* أعراض فوبيا المرأة: رعب من تفوقها، وإتهامها بأنها سبب الإغواء ومصدر الشرور وسبب النكبات!.
* سؤال إلى رئيس نادى قضاة مجلس الدولة:لماذا تعتبر حمل المرأة إخلالاً بالهيبة وتعتبر كرش الرجل مزيداً من الهيبة؟!

[ فى كل يوم تكسب المرأة المصرية أرضاً جديدة وتقتحم حصناً كان بالأمس مغلقاً، تسرع الخطى فى أحراش العادات والتقاليد لتنتزع لنا زهرة ياسمين تقدمها للمجتمع عطراً فواحاً، وتتحمل كافة المسئوليات وزيرة ومديرة وفنانة وفلاحة ومدرسة، ولكن وآه من كلمة لكن هذه دائماً تقف فى وجه الفرحة والبهجة، فبعض التيارات فى المجتمع مازالت رافضة لدور المرأة الإجتماعى المشارك، ومازالت هذه القوى العالية الصوت للأسف فى حالة استنفار، تتعامل مع المرأة على أنها عضو غريب لابد من لفظه.
يأتى موقف رئيس نادى قضاة مجلس الدولة وبعض زملائه من المرأة ورفض جلوسها على منصة القضاء، كضربة فرشاة أخيرة فى لوحة القهر الأسود الذى تعانى منه المرأة، وإحساس الدونية الخانق الذى يرغب فى زرعه رجال مصر داخل كل بنت وسيدة، إنها ليست مجرد تصريحات بأن شكل الحامل على المنصة يخل بهيبة القضاء وكأن كرش الرجل يخل بهيبته!، وأن جلوسها فى المداولات يعد خلوة شرعية....الخ، لكنه موقف مبدئى متوجس متربص متشكك، يتعامل مع المرأة كنصف إنسان ناقص الأهلية، أو دمية كعرائس الماريونيت خيوطها الشفافة فى يد السيد الذكر.
إنهم يضعون لها محاذير وموانع وفرامل وخطوط حمراء وشروط قبول للمرأة فى نادى الحياة العامة، ومن شروط قبولهم لها أن يتناول المجتمع الأدوية المثبطة للمناعة حتى يستطيع هؤلاء السيطرة على جسد المجتمع وإعادة صياغته على هواهم، مجتمعاً ينتمى للقرون الوسطى، إنه مرض مزمن إسمه فوبيا المرأة، وسنحاول تلخيص أهم أعراض هذا المرض المزمن فيمايلى:

* من أهم أعراض مرض فوبيا المرأة الفزع الشديد والرعب المقيم من تفوقها أو مجرد مساواتها، فتارة يخرجون علينا بفذلكات علمية من قبيل أن مخ المرأة وزنه أخف من مخ الرجل وتعاريجه أقل....الخ، وكأننا فى محل جزارة كله بالميزان!!، ويعرضون لهذه المقولات وكأنها إنجازات ومنجزات وإنتصارات مفحمة، ويرفعون شعارات عجيبة مثل العبقرية رجل ورجل فقط، ويبررون مثلاً تفوق بنات الثانوية العامة أنهن فاضيات ومالهمش شغلانة إلا المذاكرة وكأن التفوق عورة لابد من إخفائها، ومعجزة لابد من إيجاد تبريرات لها، ثم يأتى دور البهارات التى لابد أن ترش على طبخة الدونية التى يصمونها ويصفونها بها فيصرخون عاطفة المرأة تغلبها فلاتستطيع أن تحكم جيداً على الأمور، وتصبح العاطفة وصمة عار ووشماً شيطانياً يلاحقها ويحد من دورها الإجتماعى ومشاركتها الفعالة، ولذلك تصبح الدرة المصونة والجوهرة المكنونة هو قمة الجبل الجليدى الظاهر للعيان ولكن ماخفى تحت السطح هو أنها بمخ أقل وعاطفة أكثر جموحاً والطبيعى أن يكون مكانها البيت.

* فوبيا المرأة يبدأ بأن نجعل المرأة شماعة لسلبيتنا وإهمالنا وضعفنا، وهى تجعل الإتهامات تلقى عليها جزافاً من الجميع، فهى سبب البطالة لأنها تسرق منصب الرجل ووظيفته ومكانه الطبيعى، وهى أيضاً من وجهة نظرهم سبب إنتشار المخدرات لأن خروجها إلى العمل كان سبباً فى إنحراف الأبناء وضياعهم، وكأن التربية ليست مهمة مشتركة وكأن المجتمع بكافة مؤسساته ليس له دور مساهم وفعال فى التربية السليمة والتنشئة الصحيحة، ويطلب المجتمع منها أن تكون ماكينة بشرية وبلدوزر إنسانى لايكل ولايمل من البيت إلى العمل....الخ تحت أمر شهريار الذى لايشارك، وبأمر المجتمع الذى لايوفر لها الراحة.

* فوبيا المرأة تجعلنا نشير بأصابع الإتهام إليها بأنها مصدر الإغواء وكيف لا وهى التى أخرجت آدم من الجنة وجعلته يأكل التفاحة المحرمة، وتنشر هذه المقولة برغم أن القرآن الكريم لم يذكرها صراحة، ونجعل من المرأة كبش فداء كبتنا المزمن، فهى الشيطان إن أقبلت أو أدبرت، وهى الفتنة، وهى الدنس والرجس، هل معقول أن تنشر هذه المفاهيم عن المرأة وهى الأخت والأم والشريكة والقرينة ؟.

* فوبيا المرأة تجعلنا ندمن إغراقها فى الخرافة لتظل مغيبة العقل تكتب لنا شيكاً على بياض بالسمع والطاعة والخنوع.

*والسؤال هل من علاج لهذه الفوبيا ؟، هل نستطيع تنقية تراثنا وتفكيرنا وعاداتنا وتقاليدنا من خرافة أن المرأة شيطان ؟، فوبيا المرأة لها علاج ولكن لنبدأ بأن نحب المرأة بجد، وندافع عنها بجد، نفعل ولانفتعل، نعمل معها ولانستعملها، نخلص لها ولانخلص عليها.

* يوميات حقيبة مدرسية!!
* تلميذ الإبتدائى المريض بالإسقربوط وفقر الدم مطالب بمعرفة معنى كلمة لحمة بالإنجليزية برغم أنه لايفقه معناها بالعربية!.
[ الإسم: شنطة مدرسة وبالعربى الفصيح حقيبة.
السن: عام دراسى وغالباً لاأستطيع إستكماله.
الجنسية: صينى مثل 99% ممانستخدمه.
الوزن: أثقل من صاحبى الذى يحملنى على ظهره.
برغم أننى مصنوعة من الجلد التايوانى إلا أننى ضبطت نفسى متلبسة بالحزن والشجن والهم والغم والنكد، أنا أعرف ومتأكدة من أن كل الأحاسيس التى ذكرتها هى أحاسيس ومشاعر ينفرد بها بنو الإنسان وتحتكرها طائفة البشر، ولكن صدقوا أو لاتصدقوا هذه المشاعر تملكتنى وسيطرت على كيانى الجمادى بل ورعشتنى، فصاحبى وصديقى الذى يحملنى على ظهره تلميذ فى المرحلة الإبتدائية ضعيف البنية يعانى من الأنيميا ويسكن الصين الشعبية التى هى غير الصين موطنى الأصلى فأنا أقصد دار السلام والتى هى أيضاً غير العاصمة الأفريقية!، إنها دار السلام التى يسكنها البشر بطريقة رأسية فوق بعضهم البعض، وهى طريقة مبتكرة إضطرهم إليها الزحام، وبدار السلام مدارس فترتين وأحياناً ثلاث فترات، ويتكدس فى الفصل الواحد مايزيد على الستين طالب يجلس بعضهم على الأرض والبعض الآخر يجلس على حجر الباقى، والدكك التى يطلق عليها التلامذة الأرستقراط ديسكات هى ليست للجلوس ولاحتى للوقوف ولكنها تستخدم أحياناً للضرب، فالمدرس ينزع منها رجلها المكسورة لكى يلهب ظهر صاحبى الملتهب أصلاً، وعن ظهر صاحبى سأحكى لكم ملحمة حمل الحقيبة.
[ يبدأ صاحبى يومه فجراً لأن جرس الحصة الأولى فى مدرسته يدق مع آذان الديوك وكأنه صدى له، فالفترة الأولى لابد أن تبدأ مبكراً حتى يستقبل الرحم المدرسى الاف الأجنة من تلامذة الإبتدائى الذين يقتحمون الفصول ومازالت رائحة زحام الفترة الأولى لم تخرج من النوافذ بعد، يتسربع صاحبى يرتدى ملابسه كالمنوم مغناطيسياً يرتدى الفانلة بالمقلوب والشراب فردة وفردة والحذاء بالطبع كالح فهو لايملك ترف التلميع الورنيشى ولا وقت الدلع التزويقى، أنا وحذاؤه من نفس الفصيلة الصينية الرديئة ولكنى أختلف فى أننى عبء وحذاؤه راحة لأنه مفتوح من الجوانب وممزق من أماكن الكالو، المهم أنه يحملنى بصعوبة وغالباًً ما تساعده والدته فى حل المعضلة الحقائبية، المدهش أن وزنى لايقل أبداً بل يزيد، ونفس العدد من الكراسات والكتب هو هو مستقر فى قاعى وأجنابى وزواياى وكأننى مكتب متحرك، عدد رهيب من الكتب والكراسات والأوراق من الممكن أن تدهس كلباً ضالاً إذا إستخدمت كقذيفة!، يتلوى صاحبى ويتمايل لكى يضبطنى على ظهره، ينكفئ على وجهه وأحياناً أضغط عليه إلى الخلف فيتشقلب كالبهلوان على ظهره وكأنه فى السيرك يؤدى حركة جمباز، وظهر صاحبى ليس له ملامح فهو مقوس محدب، وعموده الفقرى ملئ بالحفر والمطبات والإنبعاجات، أحياناً ألمحه يبكى من ثقل المهمة، وأحياناً أخرى ألمحه يركلنى فى حركة عصبية وكأنه شلوت فى وجه نظام التعليم المصرى كله، تصيب الركلة كرشى المنتفخ بالكتب فتحدث خدشاً أو مزقاً أو فتقاً هو رمز وعلامة على كم الكراهية التى يكنها صاحبى لى منذ بداية العام الدراسى.

[ اليوم تسللت إلى داخلى فى نظرة على محتوياتى فإندهشت وإلتمست لصاحبى العذر فى كراهيته التى تترجم إلى شلاليت متوالية، صديقى الصغير يحمل على كاهله محافظات مصر ووصف مفاتنها وعدد سكانها ومجالسها المحلية، صديقى الصغير الذى يغافله بوله أحياناً فيبتل، يدرس جغرافيا قارة أفريقيا ويحفظ نثر المنفلوطى ويرسم ميدالية عيد العمال ويحسب حاصل ضرب قطع الجاتوه فى عدد المدعوين إلى حفل عيد ميلاد شيرويت!، صاحبى المريض بالإسقربوط وفقر الدم مطالب بمعرفة معنى كلمة لحمة بالإنجليزية برغم أنه لايفقه معناها بالعربية!، صاحبى الشبيه بأحدب نوتردام سيمتحن غداً فى جزء من خطاب الرئيس وفقرة من الدستور ومقطعاً من نشيد إخترناك إخترناك، صاحبى قفز من مترو الأنفاق وتركنى أمس على أحد كراسى العربة رقم 4 من يجده يتصل بى فقد وحشنى وأعده بأننى سأحتضنه فارغة من هذه الأسفار مليئة بالحب له ولأقرانه، فقد راقبت كل من حولى فى العربة وإكتشفت أن ثلاثة أرباعهم يعانون من البطالة ويحكون ذكرياتهم مع حقائبهم المثقلة المثخنة، والربع الآخر يعالج من الآم الظهر.
[email protected]