أحدث موضة فى بيزنس الطب النبوى.. قطرة قرآنية من العرق!
* د.عبد الباسط سيد يعلن فى قناة الجزيرة عن قطرة قرآنية لشفاء الكتاركت إستوحاها من قميص النبى يوسف !.
* رئيس المجمع العلمى لبحوث القرآن يكذب إكتشاف عبد الباسط، وأطباء العيون يقولون أنها جريمة نصب، وأستاذ علم الأدوية يتساءل كيف للعرق وهو نفايات أن يعالج العين؟!.
* د.عبد الباسط يشفى السرطان بالشمر والشبت ورجل الأسد !.
*تستضيفه قناة الصحة والسكان ويرعاه جامع مصطفى محمود ويتناول وصفاته الوهمية ملايين الغلابة.
[ أرجوكم إرحموا الإسلام من ممارسات المسلمين، أرجوكم إنقذوا الدين من تجار الدين، أرجوكم إرفعوا أيديكم عن النبى ولاتنسبوا إليه زوراً وبهتاناً خرافات تحت إسم الطب النبوى، والنبى والدين والإنسانية من كل ماتفعلون براء، للأسف أكبر أعداء الدين هم من أبنائه الذين يلطخون صورته ويشوهون عقلانيته، ويمارسون البيزنس والنصب والدجل وأحط السلوكيات السمسارية متلفعين بأسمى الشعارات الدينية.
[ أحدث صفقات بيزنس الطب النبوى التى تنتمى إلى الكوميديا السوداء، شئ عجيب غريب إسمه القطرة القرآنية ينتمى إلى سيرك العبث الطبى الذى نعيشه، يمرح فيه بهلوانات الأعشاب والعطارة، وحواة الحجامة وبول الإبل، ونصابو الموالد وبتوع التلات ورقات والجلا جلا الذين ينتمون إلى أكبر حزب أغلبية فى الشارع المصرى حزب الخرافة وراسبوتينات وسماسرة التجارة بالدين.
[صاحب إختراع القطرة القرآنية هو د.عبد الباسط سيد الكيميائى بالمركز القومى للبحوث، تحدث عنه فى برنامج أحمد منصور على شاشة قناة الجزيرة، وجد فيمايسمى بالطب النبوى باباً للثراء السريع والمكسب السرطانى، فقرر أن يدخل من هذا الباب الواسع منتهزاً فرصة التغييب العقلى الرهيب الذى يعيشه هذا الوطن المنكوب، فتاجر فى الأعشاب التى تشفى كل الأمراض حتى السرطان، وبالطبع تريدون معرفة الخلطة السحرية لعلاج السرطان والتى أرجو أن يقرأها وزير الصحة ووزير التعليم العالى ويقررا غلق جميع مراكز الأورام وإستبدالها بخلطة عبد الباسط السحرية، وهى خلطة مختلفة تماماً عن خلطة كنتاكى السرية وخلطة أبلة نظيرة الذرية!، وتتكون خلطة د.عبد الباسط -التى أقدم أسفى على أننى أقدمها بدون حقوق الملكية الفكرية -من جرام بذور شبت + 100 جرام شمر + 100 جرام أملج (سنانير) + 50 جرام رجل أسد، وتخلط جميعها بعد الطحن، وتؤخذ منها ملء ملعقة صغيرة (أي حوالي 3 جرامات) قبل الغذاء والعشاء بربع ساعة مع عسل النحل، وبلاهة طب وفسيولوجى وفارماكولوجى، ويحيا عبد الباسط والشبت والشمر ورجل الأسد !
[ إستنبط المكتشف العظيم د.عبد الباسط القطرة القرآنية من سورة يوسف آية (93) quot;اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ quot;، كما فسر بياض عين سيدنا يعقوب عليه السلام في قوله تعالى في سورة يوسف :quot;وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌquot; بالمياه البيضاء أو الكتاركت، وبناء على ذلك قدم كما يقول براءة إختراع لأوروبا وأمريكا اللتين وافقتا على القطرة القرآنية، وبالطبع تخاطفتها شركات الأدوية، لدرجة أنها غير موجودة إلا فى أوهام عبد الباسط، ومن يجدها فى أى صيدلية فى العالم سواء فى موزمبيق أو الإسكيمو، يتصل بى وسأمنحه ألف جنيه مكافأة، وبالطبع أنا واثق من أننى سأكسب الرهان.
[ طرحت سؤالى عن هذه القطرة القرآنية المزعومة على د. أحمد شوقى إبراهيم رئيس المجمع العلمى لبحوث القرآن والسنة وزميل كلية الأطباء الملكية بلندن، لأعرف منه الرأى الدينى فى هذه المسألة الشائكة التى يتاجر فيها البعض بإسم الإعجاز العلمى تارة، والطب النبوى تارة أخرى، فبدأ بذكر تفاسير الآية فى كتب التفاسير المختلفة قائلاً :
* قال الإمام الفخر الرازى فى تفسيره للآية الكريمة quot;إن الله تعالى أوصل تلك الرائحة إلى النبى يعقوب على سبيل إظهار المعجزة، لأن وصول رائحة قميص يوسف وهو على بعد مسافة مئات الأميال أمر مناقض للعادة، فيكون معجزة من الله تعالى بغير حاجة للأسباب، وهى معجزة أجراها الله تعالى للنبى يعقوب.
* قال الإمام إبن كثير : لما خرجت العيد من مصر هاجت الريح فحملت رائحة قميص يوسف من مسيرة ثمانية أيام من أرض كنعان، وهذا من قبيل المعجزات.
* قال الزمخشرى : إن القميص كان من الجنة وأمر جبريل النبى يوسف أن يرسله إلى أبيه، وفيه ريح من الجنة لايقع على مبتلى ولاسقيم إلا عوفى، فالقميص كان أداة للمعجزة التى ردت بصر النبى يعقوب إليه.
* قال السيد قطب فى الظلال : إن النبى يعقوب شم رائحة القميص من هذا المدى البعيد، ونحن لاننكر أمر معجزة من المعجزات، أو خارقة من الخوارق، يمكن أن تقع للنبى يعقوب.
**[ من كل هذه الأقوال يتضح لنا أن قميص سيدنا يوسف كان أداة لمعجزة أرادها الله تعالى للنبى يعقوب، مثلها مثل عصا موسى إذ شق البحر بها، ومعجزة النبى إبراهيم إذ ألقاه الكفار فى النار فلم تحرقه بإذن الله، ومعجزة الإسراء والمعراج، ومعجزة السيد المسيح يبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله...الخ، والمعجزة أمر لايقدر عليه إلا الله تعالى، ولايقدر عليه الناس.
ولأن المعجزة أمر خارق للعادة مقرون بالتحدى، سالم من المعارضة، يعجز الخلق عن الإتيان به، والمعجزة خالية من كل الأسباب البشرية التى تؤدى إلى إحداثها، وبذلك تكون المعجزة خالصة لوجه الله تعالى وحده، وبذلك يتضح أن فكرة عمل قطرة للعين من العرق فكرة مخطئة، ولاأساس لها من علم صحيح، وذلك لأسباب بديهية :
أولاً :محال أن يكون عرق يوسف هو السبب فيما حدث، لأن العرق فى القميص لايكون له أثر بعد عشرة أيام، وهو الوقت الذى إستغرقته القافلة فى الوصول إلى أرض كنعان حيث كان يعيش النبى يعقوب.
ثانياً : ليس فى العرق مادة تعيد البصر إذا فقد.
ثالثاً : القميص ألقى على وجه النبى يعقوب، ولم يلق على عينيه، وحتى لو لامس جفون العين، فإنه لايتصل بمقلة العين نفسها.
ويختتم د.أحمد شوقى إبراهيم رده قائلاً : فى زمننا هذا تجرأ كثير من المدعين بغير علم على القرآن الكريم والسنة المشرفة، وأسندوا إليهما ماليس فيهما، وأولوا الآيات الكريمة على غير معناها الصحيح، وفسروا الأحاديث الشريفة بما ليس فيها، وتقولوا على الرسول ndash;صلعم- والله تعالى ورسوله براء منهم، وأكد د.شوقى أنه لايجب إستعمال أى علاج إلا إذا كان مصرحاً بإستعماله من وزارة الصحة، كما لايصح أن يقوم بعلاج أى مرض من الأمراض إلا الأطباء الذين تخرجوا من كليات الطب المعترف بها والمصرح لهم بممارسة الطب والعلاج.
[ أما عن رأى أساتذة الرمد الكبار فى مصر فقد جمعها د.محمد السقا عيد عضو الجمعية الرمدية المصرية أثناء إحدى ندوات ضوابط الإعجاز، قال د.سيد سيف أستاذ الرمد بالقصر العينى لاتوجد قطرة تعالج الكتاركت أو المياه البيضاء أو عتامة العدسة، ويقول أيضاً quot; فوجئت بهذا الكلام عن قطرة من العرق بل ومستوحاة من القرآن الكريم، فهذا كلام غير علمي بالمرة وحتى إثارته لا تكون على صفحات الجرائد العادية لكن له المسارات العلمية المعروفة، لأن عيون الناس أمانة ويجب أن لا نخون الأمانة، أما عن مسألة العرق وما به من مادة البولينا ndash; والكلام مازال على لسان د. سيد سيف - فكنت قد قرأت للدكتور (يورك إلدر) وهو صاحب أكبر موسوعة علمية عن الرمد على مستوى العالم عن إمكانية إذابة عدسة العين في البولينا وبدأ التفكير في عمل أبحاث حول تذويب العدسة كيميائياً، وقام بها الدكتور مصطفى نصار وثبت أنها تسبب التهابات شديدة في القرنية والقزحية (نني العين) فتوقفنا عن هذه الأبحاث خاصة وأن (الليزر) سوف يحل هذه المسائل.
[وعن إمكانية استخدام العرق لعلاج المياه البيضاء بديلاً عن العمليات الجراحية، يسأل الأستاذ الدكتور طه الشيوى أستاذ الرمد بطب قصر العيني ثلاثة أسئلة منطقية مفحمة للدكتور عبد الباسط هى:
1- هذه المواد التي يخرجها الجسم أدخلها في صورة عرق أو غيره هي مواد سامة يتخلص منها الجسم... فكيف أدخلها له مرة أخرى ؟
2- كيف تدخل القطرة العدسة الداخلية للعين وبالتركيز المطلوب ؟
3- حتى إذا فرض أننا أذبنا الجزء المعتم من العدسة هل لن تتأثر الشبكية ؟؟ وأين ستذهب الأجزاء المذابة ؟ كما أن الخلايا المتبقية ستكبر مرة أخرى.
[ إنتهت الأسئلة المفحمة التى أعرف أن عبد الباسط لن يستطيع الرد عليها، ولكن الأدلة على كذب هذا الإدعاء الطبى لم تنته، فالدكتور معتز المرزوقي مستشار الرمد وعضو المجلس الأعلى بالشئون الإسلامية يواصل تحليل الموضوع من الناحية المنطقية و الطبية ويقول:من الناحية المنطقية:ليس من المعقول أن يظل عرق سيدنا يوسف موجوداً بالقميص طوال هذه الرحلة من مصر إلى الشام، وحتى لو فرض أن القميص مملوء بالعرق فهل دخل العرق كله في عين سيدنا يعقوب ؟ ثم يقول :ليس هناك أي قطرة تضيع أي مرض في لحظة إطلاقاً، فالمريض يعالج أسبوعاً أو عشرة أيام أو ثلاثة أيام على الأقل حتى تؤدى إلى أي تأثير علمي أو تأثير كيماوي أو حيوي، كما أن أكثر البلاد إصابة بالمياه البيضاء هي البلاد الحارة والمفروض أن العرق في أعينهم طوال النهار، ويكاد يُجمع الأطباء على أنها معجزة بكل المقاييس... وكما نعلم أن المعجزة الإلهية فوق العلوم وفوق كل المقاييس لأنها متعلقة بالله تعالي وبـ quot;كن فيكونquot;، ويتفق د.المرزوقى فى هذا الكلام مع د.أحمد شوقى.
[ ومن الممكن تفسير إبصار النبى يعقوب كما قال بعض الأطباء أنه عندما حزن على سيدنا يوسف فقد الإبصار لأسباب نفسية وليست عضوية، ويتماشى هذا مع تعبير quot;إبيضت عيناهquot; لأنه من الممكن أن يعنى أنه أصبح يري بياضاً فقط وليس أن عينيه أصبح لونها أبيض، وهذا يحدث في الصدمات النفسية أيضاً، وهذا مايؤكده د. ممتاز حجازي أستاذ طب وجراحة العيون بقصر العيني، بقوله quot;إن القول بأن عرق سيدنا يوسف الذي كان بقميصه هو الذي شفى عيني أبيه يعقوب عليه السلام عندما ألقاه على وجهه قول فيه سذاجة شديدة ويتعارض مع العقل والمنطق، لأنه ليس بالضرورة في قوله تعالى quot;وابيضت عيناهquot; أن تكون قد أصيبت بالمياه البيضاء فقد يكون تعبيراً مجازياً يفيد الكف عن الإبصار، كما أن الكف عن الإبصار قد يحدث نتيجة الحزن أو الصدمات العصبيةquot;، ثم يتساءل د. ممتاز حجازي: ومن أين جاء الافتراض بأن القميص كان به عرق ؟ أو أن العرق ظل طوال هذه الرحلة ؟ وكيف لامس القميص العين بدون أن تغلق الجفون ودون أن تصاب العين بقرحة إصابية ؟ وأي مدة ظل فيها القميص ملامساًَ للعين حتى يصل إلى العدسة الداخلية للعين وبالتركيز الكافي ؟، أما د. وحيد غالب أستاذ الفارماكولوجى والعالم الكبير، فيقول أنه عرض عليه منذ فترة عمل مستحضر طبي كقطرة من العرق بصفته مستشاراً لإحدى شركات الأدوية ولكنه لم يقتنع ورفض هذا الأمر لأنه - كما يقول - من عظمة خلق الله أن تلك المواد السامة التي يتخلص منها الجسم لا يعاد امتصاصها، فكيف يُمتص مركب اليوريا كقطرة من خلال أغشية العين وهى نفاية تخلص منها الجسم ؟ إن هذه المواد تسبب إحتقان وإلتهاب للقرنية.
[ وأفضل ماقيل تعليقاً على تلك القطرة القرآنية ماقاله د.سيد سيف أستاذ الرمد الكبير quot;نحن لا نحجر على أحد وإننا نأخذ من الجاهل كما نأخذ من العالم، بل ربما نتعلم من الجاهل أكثر، أما ما نرفضه بشده فهو لي الحقائق والمغالطة، فهذه خطيئة لابد أن يحاكم فاعلها، فهل بالفعل سيحاكم فاعلها، هذا المكتشف الجبار الذى يفتح جامع مصطفى محمود أبوابه للأعشاب التى يخترعها وتتسبب فى كوارث ومآسى حكى لى أساتذة الكبد فى مؤتمرهم الأخير عنها، بل وينشئ له صيدلية يدفع الغلابة تحويشة العمر لكى يشتروا الوهم منها، ويحصد هو الملايين من هؤلاء المساكين، كيف يسمح الأساتذة المحترمون فى مركز مصطفى محمود العلاجى ومنهم أصدقاء أعزاء بمثل هذا الهراء؟!، وكيف تتقاعس وزارة الصحة عن وقف هؤلاء عند حدهم ومنعهم من المتاجرة بالوهم، وكيف تستضيف قناة تابعة لها وهى قناة الصحة والسكان الدكتور عبد الباسط ليبث هذه الأوهام على الهواء للجمهور فى برنامج ثابت ؟، وكيف يسمح د.هانى الناظر أن يستغل إسم المركز القومى للبحوث فى ترويج الخرافات؟، وأخيراً كيف نسمح نحن كشعب أن نبيع عقولنا فى سوق النخاسة بمثل هذا الثمن البخس ولمثل هؤلاء الأدعياء ؟، إنها مأساة، إننا خرجنا حقاً من عنق الزجاجة لندخل إلى الزجاجة نفسها !، حيث الظلام والعفن والموت خنقاً وشللاً ويأساً.
[email protected]
التعليقات