كافّة ومنها منظّمة فتح التي قضى زعيمها الرئيس ياسر عرفات بظروف غامضة؟ وحدِّث ولا حرج عن قتْل المدنيين ومِنْ ضمنهم 783 طفلاً منذ إنتفاضة الأقصى وعن جرفِ البيوت وبيّارات ـ quot;كرومquot; الزيتون والتهجير والإستيلاء على الأراضي وبناء المستعمرات وجدار الفصل العنصري الذي قضمَ 45 بالمائة ممّا تبقّى من الضفّة الغربيّة.
لماذا يسكت الرئيس الأميركي بوش الإبن كما سكتَ أسلافه ومن ضمنهم الرئيس جورج بوش الأب على إحتلال إسرائيل لأراضٍ لبنانيّة منذ قيام إسرائيل في سنة 1948 وتمدّدِ هذا الإحتلال أكثر بعد عام 1967 إلى عام 1978 فإلى عام 1982 حتى عام ألفين الذي شهد تحرير معظم الأراضي اللبنانيّة (أبداً لم تنسحب إسرائيل تطبيقاً للقرار الدولي رقم 425 كما يدّعون، بل إنسحبتْ بعد كفاح ونضال مريرين ضدّها إستمرّا أكثر من 27 عاماً)؟ لماذا يسكتْ السيّد بوش الإبن على إعتداءات إسرائيل المتكرِّرة ضدّ لبنان برّاً، بحراً وجوّاً، وإغتيالاً أيضاً فتسرح وتمرح شبكات الموساد في كلّ لبنان وخصوصاً في جبال عاملة (جنوب لبنان) والعاصمة بيروت؟.
والأخطر من هذا السؤال الذي لا يزيدنا إلاّ إقتناعاً بالإجابة عليه بلا جدوى العدالة على الطريقة الأميركيّة هو لماذا يحقّ لإسرائيل أن تنشأ في بلاد العرب، وتقضم بلاد العرب، وتحتلّ في بلاد العرب، وتعيث فساداً في بلاد العرب (قال بن غوريون في أيّار 1948 الآتي: quot;يجب إعتماد الإرهاب والإغتيالات والتخويف ومصادرة الأراضي وقطع كلّ الخدمات الإجتماعيّة ...) فيما لا يحقّ للعربي أن يردّ على كلّ ألف صفعة على وجهه ولو بصفعة واحدة على وجه إسرائيلي؟.
فكم مرّة إشتكى لبنان إلى هيئة الأمم المتّحدة ومجلس الأمن إعتداءات إسرائيل بعد عام ألفين؟ وكم مرّة لم تلقَ هذه الشكاوى أذْناً صاغية بتحريض مداور ومباشر مِنْ أميركا ذاتها التي يظلّ إستراتيجيّوها يتساءلون بكلّ خفّة عن سبب كراهيّة العرب لهم ولدولتهم ـ القوّة الأعظم والقطب الأوحد؟! وأيضاً لن يزيدنا الجواب على السؤال الثاني إلاّ يقيناً بخلل فاضح في معايير أميركا الدوليّة على مستوى الأخلاق.
أمّا الأسطوانة المشروخة فلا تزال ذاتها تصدع آذاننا فالعرب يريدون قذف اليهود إلى البحر! والعرب يريدون تدمير إسرائيل! والعرب لا يريدون السلام! علماً أن العرب المتسلّطين بُحّتْ حناجرُهم في المؤتمرات العربيّة (منها مؤتمر بيروت) إعترافاً بإسرائيل ووجودها آمنة سالمة سالكة هانئة كما في اللقاءات الخاصّة سرّاً وعلناً من دون أن يسمعوا ثناءً يُذكَر حتى قال السيّد عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربيّة quot;أنّ عمليّة السلام قد ماتتْquot; أو بإختصار آخر أن العرب قد خُدِعوا والسلام المطلوب هو إستسلام كامل ليس فقط لمشيئة الولايات المتّحدة الأميركيّة بل إستسلام كامل لإسرائيل أيضاً فتكون فوق القانون الدولي وتقرِّر ما تشاء بإرادة نازيّة بإمتياز يختبرها لبنان اليوم أيضاً قتلاً، تدميراً وتهجيراً منذ 12 تمّوز الجاري تحت مسميات مختلفة لم تستقرّ على واحدة بعد منها quot;حرب القرار 1559quot; ومنها quot;حرب الفوضى البنّاءةquot; ومنها quot;الحرب السادسةquot; ومنها quot;الحرب بالوكالة عن عربquot; مستسلمين منذ كانوا حكّاماً وquot;عربquot; يعتقدون ولو متأخِّرين أن المستقبل هو للعرب المحافظين وأميركا وإسرائيل فاختاروا الجري لاهثين وراء هذا المستقبل (عبد الحليم خدّام، الياس عطالله، أكرم شهيّب، نصير الأسعد وغيرهم) وأعطوا ظهورهم للسيادة والإستقلال وأدنى معطيات الحريّة والكرامة.
[email protected]