في مقال سابق عن شلتنا الاسلاربية أتينا على ذكر الجوال الذي فقده صاحبه ولم نعثر عليه على الرغم من البحث المضني الذي أجريناه في جميع أركان المكان، مما جعل احد أعضاء الشلة يقترح ان نقوم بتفتيش الجميع بحثاً عن ذلك الجوال ورأينا كيف ان احدهم رفض ذلك التفتيش ووقف معه ودعمه البعض في هذا الرفض للتفتيش وكانت حجتهم هي أنهم يخافون من ان تتحول المسألة إلى تسريق على وزن تسييس. المهم صاحنا هذا ومَن أيدوه كانوا في حالة إصرار شديد على عدم إجراء التفتيش غير أنهم لم يقدروا على إعلان ذلك صراحة لأنهم يعلمون بان الرفض الصريح للتفتيش قد يُوجه لهم أصابع الاتهام بسرقة الجوال، أو على الأقل بمعرفة من سرقه لأن المنطق يقول بأن ألحرامي هو الذي يخاف من التفتيش، لذلك كان هذا الفريق يلاوع ويزاوغ بكلام غير مقنع وبحجج واهية. دار الجدل في هذا الموضوع طويلاً، وأكد انقسام أعضاء الشلة إلى فريقين احدهما يؤيد التفتيش بشدة ويصر على العثور على الجوال بينما الفريق الآخر يعلن انه مع التفتيش بينما يضمر الرفض ويضع العراقيل لعدم الوصول إلى اتفاق بشأن التفتيش. عندما دار الجدل لفترة طويلة ولم نصل إلى نتيجة اضطررنا إلى تشكيل لجنة للبحث في هذا الأمر والوصول إلى نتيجة تعيد الجوال إلى صاحبه. ولكن مرة أخرى دار العراك بين أعضاء تلك اللجنة، وانقسموا على أنفسهم، وصاروا فريقين متناحرين احدهما يطالب بالتفتيش بإصرار وكان هذا الفريق مكون من أربعة عشر عضواً من أعضاء اللجنة بينهم صاحب الجوال الضائع، بينما الفريق الآخر ويمثله باقي أعضاء اللجنة وعددهم ثمانية بمن فيهم الرجل الذي رفض التفتيش في بداية القصة، كان واضحاً ان هذا الفريق الأخير لا يريد التفتيش وفي نفس الوقت لا يريد ان يعلن ذلك صراحة، لذا كان يدخل اللجنة في نقاشات ومطاولات ليس لها علاقة بالموضوع، وفي كل مرة يسوق حججاً واهية لتعطيل الاجتماعات، فمرة يعلن تحفظه على تشكيل اللجنة، ومرة أخرى يقول ان الجيران يتدخلون في عمل اللجنة وفي مرات يعاود الكلام عن حكاية التسريق التي هي على وزن التسييس. طالت المناوشات بين الفريقين ووصلت إلى حد التجريح والاتهامات المتبادلة وكادت تصل مرحلة الملاكمات لو لا تدخلات الجيران بين الفينة والأخرى. في خلال هذه المناوشات وضح ان الناطق باسم فريق الرفض قد وصل إلى قناعة كاملة بأن التفتيش آت آت خاصة وان البعض قد اقترح إجراء تصويت داخل اللجنة بخصوص التفتيش، ولأنه يعرف نتيجة التصويت مسبقاً والتي لن تكون في صالح فريقه، لذا بدأ يقوم بمناورات أخرى لتعطيل الاجتماعات داخل مقر الشلة، مرة بإغراق المقر بالماء ومرة بإغلاق حجرة الاجتماعات وإخفاء المفاتيح. وأخيرا وبعد ان بلغت الروح الحلقوم من هذه المراوغات قرر الفريق الذي يريد التفتيش ان ينقل الموضوع إلى الشرطة لكي تتولى الأمر بمعرفتها، ولكن فريق الرفض اعتبر ذلك أمرا غير جائز ويعتبر تدخلاً أجنبيا في شئون الشلة، ولذلك قام الناطق باسم هذا الفريق بمراوغة أخرى بأن اقترح إشراك الجيران في هذه المناوشات. وقد يكون نبيهاً في هذا الاقتراح لأنه تنبه الى ان صاحب الجوال مصر على التفتيش والكثيرون يؤيدونه في ذلك، وتدخل الجيران ان تم فقد يتيح له متسعاً من الوقت علَّ الموضوع ينتهي على خير ولا يصل إلى الشرطة، أو على الأقل ليثبت انه حاول الحئول دون الوصول إلى الشرطة، خاصة وصاحبنا هذا يبدو انه غير مقتنع بمواقفه وأفكاره السابقة ولكنه مغلوب على أمره، ولكنه بالقطع ليس برئ من تعطيل التفتيش عن الجوال .