عندما تنحط أمة ndash; أي أمة ndash; فإنها تجتر ماضيها لتجد فيه العزاء والسلوى لحاضرها الأليم، ولا يختلف معي أحد في أن الأمة العربية والإسلامية الآن في الدرك الأسفل من التخلف والانحطاط،وأننا لا نشارك في صنع الحضارة، ونرفض ببلاهة الاستفادة من الحضارة العالمية التي رأت النور في الغرب، وانعكس هذا الانحطاط في معاملة المرأة، فبقدر تقدم الأمم وتحضرها تتحسن معاملة المرأة، وبقدر انحطاطها وسيادة الفكر البدوي الذكوري ndash; كما هو حال البلاد العربية الإسلامية ndash; تسؤ معاملتها، فمعاملة المرأة هي مؤشر رقي الأمم وتحضرها. وعلينا أن نعترف بأن غالبية المسلمين وكل المتأسلمين يعادون المرأة التي هي عندهم أقل من كلب أبيض، وهذا مترسب في وعينا ولا وعينا، ولماذا لا نكرهها وهي السبب في كل بلائنا، كما تقول أسطورة إخراج آدم من الجنة بسبب إغواء حواء له، ففي الجاهلية كان العرب الأقحاح يكرهون المرأة كرهاً شديداً، وكان quot;إذا بشر أحدهم بالأنثي ظل وجهه مسوداً وهو كظيمquot; كما شهد عليهم بذلك القرآن الكريم، وجاء الإسلام وخفف من حدة هذا العداء، واعتبر ما أعطاه لها من حقوق ثورة بمقياس عصره، لأنه لم يكن يستطع إنصافها كل الإنصاف، فاكتفي بإعطاها بعض حقوقها كخطوة أولي، فأعطاها نصف الميراث ونصف الشهادة، وعلينا اليوم أن نكمل ما جاء به الإسلام ونعطيها ما تبقي لها من حقوق لتتساوي بالمرأة الأوربية والتونسية والمغربية،وأسأل المتأسلمين: لماذا نساء العرب فقط دون باقي نساء العالم هن الـ quot;ناقصات عقل ودينquot; و باقي نساء العالم كاملات العقل كالرجال ومتساويات معهم، جولدامئير كانت أنجح رئيسة وزراء لإسرائيل، مارجريت تاتشر quot;المرأة الحديديةquot; كذلك في انجلترا، أنديرا غاندي في الهند، بناظير بوتو في باكستان ... والآن في فرنسا تترشح سيجولن رويال لرئاسة فرنسا، وبحديث مع صديق فرنسي قال لي: جربنا كثيراً الرجال في الحكم، فلماذا لا نجرب إمرأة قد تكون أفضل؟.
وبنظرة على تاريخنا قبل الانحطاط، نجد أن كليوبترا حكمت مصر قبل الإسلام، وشجرة الدر حكمتها بعد الإسلام.لكن بعد أن سيطرة المتأسلمون على التعليم والإعلام روجوا لعداء المرأة على أوسع نطاق ، واستندوا إلى أحاديث موضوعة ، لو سمعها رسولنا صلي الله عليه وسلم لتبرأ منها ومن مروجيها، وهي تلك الأحاديث التي تحط من شأن المرأة، فهل يعقل أن يقول المبعوث رحمة للعالمينquot; أن صلاة المرء تفسد إذا مر أمامه كلب أو حمار أو امرأةquot; ؟؟!! في حين أن آخر وصاياه صلى الله عليه وسلم كانت quot;أوصيكم بالنساء خيراًquot; و قولهquot; خيركم، خيركم لأهلهquot;، وقوله quot;النساء شقائق الرجالquot; أي متساوون في الحقوق والواجبات. وهو ما أكدته الآية الكريمة quot;المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعضquot; بمعني أن الولاية متبادلة ومتداولة بين النساء والرجال حسب إرادة الشعب في الانتخابات مثلاً..
المتأسلمون يمجدون الماضي ويشوهون الحاضر والمستقبل، فجعلوا من ماضينا شعلة نور، ومن مستقبلنا كتلة ظلام،و إ نني أدعو القراء لقراءة كتاب خليل عبد الكريم quot;شدو الربابة بمعرفة أحوال الصحابةquot; وهو كتاب من ثلاثة أجزاء، ليعرفوا كيف كانت أحوال الصحابة في مكة ويثرب،كان مجتمعاً كمجتمعاتنا اليوم مع الفارق، به الصالح والطالح، الخير والشر، وسنجد أن الصحابة كانوا بشراً مثلى ومثلك،لهم أطماعهم وأحقادهم وغيرتهم، كأي بشر، ولكن فقهاء الإرهاب والمهربون الدينيون ألقوا عليهم هالة القداسة، ونزهوهم عن الشر والضعف البشرى، وجعلوهم في مصاف الملائكة الذين لا يخطئون، ليعودا ليسحبوا هذه القداسة عليهم أنفسهم،ألم يحرم الثعلب التونسي المتأسلم quot;نقد العلماءquot;،أي هو نفسه والقرضاوي الذي كفر اخوتنا الشيعة،لأنهم فوق النقد؟!.
نعرف أن الحجاب عادة من عادات المجتمع العربي الصحراوي ، وأن هذا الحجاب كانت تلبسه الحرائر ليتميزن به عن الإماء، وأنه ليس من قواعد الإسلام في شيء، أي أنه عادة وليس عباده،كما أثبت ذلك بالعقل والنقل الفقيهان الكبيران المستشار العشماوي وجمال البنا، ولكن المتأسلمون جعلوه ركناً سادساً من أركان الإسلام، والدليل على أنه quot;عادةquot; أن الراهبات المسيحيات يضعنه أيضاً، فهل هن مسلمات؟ وذكر شافعي مصر وهرمها الرابع صديقي المستشار محمد سعيد العشماوي في كتابه quot;حقيقة الحجاب وحجية الحديثquot; بحجج عقلية، تقنع الحجر ناهيك عن البشر، بأن كلمة quot;حجابquot; التي وردت في القرآن تعني quot;الساترquot;، وليس المقصود بها زياً معيناً. وأن ما يطلق عليهquot; آيات الحجابquot; التي يتشدق بها المهربون الدينيون ومافيا الدين، هي آيات خاصة بنساء النبي فقط لقوله تعالي quot;يا نساء النبي لستن كأحد من النساءquot;، في حين أنه قال عن رسولنا الكريمquot;لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنةquot;. أما شيخ الإسلام المستنير، الأستاذ جمال البنا ndash; أخو حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين ndash; فقد ذكر في كتابه quot;الحجابquot; أن الإسلام لم يفرض الحجاب على المرأة، بل فرض الفقهاء الحجاب على الإسلامquot;. وفي حواري مع الكاتبة اللامعة الأستاذة فريده النقاش رئيسة تحرير جريدة quot;الأهاليquot; حاملة لواء الدين المستنير قالت:quot;إن المتأسلمين يريدون إخفاء المرأة وراء الحجاب وسجنها في المنزل لأنهم يخافون من طاقتها الجسدية والفكرية الجبارةquot;.
لماذا هذا الهوس بفرض كفن الحجاب على المرأة؟
لقد جعل المتأسلمون من quot;الحجابquot; قضيتهم الأساسية لأنهم مكبوتين جنسياً، ويرغبون بقدر ما يخافون من رؤية جسد المرأة الذي يقض مضجعهم في صحوهم ومنامهم،وأن رؤية شعرها يذكرهم بشعرها في مكان العفة، إنهم يكرهونها حتى الرجم ويحبونها حتى الاغتصاب!! إنهم ضعفاء أمامها وأمام جسدها اللدن أشد الضعف،إن مجرد ظهور جسدها أمامهم يزلزل كيانهم ويشل تفكيرهم فيريدون إخفاء هذا الجسد الذي يثير شهوتهم البهيميه، إنهم يريدون إخفاؤه أولاً وراء حجاب، ثم حبسه ثانياً في المنزل، وزاد أحدهم بأن ألزمها بالحجاب حتى داخل المنزل حتى لا تراها الملائكة سافرة،وجعلوا لها خرجتين: واحدة من بيت أبيها إلى بيت زوجها، والثانية من بيت زوجها إلى القبر، وجعلوها قاصرة أبدية لا تبلغ سن الرشد، فمن المفروض أن لا تحرك المرأة غرائز أي مؤمن قوي الإيمان، ولكن حرصهم كل هذا الحرص على إخفاء جسدها لهو أكبر دليل على عقدتهم الجنسية وكبتهم الجنسي الذي يغلي كالبركان، لهذا كان أعضاء جبهة الترابي الإسلامية يغتصبون النساء والرجال فيquot; بيوت الأشباحquot; وكان ثعلب تونس المتأسلم يمجد أبطال الاغتصاب هؤلاء quot;الذين يحملون رسالة حضارية إلى افريقيا الهمجية quot;!!!
أحمد ياسين شيخ quot;حماسquot; دفعه كبته الجنسي للإفتاء بأن الشهيدة quot;وفاء إدريسquot; التي فجرت نفسها في جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليست شهيدة لأنهاquot; ذهبت لتنفيذ عمليتها دون محرمquot; ليحرسها من الزنا مع رجل !!! حتى وهي في الطريق للقاء ربها! ورددت عليه وقتها بمقالة عنوانها quot;وفاء إدريس شهيدة رغم أنف أحمد ياسينquot;.
علينا أن ننظر للمرأة كإنسانه لا فقط كا امرأة، كعقل قابل للنقاش لا فقط كجسد يصلح للفراش، فبقدر احترام المرأة يكون التحضر، فالمرأة هي ترمومتر التقدم وعنوان النهضة والحضارة، ولله در قول الشاعر:
الأم مدرسة إذا أعددتها / أعددت شعباً طيب الأعراق
وتذكروا قوله تعالي quot;المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعضquot; لتفقأوا بهذا القول الكريم عيون أعداء المرأة.
[email protected]