نقرأ الكثير عن أوضاع لبنان،ونتابع أخباره،ونستمع الى خطب سياسييه،ونتابع الحروب بين قنواته التي أصبحت كل واحدة منها بوقا للتسويق لأصحابها وأفكارهم،وننتظر المؤتمرات،ونضع آمالا على الوعود،ونسرح مع أحلامنا في ان تصبح (سويسرا الشرق ) مثل (سويسرا الغرب ) أرضا للحرية والحياد والصمت والابتعاد عن السياسة وأن ترعى أشجارها ومياهها وهوائها النقي بدل من أن تحمّل نفسها ما يتجاوز طاقتها من قضايا الأمة ومبادئها التي ليس لها مبادئ،وأن تكف عن تحمل مشاكل الآخرين وتنفيذ أجنداتهم، وأن يعود لبنان واحة للضوء والخضرة والحرية التي يغرد منها المبدعون.
فما يريده اللبناني اليوم سواء كان اسمه جورج أو حسين أو أحمد بعيدا عن كل الميكروفونات التي تصهل من كل مكان يمكن أن نلخصه بكلمتين : لقمة وحرية أما ما نستطيع أن نفعله للبنان اليوم كأفراد ؟
أفضل وسيلة نستطيع أن ندعم بها لبنان اليوم هو زيارته وعدم الانقطاع عنه،فزيارتي وزيارتك هي التي ستشغل السائق والفندق والمطعم والجرسون حتى يستعيد لبنان قوته وعافيته..

ماميتا
أسميها (يمّة )،لكنني وتأثرا بالأفلام المكسيكية التي كنت أتابعها مراهقة أصبحت أتحلى عليها وأناديها (ماميتا )..أمي لم تجعلني أحتاج لقراءة الكتب النسوية وتحرير المرأة لأنها ببساطة نموذجا متحركا حيا له،لم أسمعها يوما تعطيني محاضرة عن حقوق المرأة أو تتذمر من وضع المرأة في السعودية كما يفعل غيرها، لكنني شاهدتها تأخذ حقوقها واحدا بعد الآخر حقها في الدراسة،حقها في التعلم،حقها في العمل،وحقها في الحياة،من أمي تعلمت -دون أن تقول لي ذلك لكنها تجسده -أن الثقافة ليست نقيضا لخفة الظل وليست ذريعة للتجهم،وأن المرأة العاملة المتحررة ليس نقيضا لست البيت التي تدخل المطبخ وتعد لأسرتها أشهى الأطباق،وأن التدين ليس نقيضا للتحرر،وأن حب الكتب لا يعني كره الملابس الجميلة، تترك لنا مساحة من الحرية ولم تطالبنا نحن أولادها بشيء لأن لها اهتماماتها وحياتها التي تعيشها بكافة أبعادها،من صداقاتها المتنوعة والمتوزعة على شتى الجنسيات والأعراق تعلمنا قبول الآخر والتعلم منه،ومن معاملتها لأهل بيتنا تعلمنا الرحمة والتواضع، ومن علاقاتها المتميزة تعلمنا الترفع والتسامح،وعندما أقول لها :quot;هؤلاء لا يقدّرون أو ما يستأهلون quot;كانت تقول لي كلمتها التي ترددها دائما وبلهجتها المحببة :quot;سوي خير ويرجع من غير مكان quot;أي افعلي الخير والعطاء سيرجع لك حتما حتى لو كان من مكان آخر،ورغم كل ما حققته ظلت في البيت هي (الست )وأبي الرجل، ولا أزال حتى اليوم أتعلم من طموحها وشعلتها التي لا تنطفئ كشابة في العشرين

[email protected].