فنتازيا عربية

ليس هناك في الأفق ما يدل على وجود إجراءات جادة وحاسمة، أو خطوات سريعة لإنقاذ الشعب اللبناني مما يحيق به من دمار وخراب وقتل وإرعاب. فالوفود التي تروح وتجئ، والاجتماعات التي تُعقد وتُفض لا يعلم نتيجتها إلا الله طالما الطرفان المتناحران يُصران على موقفيهما وتحديهما لبعضهما البعض، ويتشبثان بذلك إلى أقصى درجة. سبب تشبث إسرائيل بموقفها هو إنها ترى في حزب الله عدواً يهدد كيانها أو على الأقل يقلها، وتعتقد بأنها وجدت الفرصة المناسبة لكي تتخلص منه إن استطاعت، أو على الأقل أن تُضعفه إلى أقصى حد وتبعده عن حدودها، وهذا موقف واضح ومعلن من جانبها تكرره ليل نهار وتعمل من اجل تحقيقه بكل قوتها وجبروتها، وعلى الرغم من إعلانها بأنها لا تستهدف الشعب اللبناني إلا ان معظم نتائج غضبها وهياجها تقع على رقابه ومقدراته وبناه التحتية، ولسؤ الحظ يدعمها في ذلك المجتمع الدولي، أو على الأقل يسكت عن عمائلها. وعلى الجانب الآخر فأن تشبث حسن نصر الله و حزب الله بالاستمرار في هذه المواجهة يدل على انه ادخل نفسه في مأزق لا يعرف كيف الخروج منه ولا تبريره، وأشعل فتيلاً لا يعرف كيف يطفئه أو يتراجع عنه، وما يزيده إصرارا على تحدياته وعنجهياته هو انه، ولأول مرة، يجد من يواجهه ويتحدث عن تهورا ته وسلوكه غير المنضبط الذي لا يُقدر عواقب الأمور. لذلك فان الأمر بالنسبة لحزب الله أصبح قضية حياة أو موت، لأنه ان خرج من هذه المعمعة مهزوماً، فهذه ستكون هزيمة قاتلة ليس له فحسب، إنما هزيمة لمنظومة سادت عالمنا العربي والإسلامي في السنين الماضية، وهي منظومة التحديات الساذجة والعنتريات الفارغة التي لا تعرف الفرق بين النصر والهزيمة، أو الفرق بين ما يفيد أو يضر، وتُحول كل هزيمة نكراء وفشل أنكر، إلى نصر على الأوراق وخلف الميكرفونات. هذه المنظومة التي اقتات عليها الكثيرون، ومنهم حزب الله ومن يوالونهم لم يكن بهمها الإثمان المدفوعة من أرواح الشعوب أو مقدراتها،إنما كان كل همهم العمل من اجل أجنداتهم الخاصة، المُعلن منها والمخفي، وعلى الرغم من ذلك فهي منظومة قد سادت وسكت عليها الكثيرون وهتف لها المستفيدون. لذلك فحسن نصر الله سيستمر في تصلبه، وهاهو يعلن في خطابه الأخير بأنه سوف يصل إلى حيفا وما بعد حيفا مهما كان الرد الإسرائيلي، وهذا يدل على ان لبنان ودمارها لا يهمانه في شئ، فكرامته وماء وجهه وخدمة أيدلوجيته ونهجه، أهم عنده من لبنان ومن عليها. فهو يبحث عن نصر مستحيل يحفظ به ماء وجهه معتمداً على صواريخه الصبيانية التي يطلقها على إسرائيل، والتي لا تصيب هدفاً، ظناً منه بأن ذلك يخيف إسرائيل اعتماداً على نظريتنا السخيفة الغبية التي تقول بأن إسرائيل لا تحتمل الخسائر البشرية، وبما ان هذه النظرية ـ التي أخرجتها منظمات الجهاد ـ تعني ضمناً إننا لا نهتم بالخسائر البشرية، فبالتالي حزب الله لا يهمه كم من اللبنانيين يموتون، لان قتل إسرائيلي واحد يعادل المئات ان لم يكن الآلاف من اللبنانيين أو العرب في نظر حزب الله وأمثاله. لكل ذلك فإن حسن نصر الله وحزبه ومحازبيه يطلبون من الشعب اللبناني الصمود الذي يعني الانتحار من اجل أجندته. فلك الله ياشعب لبنان وحماك الله من شر تهور وجنون بعض بنيك، ونسأله تعالى ان يوفق حكومتك الرشيدة ـ المغلوبة على أمرها ـ وبمساعدة الراشدين منا ان تخرج بك من هذه المحنة التي صنعها حزب الله، وخرج مهرجونا دعماً له بمظاهراتهم وهتافاتهم ( فلا تواخذونا على هذا التهريج ). وإنشاء الله لكل غمة كاشف.