حسب صحيفة quot;واشنطن بوستquot; فإن الأمريكيين والإيرانيين حينما جلسوا على طاولة واحدة في مؤتمر بغداد يوم السبت تبادلوا العبارات الحادة والاتهامات، رغم ما قاله السفير الأمريكي لدى العراق زلماي خليلزاد انه تحدث مع الإيرانيين بصورة مباشرة وبناءة ولكن في حضور أطراف أخرى، وكذلك ما قاله رئيس الوفد الإيراني إلى المؤتمر: quot;إننا لم نجر أي اتصال مباشر معهم. إذا كان الأمريكيون مهتمين حقا فإن هناك قناة مناسبة لذلكquot;. في إشارة إلى موافقة طهران الجلوس مجددا مع واشنطن لبحث قضايا ثنائية متعددة.
وتبدو العبارات الحادة دليلا على عمق الخلافات بين الطرفين، لكنها قد تخبئ وراءها أفقا جديدا لبدء مرحلة جديدة من العلاقات.
يستدل على ذلك مما جاء في الصحف الإيرانية الصادرة الأحد، حيث كانت صحيفة quot;اعتمادquot; الإصلاحية تعبر عن ابتهاجها لأن quot;ممثلي الوفدين الإيراني والأمريكي تصافحوا على هامش انعقاد المؤتمر على الرغم من انه لم يدر أي حديث بينهماquot;. وقالت الصحيفة أن quot;مؤتمر بغداد شهد حدثا غير مسبوق من خلال حضور ممثلي إيران وأمريكا في قاعة واحدة منذ انقطاع علاقاتهما الدبلوماسية الرسمية عام 1979quot;. وأشارت إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في دفع المفاوضات الإيرانية الأمريكية إلى الأمام quot;من خلف الكواليسquot; واستئناف العلاقات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن.
كما رأت صحيفة quot;كيهانquot; اليمينية المحافظة أن المؤتمر هو quot;بارقة أمل للعراقيين من اجل تعبئة القوى الدولية والإقليمية لدعم العملية السياسية في العراق والخطة الأمنية التي تنفذها الحكومة للقضاء على بؤر الإرهابquot;. وهي إشارة ضمنية إلى موافقة الأطراف المحافظة في إيران، التي تعبّر الصحيفة عن وجهة نظرهم، على جلوس الإيرانيين على طاولة مفاوضات واحدة إلى جانب الأمريكيين، ما كان يعتبر من الخطوط الحمراء السياسية منذ فترة ليست ببعيدة سواء تعلق الأمر بالخلافات على الساحة الداخلية، أو تعلق بخارطة السياسة الخارجية الإيرانية التي كانت ترى في quot;البعبعquot; الأمريكي العدو الأول وquot;الشيطان الأكبرquot; الذي يعرقل تحركها.
وفيما اعتبر المراقبون أن مؤتمر بغداد حقق نجاحا مهما حينما استطاع إزالة الحاجز الأول في طريق الحوار بين واشنطن وطهران، إلا أنه ساهم أيضا في التأكيد على استمرار هذا الحوار من خلال موافقة البلدين على الجلوس مجددا في أنقرة في مؤتمر وزاري يعقد في إبريل. وكما قال رئيس الوفد الكويتي إلى المؤتمر منصور العوضي فإن الدبلوماسية العراقية استطاعت أن تحقق نجاحا في وقت عصيب من تاريخ العراق، مؤكدا أن خروج المؤتمر بقرارات مهمة يعتبر خطوة ايجابية ونجاحا كبيرا.
ورغم ما سبق المؤتمر من تلميحات سياسية إيجابية من جانب طهران للمساهمة في التخفيف من بؤر سياسية متفجرة ومزعجة بالنسبة لواشنطن، كالمساهمة في حلحلة الوضع في لبنان وquot;شبه انقلابquot; زعيم الحرب الأفغاني القريب من إيران قلب الدين حكمتيار على حركة طالبان في أفغانستان، وذلك من أجل التلميح لواشنطن بـquot;النوايا الإيرانية الحسنةquot;، لذا يتوقع أن تهدأ حرب التصريحات الإيرانية الأمريكية خلال الفترة القادمة حتى حلول المؤتمر الوزاري في أنقرة. كما يتوقع أن تكون المصافحات التي جرت بين الوفدين الإيراني والأمريكي في بغداد هي عنوان المرحلة القادمة بانتظار حدوث تطورات أخرى ما قد تحول الأمور بين الطرفين نحو الانفراج أو نحو مزيد من التصعيد.

[email protected]