لا يمكن، من خلال قراءة أسماء الوزراء في حكومة الشيخ ناصر المحمد الجديدة، إلا إطلاق الوصف التالي عليها: أنها حكومة quot;أطول مدةquot; لا حكومة quot;إصلاحquot; كما كانت دلائل تأخر إعلانها تشير إلى ذلك، حيث إن تأخير تشكيلها اعتبر لدى المراقبين مؤشرا على وجود تمهلّ طويل وتردد مملّ للوصول إلى حكومة إصلاحية في ظل الوصف الذي يطلقه الساسة في الكويت على رئيس الوزراء.

فأسماء الوزراء تدلل على أن غالبيتهم معروفون لدى الشارع السياسي، كما لا يمكن التعويل كثيرا على القليل منهم بأنهم إصلاحيون. أضف إلى ذلك أن ثلثي الوزراء في الحكومة السابقة قد عادوا إلى مناصبهم الجديدة مع قليل من التدوير.
وهناك وزيران فقط يشكلان على المدى القريب عامل تأزيم مع مجلس الأمة هما وزير المالية بدر الحميضي، الذي لديه quot;مشاكلquot; مع كتلة العمل الشعبي البرلمانية، وهي من أقوى الكتل في المجلس، ووزيرة التربية الجديدة نورية الصبيح التي من المتوقع أن تكون محل جدل مع الكتلة الإسلامية والكتلة القبلية في المجلس، على الرغم من أن التعليم في الكويت لايزال يخضع وبالذات في مناهجه لفكر التيار الأصولي، لكن في الجانب القبلي فإن التصادم مع الصبيح متوقع بشكل كبير، لأن الوزيرة الجديدة معروفة برفضها مطالب quot;الواسطةquot; في تمرير التعيينات والمعاملات للأطراف القبلية.
كما أن وجود عبدالله المحيلبي (المنتمي لقبيلة العوازم، وهي أكبر القبائل في الكويت) على رأس وزارة الإعلام بمشاكلها العديدة والعميقة، قد يبعدها عن أي أزمات في المستقبل القريب.

لذلك هدف رئيس الوزراء الكويتي قدر الإمكان إلى إبعاد عناصر التأزيم عن حكومته، لكنه في المقابل لم يفعّلها بالعناصر الإصلاحية كما كان يتوقع، على الرغم من أن مفهوم الإصلاح يرتبط بالبرامج الجادة للحكومة وسياساتها الواقعية ورؤيتها التنموية وآليات تفعيل ذلك أكثر من ارتباطه بأسماء الوزراء.
ومثلما توقع المراقبون في الكويت، فبعد استقالة حكومة الشيخ ناصر المحمد الشهر الماضي على خلفية استجواب وزير الصحة السابق الشيخ أحمد العبدالله وما حصل من تطور تعلّق بإمكانية طرح الثقة بالوزير الأمر الذي أدى إلى استقالة الحكومة للهروب من موضوع طرح الثقة، فإن الأنباء التي تم رصدها بعد ذلك أشارت إلى أن الحكومة الجديدة سوف تكون آخر فرصة لمجلس الأمة للتعاون معها، وأن أي استجواب أو طرح ثقة جديد للوزراء وبالذات لوزراء الأسرة الحاكمة سوف يؤدي إلى حل المجلس، حيث تحدث المراقبون عن إمكانية حصول حل غير دستوري من أجل معالجة موضوع quot;عدم التعاونquot; والوصول إلى صيغة quot;مجلسينquot; أحدهما منتخب والآخر معين.

لذلك هناك من يشكك في أن ما سوف تسير الحكومة الكويتية الجديدة نحوه بالدرجة الأولى هو الإصلاح والتنمية لا الابتعاد عن أي تأزيم جديد. وقد جاء على لسان رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد أنه يأمل في أن تكمل التشكيلة الحكومية التي خرجت إلى النور بعد فترة زمنية من المشاورات مسيرة التنمية، مشيدا بالوزراء الذين قرروا تحمل الأمانة، لكنه أعرب عن أمله في أن تشهد المرحلة المقبلة تعاونا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لإكمال مسيرة الإصلاح بكل جوانبه.

[email protected]