أثار الفوز المثير للفتاة العراقية الأصل شذى حسون ببرنامج ستار أكاديمي و الذي حسمه إضافة لموهبتها الصوتية و تميزها الشخصي أصوات ملايين عدة من العراقيين صوتت من داخل العراق تحديدا في إنقلاب مثير للتوجهات الشعبية و قلب واضح للتوجهات الطائفية و المفاهيم المتخلفة التي ترسخت بعد سقوط نظام البعث البائد و فشل الأحزاب الدينية و الطائفية في سد الفراغ بل خلقت مراكز توتر و عوامل شد طائفية أسست ضمن أسباب و عوامل أخرى لحالة الحرب الطائفية الرهيبة القائمة في العراق و التي حولت العراق بأسره لمقبرة جماعية جامعة لسكانه و لأكبر وطن طارد لسكانه منذ فجر التاريخ في أكبر فضيحة فشل سياسي في التاريخ الحديث، و لعل فوز ( شذى ) المدوي مع كل ما صاحبه من ضجة إعلامية في هذا الزمن العراقي العصيب قد أثار جملة من المواقف بعضها إنساني محض و بعضها مرتبط بمواقف سياسية و دينية و طائفية!!، ففي الوقت الذي إعتبر بعض العراقيين ذلك الفوز بمثابة حالة توحيد شعبية ووطنية تتجاوز الآفاق و المفاهيم الطائفية المريضة السائدة في عراق المحاصصة الطائفية المريضة، بل و طالب البعض بإسناد رئاسة الوزارة لها وهي قادرة على ذلك بطبيعة الحال و بسبب ثقافتها، رفض البعض الآخر هذا الفوز و هذا الموضوع جملة و تفصيلا و أعتبره رجس من عمل الشيطان ينبغي تجنبه و التخلص من آثامه بكل السبل و الوسائل الممكنة!! و لو تطلب الأمر ذبح شذى و والدها ووالدتها ومن صوت لها من الوريد إلى الوريد تقربا لله تعالى!!! وصونا للشرف و العفاف المهدور؟، و لعل أطرف المواقف إن لم تكن أشدها خبثا موقف جماعة ( المجلس الإيراني الأعلى للثورة الإيرانية في العراق )! سواء من خلال مؤسسة ( شهيد المحراب )، أو من خلال ( إذاعة النجف ) التي طالب معلقها بسحب الجنسية العراقية من شذى ووالدها و منعهم من دخول العراق!! وهي مطالبة غريبة تذكرنا بأساليب نظام صدام البائد في سحب الجنسية عن العراقيين و إعطائها للصوماليين!!، رغم أن هنالك جملة من الوقائع الموضوعية لم تسلط عليها الأضواء كون الآنسة شذى خليط عراقي/ مغربي وهي نتاج للوحدة العربية الطبيعية الواقعية البعيدة عن الشعارات الرنانة فوالدتها مغربية وقد نشأت في المغرب في جو صحي خالي من التخلف و الطائفية المريضة وعقد التاريخ الغبية و أوهام الخرافات الغيبية و بقية الأساطير الخرافية التي هي كل عدة و برامج الأحزاب و الجماعات الدينية و الطائفية الفاشلة و الرديئة و المعبرة عن حالة الضياع العراقي الشامل و التي جعلت من المرأة العراقية المكافحة مجرد عورة ووعاء للخطيئة و نجحت بتميز في إفراغ الشارع العراقي من التواجد النسوي بسبب أساليب الإرهاب و الخطف و الإغتصاب و البلطجة المريضة.... لذلك فإن موضوع الجنسية العراقية بالنسبة لشذى ليس بالأمر المهم ولكن إنتمائها و تعلقها بجذورها و تحيزها لوطنها ليس بيد الجماعات الإيرانية!! و الطائفية، و لعل قمة المأساة تتمثل في كون الإيرانيين أو الموالين لهم هم من يصنفون الهوية الوطنية للعراقيين!!، و هم من يمنحون الجنسية العراقية و من يملكون قرار سحبها وفي ذلك قمة المأساة و الملهاة و المهزلة.
لقد تم إستبدال فاشية بعثية سوداء ذات متعلقات فكرية قومية مزيفة مخلوطة ببهارات الإشتراكية بالشعارات التقدمية الفارغة من مضامينها الحقيقية المفترضة، بفاشية أشد سوادا و قتامة و عتمة و جاهلية جعلت من العراق مزبلة كبرى لا نظير لمخلفاتها الفكرية و السلوكية توزع صكوك الغفران على منتسبيها و تمارس من الرذائل الخفية و السرية ما يجعل من أية رذائل أخرى بمثابة لعب أطفال!، لقد وصلت المهزلة لأقصى مدياتها و بات الحديث عن إنتشال العراق من واقعه الأسود أمرا مصيريا لبقايا وطن يحتضر بلا هوادة.
لقد كشفت شذى عن الوجوه الحقيقية للذين يحاولون تسويق مشروعهم الطائفي برؤوس العراقيين، و هؤلاء الطائفيون و بمساندة حثالات الفرق الإرهابية التكفيرية الذين يشيعون الموت في الحياة العراقية لا بضاعة لديهم سوى التعكير على كل ما هو جميل و تشويه كل معالم الحياة، و لكن الحقيقة التي لا يعرفها هؤلاء إن إرادة الحياة لدى ملايين المحرومين ستجعل من تلك المشاريع أضغاث أحلام لن ترى النور مهما بلغت سيوف الإرهاب شراسة فإنها سترتد لنحور مطلقيها.

[email protected]