(أولا)
1 ـ فى موقعنا (أهل القرآن) http://www.ahl-alquran.com/arabic/main.php
تدور بيننا مناقشات ليتعلم بعضنا من بعض فى إطار شروط النشر بالموقع. ويدخل بعض السنيين الموقع ليكدرواعلينا نقاشنا ويحولوه الى مهاترات ومضيعة للوقت. وكتبت رسالة الى أخوانى فى الموقع أنصحهم بالصبر والصفح فى التعامل مع أولئك الدخلاء، فكتب أحد أولئك السنيين ردا علي رسالتى ونشره فى الموقع متحديا. هذا الرد يعبر عن عقلية المتطرفين السنيين. لذا رايت أن أقوم بتحليل هذا الرد، واعتبره (دراسة حالة) نفهم من خلاله العقلية المتطرفة السنية.
وننقل الرد السنى كاملا، ثم نقوم بتحليله ودراسته.
2 ـ يقول صاحب الرسالة :
(الأخ الدكتور احمد صبحي منصور قرأت الرسالة الثالثة وأستوقفتني عبارات كثيرة ولكن والحق يقال ليس كمثل هذه العبارة أدهشتني (وأقول للجميع :إنه من المصرح لكل من يدخل هذا الموقع أن يكتب اسمه كيف شاء، ونحن نحترم حريته. وحتى لو أساء و هاجم فاننا يجب أن نصفح الصفح الجميل، إنتظارا ليوم الدين (وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) (الحجر)
أنه من الطبيعي عند النقاش أن تقارع الحجة بالحجة، والدليل بالدليل، وقد يعلوا الصوت بعض الشئ وتحتد الأمزجة لأن هذا من الطبيعة البشرية، والحق أني لا أرى عندكم إلا أثنان فقط ممن يمكن أن يقال فيهم الرأي المخالف والمتمثلين بالأخ سعيد العوضي والعبد لله البدري أما عني فالحال يغني عن المقال وأما عن الأخ سعيد العوضي فأترك هذا الأمر له فليس من حقي أن أتكلم عنه.والملاحظة الأخرى هنا أنه يتم اختراع عدو وهمي ليتم من خلاله تأليف وتوحيد الأعضاء المشاركين في الموقع ولقد جرى العرف أن يكون هذا العدو الوهمي عندكم رجل من الأموات لأنهم لا يتكلمون، ولا يملكون أن يذبوا عن أنفسهم ذب الأحياء إذا ما هوجموا وهذا الأمر مما يؤسف له أشد الأسف، والبخاري مثل حي صارخ على هذا التكتيك الميكافيلي، ولكن الرجل مات هو ومن أفنوا أعمارهم في جمع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمة تترحم عليهم وتذكرهم بكل خير إلا من ذهب في الهجران كل مذهب، والحق أني لا أرثي له لسبب بسيط أن ماء البحر لا يدنسه ما يلقى فيه من نفايات والله وعد ومن اصدق من الله قيلا ومن اصدق من الله حديثا أنه لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله. وقد صبت عليه المصائب بهذا الخلف الذي جهل العلم، وعلم بالجهل، ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم. فلندع هذا كله ونسأل السؤال الذي يجب أن يُسأل؟؟؟ما تقول في أواخر سورة الأنعام أو سورة التوحيد الأسم الأخر لها (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) ألا ترون معي أن خروجكم عن الأمة هو زيادة تفريق لها؟؟؟؟ من هو المنتفع الأول والأخير لهذه الفلسفة التي لم يهتدي أليها علماء المسلمين كافة وكانت الهداية من نصيبكم أنتم !!!!!!!!
وليست كل هداية تأخذ المعنى المتعارف عليه فقد تكون هداية الى الضلالة وقد تكون الضلالة عن الضلالة هداية، والله يقول في محكم التنزيل (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) وإذا سلامنا معكم بكل المسلمات التي لا يسلم بها أحد من قريب أو بعيد ماذا تقول في هذه الأية (قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي).الا تتدبرون وأنتم تدعون الى القرءان أن نبي الله هارون قد ترك بني إسرائيل على عبادة العجل وهو الشرك الأكبر الذي قال الله فيه (وأشربوا في قلوبهم العجل) وذالك لأجل غاية عظيمة وهي عدم تفريق أمتهم، وما كان من كليم الله موسى إلا أن أقره على ذالك لذا يقول الله في الأعراف بعد هذه الحادثة (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ولم يجادله في السؤال الذي طرحه عليه (قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) لأن السبب كان وجيهاً ومنطقياً والله سبحانه وتعالى لم يلوم هارون على هذا الموقف الموحد لأمة إتخذت عجل لتعبده من دون الله.هل أتضحت الصورة الأن بخطورة طريقكم وأنتم على مشارف الثامنة والخمسين من العمر !!!!!!!!!
نسأل الله لنا ولكم الهداية وأن يجمع شمل المسلمين على ما يرضيه إنه نعم المولى ونعم النصير. وختاماً (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)).
ثانيا:
الدراسة والتحليل
بالنظرة الأفقية للرد ككل نلاحظ الآتى :
1 ـ من الناحية الشكلية :
وقع الكاتب فى أخطاء نحوية واملائية ولغوية كثيرة،والوقوع فى تلك الأخطاء وارد، ويحدث لى أحيانا بسبب اختلاف الخط فى الكومبيوتر، وهذا معروف ومغفور، ولكن عندما تتكاثرأخطاء حقيقية فى رد قصير فان هذه الأخطاء تتحول الى ظاهرة يجب الاشارة اليها فى التحليل الشكلى للموضوع المبحوث.
ونعطى نماذج لهذه الأخطاء : يقول :
(الأخ الدكتور احمد صبحي منصور قرأت) والصحيح (الأخ الدكتور احمد صبحي منصور: قرأت)
(قرأت الرسالة الثالثة وأستوقفتني) والصحيح (قرأت الرسالة الثالثة، وأستوقفتني)
(عبارات كثيرة ولكن) والصحيح (عبارات كثيرة، ولكن)
(ولكن والحق يقال ليس) والصحيح (ولكن ـ والحق يقال ـ ليس)
(وقد يعلوا الصوت) والصحيح (يعلو)
(لا أرى عندكم إلا أثنان.) و الصحيح (إثنين)
(والعبد لله البدري أما عني) والصحيح (البدرى. أما عنى)
(المقال وأما عن الأخ) والصحيح (المقال، وأما)
(فأترك هذا الأمر له فليس) والصحيح(له، فليس)
(في الموقع ولقد جرى العرف) والصحيح (الموقع، ولقد)
(أن يكون هذا العدو الوهمي عندكم رجل من الأموات) والصحيح (رجلا)
(إذا ما هوجموا وهذا الأمر) والصحيح (هوجموا. وهذا)
(أفنوا أعمارهم في جمع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمة تترحم عليهم) والصحيح (وسلم، والأمة)
(لسبب بسيط أن ماء البحر لا يدنسه ما يلقى فيه من نفايات والله وعد ومن اصدق من الله قيلا ومن اصدق من الله حديثا أنه لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.) والصحيح (من نفايات. والله وعد ـ ومن اصدق من الله قيلا، ومن اصدق) (حديثا، أنه)
(سورة الأنعام أوسورة التوحيد الأسم الأخر لها) والصحيح (الأنعام، أوسورة التوحيد؛ الأسم)
(الأخر لها) والصحيح(الآخر لها)
(التي لم يهتدي أليها) والصحيح(يهتد)
(المعنى المتعارف عليه فقد تكون) والصحيح (عليه، فقد)
(وإذا سلامنا معكم) والصحيح (سلّمنا)
(بكل المسلمات التي لا يسلم بها أحد من قريب أو بعيد ماذا تقول) والصحيح (بعيد، ماذا)
(وذالك لأجل غاية) والصحيح (ذلك)
(أقره على ذالك لذا يقول) والصحيح(ذلك، لذا)
(لأن السبب كان وجيهاً ومنطقياً والله سبحانه) والصحيح (ومنطقياً، والله)
(والله سبحانه وتعالى لم يلوم هارون) والصحيح (يلم)
(ولكم الهداية وأن يجمع) والصحيح(الهداية، وأن)
(ما يرضيه إنه نعم) والصحيح(يرضيه، إنه)
2 ـ من الناحية الموضوعية
* فى الرد على كاتب فى مقال لا بد أن تحدد أولا المحور الذى يدور حوله المقال الذى ترد عليه، ثم كيف يعزز الكاتب الفكرة المحورية لمقاله وكيف يدلل عليها، وبعد أن تحدد محور المقال و أدلة الكاتب فى توضيحه تقوم بالرد على الفكرة الأساسية و الأدلة التى ساقها المؤلف توضيحا لها أو دفاعا عنها. وفى العادة أن تختار أضعف النقاط وتسلط عليها براهينك المضادة. هذه هى منهجية الردود العلمية.
الاستاذ السنى لم يحدد محور مقالى، وحين أختار نقطة يبدأ منها الهجوم فانه إختار أقوى نقطة فى المقال و استشهد بها، يقول : (الأخ الدكتور احمد صبحي منصور قرأت الرسالة الثالثة وأستوقفتني عبارات كثيرة ولكن والحق يقال ليس كمثل هذه العبارة أدهشتني (وأقول للجميع :إنه من المصرح لكل من يدخل هذا الموقع أن يكتب اسمه كيف شاء، ونحن نحترم حريته. وحتى لو أساء و هاجم فاننا يجب أن نصفح الصفح الجميل، إنتظارا ليوم الدين (وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) (الحجر 85)
لا يستطيع عاقل أن ينتقد ما قلت، لذا جاء هجوم الأخ السنى يبرر فيه ما يفعله فى موقعنا. وهذا الرد الاعتذارى يستحق الشفقة، إذ يقول (وقد يعلوا الصوت بعض الشئ وتحتد الأمزجة لأن هذا من الطبيعة البشرية).
الاستاذ السنى جاء الينا ليصلحنا،ولا يليق بمن يتصدى للاصلاح ـ اصلاحنا ـ ان يبررعلو الصوت والحدة بأنها طبيعة بشرية، فلا يحتج بالطبيعة البشرية إلا من يدمن الوقوع فى الخطأ ويكون ـ هو نفسه ـ محتاجا للاصلاح. هذا مع أن ما وقع فيه الاستاذ السنى ليس مجرد علو الصوت أو حدة المزاج، إنه أكبر من ذلك بكثير. ولن أستشهد بتعليقاته على كتّاب الموقع كلهم، ولكن سيأتى الاستشهاد بهجومه علينا فى نفس رده.
* لم يحدد الاستاذ السنى محور المقال وفشل فى الرد على العبارة التى اختارها من المقال، فاختار اسهل طريق وهو الهجوم العام على كل ما نقوم به وما نعتقده وما ننشره الموقع. وهنا ندخل فى تحليل التفصيلات، لنتعرف على أبعاد العقلية السنية..
ب : النظرة الرأسية التفصيلية
ويمكن تجميع تلك التفصيلات فى ملامح أساسية هى : الهجوم و الأخطاء والتناقض والتلاعب بالقرآن الكريم، وهى بعض ملامح (الحالة السنية) التى نتوقف معها بالتفصيل:
1 ـ الهجوم:
هجوم على القرآت الكريم :
يقول : (والحق أني لا أرثي له لسبب بسيط أن ماء البحر لا يدنسه ما يلقى فيه من نفايات)أى إنه يعتبر كتاب البخارى ماء البحرالطاهر، وما نكتبه هوالنفايات الدنسة. ولكننا فى ردنا على البخارى نستشهد بكلامه ثم نرد عليه بالقرآن الكريم. وبالتالى فان القرآن الكريم ـ الذى نتمسك به فى الرد على البخارى و غيره ـ هو نفايات عند هذا الاستاذ السنى.!!.
هجوم على النبى محمد
يقول عن البخارى : (ولكن الرجل مات هو ومن أفنوا أعمارهم في جمع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم) أى يرى ان النبى محمدا عليه السلام مات وترك سنته هملا دون جمع ودون تصحيح، وهذه السنة يعتبرها جزءا من الدين والاسلام، وعليه فان النبى محمدا عليه السلام لم يبلغ كل الرسالة، اذ بلّغ جزءا منها فقط وهو القرآن، ثم ترك جزءا آخر وهو السنة دون تبليغ، وظلت هكذا،لم يكتبها الخلفاء الراشدون و الخلفاء الأمويون، والخلفاء العباسيون، الى أن تطوع بعض العلماء بدافع ذاتى فكتبوا هذه السنة، ومنهم من تعرض لضرب الخلفاء العباسيين مثل مالك وابن حنبل، ومنهم من تجاهله الخلفاء العباسيون مثل الشافعى وغيره.المهم أن هذا الجزء الناقص من الدين ـ بزعم العقلية السنية ـ لم يكتبه النبى محمد ولم يبلغه. وهذا هجوم على النبى محمد واتهام صريح له بعدم تبلغ الرسالة.
أما نحن فنعتقد أن النبى محمدا عليه السلام أبلغ الرسالة كاملة، وهى القرآن، أى أننا نحن الذين ندافع عن النبى بينما يتهمه السنيون بافظع تهمة.!!.
هجوم علينا
ولم ينس فى رده الرقيق أن يتفضل علينا بالهجوم فوصف ما نفعله بأنه (التكتيك الميكافيلي)
نسبة الى ميكافيللى صاحب كتاب (ألأمير) الذى قنّن فيه مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) والذى دعا الى توحيد ايطاليا بأى وسيلة حتى لو كانت قذرة. ثم تفضل علينا بقوله عنا (.. بهذا الخلف الذي جهل العلم، وعلم بالجهل،) أى اتهام لنا بالجهل..مع أننا نستشهد بالقرآن و نصوص من البخارى و غيره، ونقارن هذا بذاك، ونصل الى إثبات التناقض بين القرآن و تلك الأحاديث. ويعجز كبار الشيوخ فى الرد علينا، ولا يجدون وسيلة سوى الاضطهاد و اصدار فتاوى القتل والملاحقة الأمنية. مع أن الجهل المقنرن بالاجرام هو ما يتمثل فى خصومنا الذين يعجزون عن مواجهة الحجة بالحجة فيلجأون الى القوة وفتاوى القتل فى الرد على صاحب الحجة. الاستاذ السنى يرى الأمور بالعكس،وهذه إحدى سمات الحالة العقلية للتطرف السنى..
الأخطاء
والمضحك أن فضيلته ـ وهو ليس من (الخلف الذي جهل العلم، وعلم بالجهل،) ـ قد وقع فى أخطاء كثيرة منها :.
1 ـ يقول عن البخارى و غيره من أئمة السنة : (والأمة تترحم عليهم وتذكرهم بكل خير إلا من ذهب في الهجران كل مذهب،) أى أن الأمة تترحم على البخارى وصحبه وتذكرهم بكل خير سوى أقلية ضئيلة جدا خارجة عن إجماع الأمة.(هى نحن بالطبع). و ليس هذا كلاما علميا، وإن كان النمط العام للعقلية السنية التى تكلم نفسها ولا ترى فى الدنيا غيرها.. واذا حاسبناه بالمنهج العلمى أصبح نموذجا للخطأ. وأول الخطا هو تحديد مفهوم الأمة. إنه يخالف المفهوم القرآنى لكلمة (الأمة) الذى تعرضنا له فى مقال منشور بعنوان: (من هو الآخر فى الاسلام).
وهو يقصد المفهوم التراثى لكلمة الأمة، والذى يعنى كل المسلمين، ولكنه يخطىء فى قوله: (والأمة تترحم عليهم وتذكرهم بكل خير إلا من ذهب في الهجران كل مذهب،).
(الأمة) بالمفهوم التراثى ـ أى العالم الاسلامى ـ يصل عدده الآن الى ما يقترب من المليار والربع، ومعظمهم من غير العرب، وأكثرهم الذين يعيشون فى الهند و الصين واندونيسيا و بقية دول جنوب شرق ووسط آسيا. والأغلبية العظمى المطلقة من أولئك المسلمين ليسوا سنة، بل صوفية. ومعلوم أن المسلمين هم الان طوائف عدة أكبرها الصوفية ثم السنة ثم الشيعة. واذا كان الصوفية العرب يعرفون البخارى فلا يمكن أن نتصورهم كلهم يترحمون عليه قبل الأكل وبعده.!!أما المسلمون الصوفية من غير العرب فلا أعتقد أن البخارى يشكل لهم حقيقة دينية تستحق أن يترحموا عليه بلغاتهم وثقافاتهم التى لا نعرفها. وحتى اذا اقتصر القول على الأمة العربية فمن الخطأ الفاحش أن نقول أن الشيعة العرب يحبون البخارى، ومن الخطأ أيضا أن نتصور الأغلبية من العرب السنيين ـ وهم أميون ـ يقضون الوقت فى الترحم على البخارى وتذكره بكل خير ـ آناء الليل وأطراف النهار.. وبالتالى فان الإغلبية من المسلمين هى التى لا تترحم على البخارى. ولكن مشكلة العقلية السنية المتطرفة انها تحتكر لنفسها الاسلام، فالاخوان يطلقون على أنفسهم اسم (الاخوان المسلمون) أى أن من عداهم ليسوا مسلمين، ثم يتناقضون مع أنفسهم ويتكلمون عن بقية المسلمين على أنهم (أمة الاسلام) ويعطون لأنفسهم وحدهم حق التحدث باسم هذه الأمة التى ما طلبت منهم أن يتكلموا باسمها، وهذا ما يفعله الظاهرى وابن لادن. أى هو تطفل على الآخرين وتدخل فى حريتهم. وهو نفس ما يمارسه علينا هذا الاستاذ السنى الذى هبط على موقعنا بالبراشوت ـ دون دعوة ـ لكى يتدخل فى شئوننا بزعم الاصلاح، وهو فى الحقيقة يستحق العلاج، وهذا ما نقوم به الآن حين نشخّص حالته. و التشخيص الصحيح أول مراحل الشفاء.
2 ـ ويقول الاستاذ السنى متسائلا: (من هو المنتفع الأول والأخير لهذه الفلسفة التي لم يهتدي أليها علماء المسلمين كافة وكانت الهداية من نصيبكم أنتم !!!!!!!!)
وهذا التساؤل يتكون من ثلاثة نقاط :(من هو المنتفع بما نقول)، (ما نقوله لم يقله قبلنا علماء المسلمين كافة)،(وكيف تكون الهداية من نصيبنا فقط) (ونحن أقلية الأقلية)..
ونرد على كل نقطة:
* من هو المنتفع بما نقول :
لا شك أن هناك منتفعين بهذا الذى نقول، بدليل من يكتبون فى الموقع، ومن يدخلون فيه، ومن تصلنى خطاباتهم يستفتون و يشكرون ويؤيدون. بل أؤكد ـ من واقع التجربة الحياتية و النضالية و الاحتكاك المباشر بالخصوم ـ أن خصومنا حين يقرءون ما نكتب يتغير شىء فى داخلهم برغم أنوفهم ؛ بعد القراءة لنا لا يصبحون كما كانوامن قبل. وهم يقاومون بذرة الاقتناع بالحق فى داخلهم بالالحاح على جدالنا ليثبتوا لأنفسهم أنهم على الحق. وهذا الالحاح المرضى يصل أحيانا الى درجة الوسواس القهرى، ولذلك يظل بعضهم يحمل هذا الوسواس القهرى مهووسا به، يهاجمنا فى كل مناسبة ودون مناسبة، ويقتحم علينا خلوتنا فى الانترنت، كل ذلك ليقنع نفسه أولا أنه على الحق ـ وليقاوم التغيير الذى حدث فى أعماقه رغما عنه.
ولهذا فان من يدخل موقعنا ليس فقط القرآنيون ولكن يدخله الكارهون و الحاقدون. وطبقا للاحصاءات فان هذا الموقع سبق مواقع أقدم منه زمنا ينفق عليها أصحابها مئات الألوف من الدولارات،وهذه حقائق. لا نتحدث عن الهداية أو عدمها فمرجع ذلك لربنا جل وعلا الذى يعلم من ضل عن سبيله ومن اهتدى. ولكن نتحدث عمن يدخل الى الموقع ويستفيد منه فى تعلم شىء جديد ـ بغض النظر عن الهداية نفسها. ونرجو أن نكون عند الله تعالى من المهتدين.
وبالطبع فان المقصود بالسؤال شىء آخر، هو أن المستفيد من هذا الموقع ـ طبقا للاسطوانة السنية المعروفة ـ هم أعداء الاسلام من المسيحية العالمية و الصهيونية..ألخ.. ولو كان الكلام صحيحا لتبدل حالنا، و لتحول هذا الموقع الى مواقع، و لأضيفت له قنوات فضائية ومعاهد ومحطات وهو نفس ما يحدث للدين السنى ومواقعه وقنواته و معاهده و مساجده..وقد تحالف الدين السنى سابقا مع أمريكا ضد الاتحاد السوفيتى ـ ودخل فى هذا التحالف دول سنية وجماعات وتنظيمات سنية شعبية علنية و سرية، ثم ما لبث أن انشقت التظيمات غير الرسمية عن التحالف مع أمريكا و الغرب لأهداف سياسية، ولا ننسى أن اسامة بن لادن صناعة أمريكية فى الأصل. وهذا مستحيل أن يحدث معنا لسبب بسيط أنه ليست لنا أغراض سياسية. لأن كل ما نسعى اليه هو الفوز فى الاخرة ـ و لا نسأل أجرا من أحد، طبقا لما جاء فى القرآن الكريم (اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ)(يس 21) وفى نفس الوقت لا نرفض أى عون لتطوير الموقع. هذا الموقع يقوم عليه أولادى فى أوقات فراغهم وهم أصلا مشغولون بالعمل و الدراسات العليا فى الجامعات الأمريكية، ولا يستطيع أحدهم ان يتفرغ للاشراف عليه. وربما يكون الموقع الوحيد الذى لا يوجد فيه مشرف معين فيه بمرتب. لأنه لا توجد فى الأصل ميزانية للموقع تكفى لاعطاء مرتب لأحد. وأقول لو جاءت ميزانية للموقع بالملايين فلن نرفضها لسبب بسيط أننا لن نغير ما نقوله على الاطلاق. يستوى فى ذلك إن ساعدنا الآخرون أو لم يساعدونا.
** ما نقوله لم يقله قبلنا علماء المسلمين كافة:
هذه كذبة أخرى تدل على جهل بتاريخ المسلمين وتاريخ الدين السنى ذاته. الامام أبو حنيفة أول إمام فقيه فى تاريخ المسلمين قال ما نقول الآن. ولم ينقطع القول بالاكتفاء بالقرآن وحده بعد أبى حنيفة، فالشافعى عقد محاورة من جانب واحد فى كتابه (الأم) مع من ينكر(الأخبار) أى الأحاديث، ومن أجل ذلك كتب رسالته المشهورة لكى يدعم الدين السنى فى مواجهة القرآنيين الأوائل الذين أنكروا تلك الأحاديث منذ أن انتشرت وكتبوها فى القرن الثالث الهجرى بعد موت النبى محمد بقرنين وأكثر. المعتزلة لهم موقف قريب منا، وطوائف أخرى اندثرت ولكن ظل تيار من العلماء ينكر الأحاديث ويستهزىء بالبخارى. و ربما نكتب فى ذلك بحثا تاريخيا يتتبع أولئك العلماء المجهولين. لن نتحدث عن الامام محمد عبده ومدرسته فى الأزهر وخارجه، والتى قمنا بالبناء عليها. المهم إننا نقول ما قاله قبلنا علماء مسلمون محترمون.
*** وكيف تكون الهداية من نصيبنا فقط :
على أن اتهامه بأن ما نقوله لم يقله أحد من قبل يذكرنا بنفس موقف المشركين من خاتم الأنبياء محمد عليه السلام. قبل نزول القرآن كان محمد بن عبد الله هو الصادق الأمين عندهم، فلما نزل عليه القرآن أتهموه بالسحر و الكذب و الجنون، أى ليس عداءا منهم لشخصه ولكن للقرآن الذى نزل عليه. وكان ضمن ما قالوه (مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ. أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا) أى هذا الذى يقوله ما سمعنا به من قبل، وكيف تكون انت وحدك من بيننا الذى نزل عليك هذا الذكر. هو نفس ما يقوله الأخ السنى، و العقلية السنية التى تعبد ما وجدنا عليه آباءنا. أنهم دائما يتجاهلون الحق (القرآن) و يهاجمون شخص الداعى اليه والذى يدعو به. ولذا فان الله تعالى فى الرد على المشركين قال (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي) (ص 7، 8). يعنى أن الأساس هوعدم الايمان بالقرآن، وتهرب منه بالهجوم على أهل القرآن، وهم دائما أقلية..
نحن أقلية الأقلية:
وهذا صحيح، وهذا ما نفخر به. ولو أصبح القرآنيون بالملايين لكان ذلك أكبر دليل من القرآن نفسه على أنهم ضالون. فالأكثرية هى الضالة المضلة التى يمكن أن تضل النبى نفسه إن أطاعها وترك القرآن؛ قال تعالى للنبى محمد عليه السلام فى التعليق على من ينكر القرآن ويتبع الأحاديث الضالة :(وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ) الأنعام 116) والتوضيح مذكور فى الفتوى المنشورة فى الموقع تحت عنوان : (حكم ايمان الأغلبية).
ونتساءل : طالما نحن أقلية الأقلية فلماذا هذا الاهتمام المهووس بنا ؟
ونجيب : نحن أقلية فقيرة قليلة الحيلة لا تملك إلا الشجاعة العلمية فى الدفاع عن القرآن ضد ما يخلفه من الثوابت التى وجدنا عليها آباءنا، وعلى هذه الثوابت تقوم دول الاستبداد وتيارات التكفير وتنظيمات الارهاب، ولهذا فان هذه القلة القليلة القرآنية وجدت نفسها فى مواجهة مع قوة أوتيت من كل شىء من الانترنت الى الاعلام والمساجد والمعاهد والجمعيات والجماعات، ولكن يقلقون من موقع ضئيل لا يستطيع توظيف موظف واحد يتفرغ له. ولكنه صراع متكافىء، فالأقلية القليلة تتمسك بالقرآن، بينما الأغلبية الكاثرة لا تملك سوى القوة. إنه الصراع المستمر بين الحق والقوة. وسيحسم هذا الصراع رب العزة يوم القيامة..
3 ـ ويقول : (الحق أني لا أرى عندكم إلا أثنان فقط ممن يمكن أن يقال فيهم الرأي المخالف والمتمثلين بالأخ سعيد العوضي والعبد لله البدري)
وكالعادة يرى نفسه ـ مع زميل له ـ ضمن مجموعتنا، مع تناقضنا فى العقائد، وهجومه علينا بسبب ذلك التناقض بيننا. إننا ضد ما يعتنقه هذا الأخ السنى، مع احترامنا لحرية كل انسان فى عقيدته. ونحن لا نعتبره منا هو أو زميله. هما ضيفان من فضاء (الانترنت) الخارجى هبطا علينا دون أن يتحليا بآداب الضيف مما جعل بعض أهل القرآن لا يرحبون بهما. نحن لم نفرض عليهما ما نقول، ولكنهما يريدان فرض عقائدهما علينا فى بيتنا. وهذه من نوادر التراث السنى الحىّ. وهذا أيضا يفسر مساحة أخرى من الدماغ السنى. ان لديهم عشرات الألوف من المواقع على الانترنت، والعشرات منها يهاجمنا، ونحن لا نرد عليهم، ولا نتحرش بهم. نحن نكتفى بموقعنا الوليد نتحدث فيه سويا بعيدا عن الآخرين، ولكن الآخرين لا يتركوننا فى حالنا، لا يكتفون بكل ما لديهم فى الفضاء من مواقع وقنوات تليفزيونية مع آلاف الصحف والمجلات والمعاهد والمدارس والمساجد والجمعيات والجامعات و المصاطب والمؤسسات. لا يكتفون بهذا لأن هناك موقعا ناشئا خرج عن سيطرتهم وآمن بالقرآن وكفى، لذا لا يتركونه فى حاله، يتطفلون عليه لشغل أصحابه فى جدال وأخذ ورد. هذه هى ملتهم وتلك هى عقليتهم.
4 ـ ويقول : (والملاحظة الأخرى هنا أنه يتم اختراع عدو وهمي ليتم من خلاله تأليف وتوحيد الأعضاء المشاركين في الموقع)
وهذا خطأ لأن البخارى وأمثاله ـ ممن طعن فى الاسلام و القرآن والنبىمحمد عليه السلام ـ ليس عدوا وهميا لنا، بل هو عدو حقيقى نتقرب الى الله تعالى بعدائه. إنه بما كتب وسجل على نفسه عدو لله تعالى ورسوله الكريم، وفى حال هذه الخصومة والعداء بينه وبين الله تعالى لا بد للمؤمن الحقيقى أن يوالى الله تعالى ورسوله و كتابه. وهذا ما قلناه فى شروط النشر بالموقع. وهذا ما قلته منذ أكثر من عشرين عاما عن البخارى فى جامعة الأزهر عام 1985.. إذن نحن لم نخترع عدوا وهميا فهو موجود قبلنا وهاجمناه منذ ربع قرن، وحين أنشأنا هذا الموقع فان الذين قدموا له كانوا مثلنا فى العقيدة،أى أننا لم نخترع عدوا وهميا لتوحيد الأعضاء المشاركين فى الموقع.
5 ـ ويقول (ولقد جرى العرف أن يكون هذا العدو الوهمي عندكم رجل من الأموات لأنهم لا يتكلمون ولا يملكون أن يذبوا عن أنفسهم ذب الأحياء إذا ما هوجموا وهذا الأمر مما يؤسف له أشد الأسف، والبخاري مثل حي صارخ على هذا التكتيك الميكافيلي، ولكن الرجل مات)
يعنى أننا نهاجم الاموات غير القادرين عن الدفاع عن أنفسهم. وهذا خطأ ينم عن جهل ممتع..!! ومبعث هذا الجهل الممتع أن صاحبه لم يكلف نفسه قراءة المنشور فى الموقع الذى يهاجمه. وعبارة الجهل الممتع أخص بها أولئك الذين يكتبون أكثر مما يقرءون متمتعين بالجهل، رضى بهم جهلهم، ورضوا هم عن جهلهم. واستمتع بعضهم ببعض..
أننى أصلا أهاجم الأحياء..ولو قرأ مقالاتى فى الموقع وفى غيره لوجد أن أول مقال كتبته على الانترنت كان هجوما على شيخ الأزهر بعنوان (الى شيخ الأزهر لمجرد العظة و التذكير) ونشرت الصحف المصرية ان بعض الصحفيين واجه شيخ الأزهر بهذا المقال طالبا التعليق فرفض. وتتابعت مقالاتى فى الهجوم عليه مثل (هل يمكن أن يتوب علنا شيخ الأزهر) (صدق الله العظيم وكذب شيخ الأزهر) ومقالات أخرى تهاجم الاخوان وتهاجم البابا بندكت السادس عشر وتهاجم أمريكا، ولقد خصصت مبارك بأفظع هجوم.أى اننى فى هذا الموقع أهاجم كل أصحاب النفوذ و السطوة حتى فى داخل الادارة الأمريكية.
وحين كنت فى مصر مهددا من النظام والمتطرفين الارهابيين معا فلم أتوقف عن المواجهة مع ذوى السلطة و النفوذ. منذ 1977 الى أن غادرت مصر سنة 2001 كنت أهاجم من أراه مستحقا للهجوم. منذ أوائل التسعينيات هاجمت مبارك كناشط فى حقوق الانسان، ولذا نجحت فى انتخابات مجلس ادارة المنظمة المصرية لحقوق الانسان دون أن أحضر يوم الانتخاب. وكنت عضوا مؤسسا للحركة الشعبية لمواجهة الارهاب وقت أن علا صوت الارهاب فى مصر و دارت حرب الحقيقية بين المتطرفين والأمن المصرى. وقمت مع أعضاء الحركة الشعبية بزيارة قرى الصعيد التى تعرضت لهجوم الارهابيين، وقتها كان الكتبة الرسميون للحكومة ينافقون المتطرفين ويعدون أنفسهم للتأقلم مع دولة التطرف القادمة. حين كنت مجرد مدرس مساعد فى جامعة الأزهر وقفت ضد شيخ الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود وأعوانه الصوفية داخل الأزهر وخارجه، وصممت على آرائى فى رسالة الدكتوراة التى كانت توضح بالأدلة تناقض التصوف مع الاسلام، وبسبب عجزهم عن تفسير صمودى ضدهم نشروا إشاعة تقول إننى مدفوع من جهات أجنبية، وانتصرت عليهم مؤديا أكبر خدمة للتيار السلفى الوهابى، ومع ذلك رفضت الاعارة للسعودية ـ وكنت وقتها سنيا معتدلا يريد اصلاح الفكر السنى، فأدى ذلك الى صراعى معهم وأنا داخل جامعة الأزهر. وقتها كنت الخطيب الأول فى جماعة دعوة الحق الاسلامية (السنية) ومساجدها فى مصر.وكنت أواجه جمهور المصلين يوم الجمعة بأنتقاد البخارى. وكنت أخطب الجمعة الأولى كل شهر فى مدينة طنطا، فتحدانى أساتذة كلية أصول الدين فى طنطا ومعهم قيادات الاخوان والجماعات، و وكان واضحا أن المناظرة عندهم تعنى خطرا على حياتى. لم أخف. سافرت اليهم الى طنطا يوم شم النسيم سنة 1984 ومعى كتاب البخارى. أقرا من البخارى وأرد عليه من القرآن، قلت لهم : أحكموا بانفسكم واختاروا مصيركم يوم القيامة. وجدت بعضهم تتحول ثورته الى بكاء وتوبة، بينما تتحول ثورة الاخرين الى معركة إشتعلت فى المسجد، استهدفت حياتى فقام أناس ـ لا أعرفهم ـ بحمايتى منهم. وبعد فض الاشتباك و طرد المعتدين طلبوا منى الاستمرار، وأحاطونى بأجهزة التسجيل فعدت الى استكمال الندوة، وجاء المشاغبون أفواجا يستمعون فى صمت..وفى غيظ. بعدهذه الندوة أصدروا فتوى بقتلى اذا جئت الى طنطا، وكان يتزعمهم شيخ أزهرى اخوانى ـ هو الان عضو بمجلس الشعب ـ فصممت على الاستمرار فى أداء خطبتى الشهرية فى طنطا. وكان قسم التاريخ بكلية اللغة العربية ـ والذى كنت أعمل فيه ـ هو المشرف على مواد التاريخ فى كليات الأزهر الاقليمية ومنها كلية أصول الدين فى طنطا. كنت أمين القسم وقتها فصممت على أن آخذ جدول مادة التاريخ فى أصول الدين بطنطا لأذهب اسبوعيا الى هناك متحديا أولئك الذين هددونى بالقتل. فكنت أحاضر داخل كلية اصول الدين، أقول ما يغيظهم وفق المنهج الدراسى. وهذا مجرد مثال للمعارك الى واجهت فيها الأحياء المتسلطين، ناهيك عن سلطة الاستبداد والقهر التى طاردتنى بعد تركى جامعة الأزهر سنة 1987. وبعد خروجى من السجن واصلت هجومى على الاستبداد و التطرف معا، وكانا لا يتحدان أبدا إلا فى مواجهتى. هذه مجرد لمحة من تاريخى فى مواجهة المفسدين الطغاة الأحياء.
ثم من قال ان البخارى مات ؟
هذا نوع آخر من الجهل الممتع.
نحن لا شان لنا بمن كان اسمه (ابن برزويه) وهو الاسم الحقيقى للبخارى. لا شأن لنا بشخصية البخارى و حياته. ابن برزويه هذا مات، والله تعالى هو الأعلم به، ولا يعنينا مطلقا ان كان مجوسيا فأسلم بالفعل أم أسلم ليكيد للاسلام.
الذى يعنينا هو (كتاب البخارى) ذلك الكتاب الذى لا يزال حيا بيننا يضل الناس و يفترى على الله تعالى ورسوله ودينه كذبا. ونحن حين نهاجم كتاب البخارى بأن نستشهد بما فيه من نفس النسخ التى يطبعها وينشرها السنيون ـ ثم نعرضها على القرآن الكريم، من نفس المصاحف التى يطبعها و ينشرها السنيون.
ثم يقول عن البخارى (..رجل من الأموات لأنهم لا يتكلمون ولا يملكون أن يذبوا عن أنفسهم ذب الأحياء إذا ما هوجموا وهذا الأمر مما يؤسف له أشد الأسف، والبخاري مثل حي صارخ على هذا التكتيك الميكافيلي، ولكن الرجل مات) أى لا يستطيع الدفاع عن نفسه.
لو هاجمنا ابن برزويه ما تعرض لنا أحد، لأن السنيين لا يعرفون من هو ابن برزويه، ولكنهم يعبدون اسم البخارى، وهى عادة من عادات الشرك فى تقديس أسماء ما أنزل الله تعالى بها من سلطان. ومن إعجاز القرآن الكريم أن نبّه على ذلك سلفا : (الأعراف 71) (يوسف 40) (23النجم) (نوح 23). وقد قلت فى كتابى (السيد البدوى) الذى صدر من ربع قرن إنه لو وقف أحدهم وظل يلعن الشخص المسمى أحمد بن على بن ابراهيم فلن يتعرض له أحد من المصريين، اما إذا ذكر اسم السيد البدوى فسترتعش القلوب عند الاعتراض عليه.، مع ان الاسم الحقيقى للسيد البدوى هو أحمد بن على بن ابراهيم. وهذا لأن الناس تعبد أسماء تخترعها وتجعلها جزءا من دينها الأرضى، يستوى فى ذلك السنة مع الشيعة مع الصوفية. وفى كل الأحوال، فان أولئك الاتباع يعتبرون تلك الأسماء وتلك الشخصيات مقدسة لا يجوز ان يتعامل معها أحد على أنها بشر. ومن هنا يهبون للجهاد دفاعا عنها بكل ما يستطيعون من قوة. وربما يتسامح أحدهم اذا قلت فى حقه ما قال (مالك فى الخمر) ولكن عندما يشم من كلامك أنك لا تقدس الاهه البخارى أو البدوى فهو على استعداد لقتلك جهادا فىسبيل دينه. ولهذا تلاحقنا فتاوى التهديد بالقتل، ودماؤنا مهدرة عند الارهابيين منذ أكثر عشرين عاما، فالهجوم على البخارى أكبر خطورة من الهجوم على الطغاة من مبارك وغيره.
6 ـ ثم يقول : (والحق أني لا أرثي له لسبب بسيط أن ماء البحر لا يدنسه ما يلقى فيه من نفايات) واذا كنت لا ترثى له فلماذا كل هذا التعب و العنت، ودخولك فى أماكن لا تحب أصحابها وتهاجمهم فتتعرض لرد فعل ما كان أغناك عنه ؟ أعتقد أن الأحق بالرثاء هو أنت !!
7 ـ ويقول :(والله وعد ومن اصدق من الله قيلا ومن اصدق من الله حديثا أنه لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.)
هنا يتهمنا بالمكر. يعنى أننا نتآمر على البخارى و امثاله.
المكر هو التآمر فى الخفاء، فهل نحن نتآمر فى الخفاء على السيد البخارى وغيره ؟
اننا نقوم بالاصلاح، والاصلاح يستدعى الاعلان وليس الاخفاء، فما نكتبه وما نقوله لا بد أن نعلنه لكى يؤثر فى الناس. وفيما نقول ونكتب لا نعتمد إلا على مصدرين معلومين منشورين مشهورين : الأول : القرآن الكريم، والآخر الكتابات التى تناقضه من التراث. فأين التآمر هنا ؟
التآمر يكون فى الصراع بين التنظيمات السرية والأجهزة الحكومية والعلاقات الدولية لأنها تسعى للسلطة أو تريد الاحتفاظ بها. غيرنا هم الذين يتآمرون صراعا على السلطة والثروة،وهو ما تركناه لهم ليتصارعوا عليه.ومن مظاهر التآمر الخائب ما يفعله أولئك السنيون الذين يتسللون الى موقعنا تحت أسماء مستعارة، لبث الفتنة بيننا. فمن الذى يتآمر على من ؟
8 ـ ويقول : (ما تقول في أواخر سورة الأنعام أو سورة التوحيد الأسم الأخر لها (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) ألا ترون معي أن خروجكم عن الأمة هو زيادة تفريق لها؟؟؟؟)
هنا يصل الجهل الممتع الى أقصى درجات الكوميديا..
فالمفهوم أننا خرجنا على هذه (الأمة) فازدادت تفرقا. وبالتالى فلو (دخلنا) ولم (نخرج) على الأمة فسينصلح حالها، وسيزول الاقتتال بين الشيعة و السنة فى العراق، وسيرقص السيستانى و رافسنجانى مع القرضاوى و الشعراوى..!!
أقولها مخلصا لو أعلن السيتانى و رافسنجانى الاتحاد مع القرضاوى و الشعراوى وتركا التشيع و السنة ورجعا الى كتاب الله تعالى بدون مذهبية و طائفية لأعلنت استقالتى من الكتابة الاصلاحية الدينية ولاقتصرت على الكتابة السياسية و الأدبية والفنية..
إننا ـ بالقطع ـ لم نستيقظ من النوم فوجدنا المسلمين متحدين على قلب رجل واحد، وأنما وجدناهم يقتلون أنفسهم بايديهم وأيدى غيرهم منذ مقتل عثمان بن عفان الى الآن. لسنا من قتل عثمان أو على او الحسين، ولسنا الذين أشعلنا الفتنة الكبرى وكل مسلسلاتها حتى معارك العراق اليوم. أى إنها عادة سيئة للمسلمين استمرت 14 قرنا من الزمان. كل ما فعلناه أننا نحاول الاصلاح بالطريقة التى أوصى بها الله تعالى. وهو الاحتكام المخلص للقرآن الكريم، وليس (استخدام) القرآن الكريم ـ بالتحويروالانتقاء والتأويل و(النسخ التراثى) والأحاديث الكاذبة ـ لتكون ضمن الأسلحة فى تلك الحروب الأهلية بين المسلمين. استخدام القرآن الكريم واختراع الأحاديث هو الذى أجج الصراع بين المسلمين، وهو الذى جعله مستداما، وهو الذى أعطاه سمة الجهاد. وقد كنا على صواب حين وجهنا سهام النقد العلمى الى تلك الأحاديث والتفسيرات و التاويلات. فهنا موضع الداء وأساس المرض. ولأن المريض يصرخ إذا ضغطت بأصبعك على موضع الألم فانهم جميعا يصرخون عندما نضع أيدينا على موضع الداء بالتحديد. والمريض العاقل الذى لديه رغبة فى الشفاء يكتم ألمه، ويشكر للطبيب حسن التشخيص، أما المريض المتخلف عقليا فانه يتهم الطبيب بأنه الذى سبب له الألم، فاذا زاد تخلف المريض ورضى بمرضه ورضى عنه مرضه فانه يتهم الطبيب بأنه السبب فى المرض.
ونرجع الى الاية الكريمة التى ذكرها المريض السنى :
يقول تعالى ((إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) وهى الاية رقم 159 من سورة الأنعام. وواضح فيها أن خاتم النبيين محمدا عليه السلام مأمور بالبراءة ممن يقع فى التفرق فى الدين. وقبلها تقول الآية 153 من نفس السورة (وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) وهذه هى الوصية الأخيرة من الوصايا العشر فى القرآن الكريم. وفيها يأمر الله تعالى باتباع القرآن وحده وهو الصراط المستقيم، وألا نتبع السبل أى الطرق فنقع فى الاختلاف. ومن أسف فان السنيين اتبعوا السبل واتخذوا القرآن الكريم مهجورا، وانطبق عليهم إعجاز القرآن فى هذه الآية وفى آيات أخرى سابقة من نفس السورة (الأنعام 112 : 117). أى أن هذا الاستشهاد هو لنا وهو عليهم.
التناقض
يبدو التناقض واضحا أو خفيا بين سطوره، فهو مثلا يستشهد بالقرآن الكريم مع أنه لا يؤمن به، ويقول إنه لا يرثى للبخارى ثم من أجله يهاجمنا ويهاجم القرآن الكريم والنبى محمدا. وهو يقول مثلا (ومن اصدق من الله قيلا ومن اصدق من الله حديثا أنه لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.) فاذا كان يعتقد فعلا أن القرآن الكريم هو أصدق الحديث وأصدق القول فلماذا يعادينا حين نستشهد بأصدق الحديث فى الرد على البخارى حين يطعن فى الاسلام وشخص النبى محمد عليه السلام.
الواضح أنه (يستخدم) القرآن الذى لا يؤمن به لكى يصل الى غرضه. وهو يستخدمه بنفس طريقة التلاعب و القفز بين الآيات و الانتقاء. وهنا نصل الى أهم ملمح من الحالة السنية وهى :
التلاعب بآيات الله تعالى فى القرآن لتبرير السكوت على الكفر
يقول : (ماذا تقول في هذه الأية (قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي).الا تتدبرون وأنتم تدعون الى القرءان أن نبي الله هارون قد ترك بني إسرائيل على عبادة العجل وهو الشرك الأكبر الذي قال الله فيه (وأشربوا في قلوبهم العجل) وذالك لأجل غاية عظيمة وهي عدم تفريق أمتهم، وما كان من كليم الله موسى إلا أن أقره على ذالك لذا يقول الله في الأعراف بعد هذه الحادثة (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ولم يجادله في السؤال الذي طرحه عليه (قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) لأن السبب كان وجيهاً ومنطقياً والله سبحانه وتعالى لم يلوم هارون على هذا الموقف الموحد لأمة إتخذت عجل لتعبده من دون الله.)
هنا يصل الجهل الممتع الى درجة الكوميديا السوداء، حين يتلاعب بآيات الله تعالى فى القرآن الكريم لكى يوجه منه اتهاما الى نبى الله هارون عليه السلام. يتهمه بالسكوت على الشرك حتى لا يتفرق بنو اسرائيل، يقول هو (وذالك لأجل غاية عظيمة وهي عدم تفريق أمتهم).
هو بالطبع هنا يعترف ضمنيا أنهم واقعون فى الشرك، وأنه لا يهم الوقوع فى الشرك، بل يجب التغاضى عنه حتى لا تتفرق الأمة. وهذا هو مطلبه منا. أى إنه يتفق معنا فى تقرير وقوع (الأمة) المسلمة فى الشرك الأكبر، ولكن يختلف معنا فى الأولويات.نحن نرى الأولوية فى اصلاح العقائد سلميا بالرجوع الى كتاب الله وفق ما أمر الله تعالى به فى كتابه (الأنعام 114) (النساء59) (الشورى 10) بينما يرى فضيلته أن الأولوية هى توحيد الأمة.
والسؤال هنا كيف نوحد هذه الأمة ؟ هذا بالطبع مستحيل، وفضيلته يدرك ذلك ولكنه لا يقصد هذا بالضبط. إنه يقصد أن نرجع عن دعوتنا الاصلاحية وننضم الى بقية الأمة. ولأن الأمة فى نظره هى أهل السنة فهو يريد أن نعود أدراجنا الى السنة البخارية التى كفرنا بها. فهل إذا رجعنا الى السنة ستتوحد الأمة ؟ أم سيزداد الفريق السنى بضعة مئات أو ألاف من الأشخاص تزيد بهم الفرقة بين الشيعة و السنة ؟
من أجل هذا الغرض المستحيل استباح السنى لنفسه التلاعب بآيات الله.!!
ونتوقف مع تلاعبه بالآيات الكريمة.
قلنا ونقول : إن بحث قضية معينة فى القرآن الكريم لها منهج معين، هو ألا ندخل على الايات بافكار مسبقة نريد إثباتها، بل نقوم بتجميع كل الآيات المتعلقة بالموضوع، ثم نتدبرها، أى نسير خلفها و نجعلها إماما لنا فى التوصل للحقيقة القرآنية.
وهذه هى الآيات القرآنية المتصلة بالموضوع:
يقول تعالى (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ وَالَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ) الأعراف 148 ـ 156)
ويقول تعالى (فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا) (طه 86 ـ 98)
وبالتدبر فى الآيات الكريمة يتضح الآتى :
1 ـ أنها تقع ضمن قصص القرآن عن الأمم السابقة و ليست أوامر تشريعية لهم أو لنا.
2 ـ إن للقصص القرآنى سمات معينة، وقد نشرنا مقالة فى هذا، وسيتبعها سلسلة من المقالات عن خصائص القصص القرآنى و منها أنه يتجاهل أسماء الأشخاص و تاريخ الأحداث وترت
التعليقات