1
تحل هذه الأيام ذكرى صعود المسيح إلى السماء. كلمة الله الذي أحيا الموتى، ورسول المحبة والسلام بين الناس والأمم على اختلاف ألوانهم ومشاربهم. المعلم الذي خاطب أتباعه ومريديه قائلا:إن أخذتم بالسيف، فبالسيف تؤخذون. وأحبوا من يكرهونكم، وصلّوا لأجلهم، ولمغفرة خطاياهم. فلا فضل لكم إن أحببتم فقط الذين يحبونكم.
2
حين ألقى مشايخ الدين اليهودي القبض على المسيح الإنسان، ضربوه وعذبوه وأهانوه، قبل أن يعرضوه على الحاكم الروماني مطالبين بإعدامه. فقد هدد نفوذهم وسلطتهم الدنيوية بتعاليمه الجديدة الداعية إلى الخير والحق والحياة والمساواة. وأزاح النقاب عن استغلال المشايخ للدين، وتلاعبهم به كلما اقتضت الأمور ذلك، فجعلوه أداة في خدمة أغراضهم ومآربهم الشخصية.
3
عندما أراد الحاكم الروماني إطلاق سراح المسيح بعد أن وجدوه بريئا من كل الاتهامات التي لفقوها له، هاج شيوخ الدين وماجوا، وطعنوا بقرار الحاكم، واتهموه بالانحياز إلى المسيح الذي يسمي نفسه الملك، وهددوا بعرض الأمر على سيده القيصر الذي لن يقبل بوجود ملك آخر سواه.
4
خشي الحاكم الذي لم يكن يعني له الدين شيئا، على حياته وسلطته من غضب القيصر، فسعى إلى كسب ود مشايخ الدين وعمل على إرضاءهم. لكن ضميره الذي وخزه أشار عليه بحيلة ظن أنها ستكون مجدية. فعرض على المشايخ أن يختاروا بين إطلاق سراح المسيح، أو إطلاق سراح قاتل محترف محكوم عليه بالموت. وما حسب أن شيوخ الدين سيفضلون إعدام رسول المحبة والسلام، وإطلاق سراح المجرم القاتل.
5
الجنود الحمقى، والعوام والرعاع والجهلة الذين غسل شيوخ الدين أدمغتهم، وخدروا حواسهم، وأطبقوا على عقولهم وقلوبهم، يتدافعون ويصرخون ويتضاحكون، ويتغامزون ويسخرون ويتندرون، فرحين بانتصار شيوخهم، مأخوذين بمشاهد تعذيب ابن الإنسان، مهللين لحكم الموت على رسول الحب والسلام،.
6
ما زالت تلك الحال حال العديد من الحكام وشيوخ الدين، الذين أبعد ما يكونون عن الخير والحق والمال الحلال. والذين لا يرون في الدين سوى مطية للوصول إلى مبتغاهم، وسلاحا فعّالا وأداة قهر وقمع للإبقاء على سلطانهم ونفوذهم ضد كل من تسول له نفسه أن يعترض على جشعهم وأضاليلهم، أو يتململ من سوء أفعالهم. وما زال هؤلاء وأولئك يتحالفون فيما بينهم، ويستقوون ببعضهم بعضا، ويستنزفون شعوبهم المقهورة المغلوبة. وما زالت جموع العوام على عيونها غشاوة، منقادة، ترتع في جهلها، وتستلذ بخرافاتها، تتدافع هائجة بإيماءة، وتستكين خاضعة بأخرى.
7
قبل أن يتخطى المسيح عليه السلام الموت، ويصعد عاليا إلى السماء، ويصبح علامة فارقة في تاريخ الإنسانية، معبدا طريق الحب والحق والسلام. خاطب الذي في السماء قائلا: اغفر لهم يا رب لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون. أما المقهورون والمغلوبون في البلدان التي يتاجر بعض حكامها ومشايخها بالدين، والمستضعفون والمقموعون، فيقولون: اغفر للعوام والجنود الجهلة. ولا تغفر لأولئك الطغاة والمضللين الذين يعرفون ماذا يفعلون.
وكل عام وجميع الناس بخير
[email protected]
التعليقات