نستكمل الحلقة الثالثة والأخيرة من مقال أخطاء إدارة الرئيس بوش فى العراق والشرق الأوسط، للإطلاع على الحلقة الأولى يمكن الضغط على الرابط:
http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphWriter/2007/3/218601.htm

وللإطلاع على الحلقة الثانية يمكن الضغط على الرابط :
http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphWriter/2007/3/219406.htm

وأنا لن أكتف بنقد إدارة الرئيس بوش، بل بتقديم النصيحه له ولإدارته، بصفتى مواطن قام بإنتخاب الرئيس بوش فى الإنتخابات الماضية لإتمام ما بدأه فى العراق والشرق الأوسط :

أولا : بالنسبة للعراق: يجب الدعوة لإجتماع عراقى عراقى برعاية أمريكية دولية ودعوة كل الأطراف المتصارعة بما فيهم البعثيين وجيش المهدى وكل الميليشيات الموجودة علىالساحة لمحاولة التوصل إلى حقن الدماء والتوصل لمواجهة التحديات الحقيقية لكل العراقيين من تنمية وإعادة بناء ليست فقط إعادة بناء المبانى ولكن إعادة بناء الثقة بين الأهل وأبناء الوطن الواحد وليكن للعراقيين من تجربة نيلسون مانديلا للمصالحة الوطنية فى جنوب أفريقيا مثلا يحتذى، ويجب نزع سلاح وتفكيك الميليشيات أيا كانت، لأن أى وجود لأى ميليشيا هو فيه إستمرار للحرب الأهلية الدائرة حاليا، وإن لم يستطع العراقيون الإتفاق فيما بينهم وتقديم تنازلات و تضحيات سلمية لبعضهم البعض فربما تضحيات الحرب الأهلية سوف تعلمهم ، ولكن الغلابة سوف يكونوا الضحايا، لذلك فإن على الساسة العراقيين الإرتفاع عن إنتماءاتهم الطائفية الضيقة للحفاظ على وحدة العراق لأن البدائل كارثية، إما الحرب الأهلية أو التقسيم. ومن الممكن أن يقتصر الدور الأمريكى على إعادة البناء وعلى تدريب الجيش العراقى وقوات الأمن العراقية لتولى المسئولية الكاملة بعد إنسحاب القوات الأمريكية. وفى الوقت نفسه يجب أن تتفق الحكومة العراقية مع الحكومة الأمريكية على أن تنسحب أمريكا من العراق فى خلال فترة زمنية محددة تنتقل خلاالها مسئولية تأمين البلاد بالتدريج إلى القوات العراقية.

ثانيا: بالنسبة لفلسطين : يجب على الإدارة أمريكا الضغط على كل من إسرائيل والحكومة الفلسطينية الجديدة على الإعتراف المتبادل، وعلى عمل جدول زمنى لإنشاء دولة فلسطين بأسرع ما يمكن والتخلص من هذه القضية المزمنة التى صدعت المنطقة والعالم لأكثر من نصف قرن من الزمان، وإن لم يتفق الفلسطينييون والإسرائيليون على حل مشاكلهم مرة واحدة وللأبد فيجب تركهم وحال سبيلهم إن أرادوا العيش سويا كان بها وإن إختاروا إستمرار القتال والإنتحار كان بها، المشكلة الآن خيار فلسطينى إسرائيلى وليتوقف كافة العرب عن المتاجرة بتلك القضية، وأن تتوقف أمريكا أيضا عن تبنى وجه النظر الإسرائيلية بصفة شبه مستمرة، إسرائيل بيجن لم تكن لتقم بالجلاء التام عن سيناء وهدم مستوطناتها لولا الضغوط الأمريكية عليها فى ذلك الوقت وجدية السادات فى السلام فى نفس الوقت، السلام يتطلب التضحيات من كل الأطراف، ولكنها تضحيات أهون كثيرا من تضحيات الحروب.

ثالثا: لبنان: إن أرادت أمريكا أن تساعد فى إعادة لبنان إلى مكانته بإعتباره واحة الحرية والثقافة والتحضر فى الشرق الأوسط فلتشجع كل الأطراف على أن تلتقى لحل مشاكلها، وإن كان لإيران أو سوريا تأثير فى لبنان، يجب دعوتهم للإشتراك فى حوار وطنى حقيقى ويجب على كل الأطراف اللبنانية أن يثبتوا لأنفسهم أولا وللعالم ثانيا أنهم حقا لبنانيون أولا وأخيرا.

رابعا: يجب على الإدارة الأمريكية أن تكف عن لعب دور بوليس العالم ومحاولة التدخل فى شئون كل دول العالم من كوريا الشمالية إلى إيران إلى فنزويلا إلى العراق، يجب أن تكف عن محاولة وراثة دور القوى الإستعمارية فى القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، أمريكا ويلسون وأيزينهاور قدموا أنفسهم للعالم على أنهم محررو العالم من قوى الإستعمار، ولكن أمريكا بوش قدمت نفسها على أنها سوف تحل محل تلك القوى الإستعمارية بشكل جديد، وعلى الإدارة الأمريكية أن تأخذ الدروس والعبر من اليابان والصين وغيرها من دول أوروبا وآسيا، لقد نجحت تلك الدول فى غزو العالم (بما فيها أمريكا) بمنتجاتها بدون أى تدخل سياسى أو عسكرى، وهذا هو النجاح الحقيقى. ونجحت أمريكا أيضا فى لعب دور هام فى حياة كل فرد فى العالم عندما جعلت الإنترنت متاحة لكل إنسان فى العالم بعد ن كانت قاصرة فى إستخداماتها على المخابرات الأمريكية. لذلك يجب الإستمرار فى هذا الإتجاه الإيجابى والسلمى.

العالم ممكن أن يتحد لمواجهة المشاكل الحقيقية التى تواجه الإنسان على هذا الكوكب، من ظاهرة تغيير المناخ إلى ظاهرة تلوث البيئة، ظاهرة الفقر و إنتشار البطالة، إتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء سواء على مستوى الأفراد أو الدول، ظاهرة الإنفجار السكانى فى البلاد الفقيرة، مواجه الأمراض والأوبئة، وغيرها من التحديات الإنسانية الحقيقية.

عزيزى الرئيس جورج بوش هل تتخيل لو أن أمريكا أنفقت المبلغ الخرافى الذى أنفقته فى العراق (أكثر من 300 بليون دولار) على تنمية الشرق الأوسط كمشروع مارشال كبير مثل الذى حدث فى أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، العرب والمسلمون فى حاجة إلى مدارس وجامعات حقيقية فى حاجة إلى مستشفيات ومصانع ومراكز أبحاث وإستثمارات لإستغلال الثروات البشرية والطبيعية الموجودة لديهم ، وهم ليسوا فى حاجة إلى دبابات وطائرات إف -1، لأنه إذا ظل معظم العرب والمسلمون مهمشون عن التطور السريع الحادث فى العالم فسوف يستمرون فى تخريج أعداد مهولة من الإرهابيين مما سوف يزيدهم كراهية وتهميشا للعالم.
العرب والمسلمون فى حاجة إلى أمريكان من نوعية بيل جيتس (ميكروسوفت)، ستيف جيبس (آبل كومبيوتر)، مايكل ديل (ديل كومبيوتر) وأوبرا وينفرى، أمريكا الجامعات ومراكز الأبحاث والمراكز الطبية هى ما يحتاجه العالم، أمريكا الفن والسينما والموسيقى هى ما يفضل العالم أن يرى ويسمع ويشاهد، أمريكا العدالة والمساواة هى ما يتنظره العالم، أمريكا الإنترنت و جوجل وياهو وأمازون هى أمل المستقبل. يجب أن نسعى لسلام حقيقى فى العالم، سلام لا يفرق بين دين وعقيدة وجنس ولون وفقير وغنى، سلام له درع وقائى ألا وهو إحترام الإنسان وأن نوجه ضرباتنا للمجرمين والإرهابيين فقط.
أوجه هذا النداء للرئيس بوش وللعقلاء فى الإدارة الأمريكية إقتناعا منى بأن بإمكان أمريكا أن تقود العالم حقيقة ليس من منطلق قوة السلاح ولكن من منطلق قوة المعرفة والمنطق، مثلما قامت أمريكا بغزو العالم عن طريق الإنترنت بإمكانها نشر القيم الإنسانية بالحكمة والموعظة الحسنة والمثل الذى يحتذى وليس بالعافية!!

[email protected]